شارك المقال
  • تم النسخ

قوات الاحتلال الإسرائيلي تعاود اجتياح مناطق واسعة في قطاع غزة وسط مخاوف من تكرار عمليات الإعدام الميداني

تصاعدت حدة الهجمات التي تنفذها قوات الاحتلال الإسرائيلي ضد قطاع غزة، والتي تركزت على وسط القطاع ومدينة خان يونس جنوبا، في الوقت الذي عادت فيه تلك القوات لتنفذ عملية توغل برية في المناطق الجنوبية الغربية والشمالية لمدينة غزة، بعد أن انسحبت منها قبل أكثر من ثلاثة أسابيع، وأوقعت تلك الهجمات عشرات الشهداء والمصابين.

عودة التوغل لغزة

وعادت آليات كثيرة لجيش الاحتلال وتوغلت في عدة مناطق في جنوب غرب مدينة غزة، حيث وصلت الآليات إلى منطقة “مربع أنصار”، بعد أن قطعت مسافة بعيدة من مناطق تمركزها جنوب المدينة، على أطراف حي تل الهوا، للوصول إلى هذه المنطقة.

كما تقدمت آليات الاحتلال من المنطقة الشمالية باتجاه مستشفى الرنتيسي، الواقع في حي النصر، والذي تعرض سابقا لهجوم بري عنيف.

وتنتشر في هذه الأوقات تلك الآليات بشكل كبير في تلك الأماكن، التي يسمع فيها بين الحين والآخر أصوات انفجارات.

وطالت عملية التوغل أيضا منطقة تل الهوا جنوب غزة، حيث حاصرت قوات الاحتلال عدة مراكز إيواء تؤوي آلاف النازحين.

وجاءت عملية التوغل البرية الجديدة، بعد أكثر من ثلاثة أسابيع على انسحاب تلك القوات من تلك المناطق، وخروجها إلى مناطق تقع على أطراف المدينة.

وقال سكان من منطقة مربع أنصار لـ “القدس العربي”، إن عملية التوغل استبقت بغارات جوية على شكل “أحزمة نارية” ضربت المنطقة بعنف، وأدت إلى تدمير العديد من المباني، وأكدوا أنهم سمعوا في المحيط بعد تلك الغارات أصوات عربات الإسعاف.

وأشار محمد عثمان وهو أحد المواطنين الذين تواصلت معهم “القدس العربي”، إلى أن تحذيرات عدة وردت إليهم من الجيران بوجود قناصة يعتلون عدة بنايات عالية في المكان، يطلقون النار على كل من يتحرك في الشوارع.

وأوضح هذا المواطن أنهم كانوا قد نزحوا سابقا خلال عملية التوغل البرية لمنطقة سكنية قرب مجمع أنصار ودوار أبو مازن، إلى مناطق وسط مدينة غزة، وأنهم كغيرهم من الجيران عادوا إلى بيوتهم التي لحق بها ضرر كبير، بعد انسحاب آليات الاحتلال من المكان.

وقال إن بيوتهم التي سبق وأن تعرض محيطها لقصف جوي ومدفعي كانت متضررة بشكل كبير، فيما هدمت العديد من منازل الجيران، لافتا إلى أن العديد من سكان تلك المنطقة كانوا يتجمعون في منازل محددة صالحة للسكن للإقامة فيها، بعد تدمير الكثير من المنازل هناك.

وحسب رواية شاهد عيان آخر من النازحين، فقد قال لـ “القدس العربي” إن قوات جيش الاحتلال، التي تنفذ عملية توغل عنيفة في المنطقة، تقوم بعمليات اعتقال واسعة في صفوف المواطنين.

مخاوف من الإعدام الميداني

وأشار إلى أن الحملة طالت شبانا ورجالا كبارا في السن، حيث جرى اقتياد عدد منهم من أماكن سكنهم، إلى الآليات المصفحة ومنها إلى مناطق مجهولة.

وأكد أن هناك حالة خوف شديدة تنتاب سكان تلك المناطق، حيث يخشون أن يتعرضوا لعمليات “إعدام ميداني” بعد اعتقالهم، على غرار سوابق كثيرة نفذها جيش الاحتلال في مدينة غزة وشمالها، في بدايات عملية التوغل البرية، والتي طالت أطفالا ونساء ورجالا مسنين.

