بخّر فيروس “كورونا” المستجد، حلم عدد كبير من الأطفال القاصرين الذين كانوا يتواجدون في مدينة الناظور التي يطلق عليها جزافا “باب أوروبا”، من أجل تحقيق حلم الهجرة صوب “الفردوس الأوروبي”، كون التدابير والإجراءات التي تتخذها السلطات جعلت حلمهم يتبخر ويتحول إلى معاناة، إذ تعمل على توقيفهم وترحيلهم إلى المدن التي ينحدرون منها.
وكان هؤلاء الأطفال الذين ينعتون ب”الحراكة”، قد قدموا إلى مدينة الناظور من مختلف مدن وجهات المملكة، بغرض ملامسة “الحلم الأوروبي”.. أعداد منهم تمكنوا من الوصول إلى شبه الجزيرة الأيبيرية، وآخرون يتواجدون بمركز إيواء المهاجرين بمدينة مليلية المحتلة، والباقون بشوارع مدينتي الناظور وبني أنصار تطالهم الاعتقالات.
ويقول أحد “الحراكة” في حديثه إلى جريدة “بناصا”، إنه قدم إلى مدينة الناظور من مدينة زاكورة، من أجل تغيير واقع وصفه بـ”المزري” يعيش على وقعه إزاء فقدانه لوالديه، وأنه يحاول الهجرة إلى أوربا بمختلف الطرق، لكن الحملات الأمنية التي تشنها السلطات، جعلته يقتنع بأن أمر الهجرة أصبح صعبا وشبه مستحيل.
وتشن سلطات الناظور حملات توقيفات واسعة في صفوف الأطفال القاصرين، حيث تقوم باعتقالهم وتخضعهم لمجموعة من الإجراءات والتدابير، بما فيها تلك المتعلقة بفيروس “كورونا”، قبل أن تعمل على ترحيلهم على متن حافلات إلى مدنهم الأصلية.
ولم يكشف مسؤول أمني تحدث إليه موقع “بناصا” عن عدد الأطفال الموقوفين والذين تم ترحيلهم إلى مدنهم، مكتفيا بالإجابة بأن عددهم كبير وأن الحملات الأمنية مازالت مستمرة لتوقيفهم، في حين كشف متتبعون أن الموقوفين يزيد عددهم عن 1000 “حراكا”، إذ يتم ترحيلهم في إطار مجموعة.
ومن جهتهم، قال نشطاء بالمنطقة، إن غالبية الأطفال كانوا على اتصال دائم بعائلاتهم، وأنهم كانوا يتحينون الفرص من أجل الوصول إلى “الفردوس المفقود”..منهم من تمكنوا من ملامسة الحلم الأوربي عن طريق “قوارب الموت”، التي تنطلق من سواحل إقليم الناظور المطلة على الواجهة المتوسطية.
ويلاحظ، أن الجمعيات التي تنشط في مجال الهجرة والطفولة لم تصدر أي بلاغ حول عملية التوقيفات التي تقوم بها السلطات، غير أن وسائل إعلام محلية، تحدثت عن رفض عائلات الأطفال المرحلين استقبالهم، بدعوى أنهم يريدون أن يظلوا في مدينة الناظور من أجل تنفيذ عملية الهجرة صوب الضفة الأوربية.
ويشتكي عدد كبير من ساكنة مدينة الناظور من تصرفات “الحراكة” وممارساتهم، إذ يتهمونهم بـ”السرقة، التعاطي للمخدرات والخمور وشم أقمشة “السيليسيون”، وكذا التعاطي للشذوذ الجنسي بالفضاءات العامة”، وهذا ما يفسره فاعلون كون غالبية هؤلاء الأطفال؛ ضحايا الهدر المدرسي والتفكك الاجتماعي والعلاقات الجنسية غير الشرعية، وأنهم لم يجدوا أي مكان يلجؤون إليه غير الشارع.
هذا، وبالرغم من حملة التوقيفات التي تشنها السلطات وأمام تفشي فيروس “كورونا”، فان هؤلاء المهاجرون القاصرون،..اختاروا ركوب البحر والتسلل إلى حافلات نقل المسافرين رغبة منهم في الوصول إلى “القارة العجوز”،..شعارهم في ذلك، إما أن “نموت أو نصل إلى الضفة الأخرى، ليس لدينا ما نخسره”.. في وقت يعانون من غياب مرافق التربية والحق في أبسط أمور العيش الكريم والحقوق التي تنص عليها المواثيق الدولية لحمايتهم من مخالب الضياع والتشرد.
تعليقات الزوار ( 0 )