في ظل استعداد المغرب ليكون ضيف الشرف في المعرض الدولي للزراعة في باريس من 22 فبراير إلى 2 مارس، تطفو على السطح قضية مثيرة للجدل: دور المهاجرين الزراعيين في جعل المغرب “بستان أوروبا”.
وبحسب تقرير لصحيفة “لاكروا” الفرنسية، فإن المملكة، التي تُعد المورد الأول للاتحاد الأوروبي بالفواكه والخضروات، تواجه اتهامات بـ”المنافسة غير العادلة”، وذلك بسبب اعتمادها على آلاف العمال الزراعيين غير الشرعيين الذين يشكلون يدًا عاملة رخيصة وضعيفة.
وفي منطقة تدارت، على بعد حوالي 30 كيلومترًا جنوب أكادير، تبدأ حكاية هؤلاء العمال مع شروق الشمس. وعند الساعة 5:30 مساءً، تتوقف شاحنة صغيرة فجأة، لتنزل منها مجموعة من العمال القادمين من دول إفريقيا الوسطى والغربية. يتفرقون في أحياء مليئة بالمحلات التجارية والمقاهي الشعبية، حيث يشاهدون مباريات الدوري الإنجليزي الممتاز.
وهذه المنطقة، المعروفة باسم إقليم شتوكة آيت باها، هي قلب الزراعة المغربية الحديثة. فهي تضم أكثر من 20 ألف متر مربع من البيوت البلاستيكية (الصوبات الزراعية) وعشرات مصانع تعبئة الفواكه والخضروات.
وهنا، يعمل الآلاف من العمال، معظمهم من المهاجرين غير الشرعيين، في ظروف صعبة لضمان وصول المنتجات المغربية إلى الأسواق الأوروبية بأسعار تنافسية.
اليد العاملة الرخيصة: سر النجاح أم نقطة الخلاف؟
ويعتمد القطاع الزراعي المغربي بشكل كبير على العمال المهاجرين، الذين يعملون لساعات طويلة مقابل أجور زهيدة. وهؤلاء العمال، الذين يأتون من دول مثل السنغال ومالي والكاميرون، يعيشون في ظروف معيشية صعبة، غالبًا ما تكون بعيدة عن أي حماية قانونية أو اجتماعية.
وتقول إحدى العاملات في إحدى الصوبات الزراعية: “نعمل من الفجر حتى الغروب، ونحصل على أجر بالكاد يكفي لشراء الطعام. نحن هنا لأننا لا نملك خيارًا آخر”.
وفي الوقت الذي يستعد فيه المغرب لعرض إنجازاته الزراعية في معرض باريس، تتعالى الأصوات في أوروبا منتقدة ما تسميه “المنافسة غير العادلة”.
فبينما تستفيد الدول الأوروبية من المنتجات الزراعية المغربية الرخيصة، يتم انتقاد المغرب لاستغلاله العمال المهاجرين وعدم توفير ظروف عمل لائقة.
من جهتها، تدافع الحكومة المغربية عن سجلها الزراعي، مؤكدة أن القطاع يوفر فرص عمل للآلاف ويُسهم في تنمية الاقتصاد الوطني. كما تشير إلى أن المغرب يعمل على تحسين ظروف العمال من خلال إصلاحات تشريعية وبرامج تدريبية.
مستقبل الزراعة المغربية: بين الطموحات والتحديات
ومع استمرار النمو في القطاع الزراعي، يواجه المغرب تحديًا كبيرًا في تحقيق التوازن بين الطموحات الاقتصادية وضمان حقوق العمال. فهل يمكن للمغرب أن يحافظ على مكانته كـ”بستان أوروبا” دون تحسين ظروف العمال الذين يجعلون هذا النجاح ممكنًا؟
وفي الوقت نفسه، تظل قضية المهاجرين الزراعيين نقطة خلاف بين المغرب والاتحاد الأوروبي، حيث تطالب بعض المنظمات الحقوقية بفرض شروط أكثر صرامة على الواردات الزراعية لضمان احترام حقوق العمال.
تعليقات الزوار ( 0 )