وقد وثق نازحون من غزة خلال خروجهم بأوامر من جيش الاحتلال لأماكن أخرى، صورا لجثث كثيرة كانت تملأ الشوارع، جرى إطلاق النار عليها من قبل جيش الاحتلال، بعد أن قام بإخراجهم من منازلهم قسرا.

كما روى مواطنون آخرون قصصا أكدوا خلالها قيام جيش الاحتلال بإعدام أفراد من أسرهم أمام أعينهم، ومن بينها روايات لأطفال فقدوا آباءهم.

إلى ذلك فقد واصلت قوات الاحتلال الإسرائيلي هجومها البري على وسط قطاع غزة ومدينة خان يونس جنوبا، وطال القصف المدفعي والجوي العديد من المربعات في مخيم المغازي وسط القطاع.

وذكرت مصادر محلية أن قوات الاحتلال استهدفت مناطق تقع وسط مخيم النصيرات وعلى أطراف المخيم الشمالية، بالإضافة إلى استمرار العملية العسكرية على أطراف مخيم المغازي.

وأدت هذه الغارات الجديدة إلى سقوط العديد من الشهداء والجرحى الذين نقلوا إلى مستشفى شهداء الأقصى القريب.

وفي مدينة خان يونس جنوب القطاع، استمر الهجوم البري العنيف الذي تنفذه قوات الاحتلال، والذي طال غالبية مناطق المدينة، بعد أن وسع جيش الاحتلال خلال اليومين الماضيين من نطاق العمليات، بتهديده أربعة مربعات سكنية جديدة بالإخلاء القسري.

ووفق مصادر محلية وطبية، فإن قصفا عنيفا استهدف محيط مستشفيي ناصر والهلال في المدينة، وسط اشتباكات بين المقاومة وجيش الاحتلال، كما استهدفت الغارات منطقة بطن السمين، إلى جانب استهدافات أخرى طالت وسط المدينة ومنطقة بني سهيلا ما أدى إلى تدمير مربعات سكنية.

وسمعت أصوات الانفجارات التي طالت مدينة خان يونس في مدينة رفح المجاورة، والتي طلب جيش الاحتلال من سكان المدينة الأولى اللجوء إليها، ورغم ذلك شن عدة غارات جوية هناك.

وكان جيش الاحتلال زعم أنه عثر في خان يونس على أشياء يبدو أنها تعود للجنود الأسرى لدى المقاومة، وأشار إلى أن قواته قامت بتفتيش مقبرة في غزة للعثور على جثث الأسرى، حيث تم نقل بعض الجثث التي تم إخراجها من المقبرة إلى إسرائيل للفحص وتحديد الهوية.

وقد أكد سكان مدينة خان يونس أن جنود الاحتلال عبثوا في مقبرة المدينة، وأخرجوا جثث الكثير من الشهداء، حيث قامت الآليات العسكرية بدهسها بشكل متعمد، قبل نقل جثامين من هناك.

وكانت تقارير عبرية ذكرت أن عائلات الأسرى الإسرائيليين في غزة توعدت حكومة الاحتلال، بأن أيام التسامح معها انتهت، وأن أي تأخير في إبرام صفقة تبادل أسرى مع حماس، “سيزيد من ثمن حياة أسير آخر”، وأن هذه العائلات طالبت الحكومة بالدخول في مؤتمر دولي يقود إلى اتفاق فوري لإطلاق سراح كل الإسرائيليين.

هجمات المقاومة

وفي مرات سابقة، أعلن الجناح العسكري لحركة حماس مقتل عدد من الجنود الإسرائيليين الأسرى، جراء هجمات وغارات شنها جيش الاحتلال ضد غزة خلال الحرب، كما اعترف جيش الاحتلال بقتل عدد من جنوده في منطقة الشجاعية شرق مدينة غزة.

إلى ذلك فقد واصلت المقاومة الفلسطينية تصديها للقوات الإسرائيلية المتوغلة، في عدة مناطق في القطاع، خاصة في وسط القطاع وجنوبه.

وأكدت الفصائل المسلحة في بلاغات عسكرية استهدافها آليات الاحتلال بقذائف مضادة للدروع، كما أعلنت عن قيامها بتفجير عبوات ناسفة في تلك القوات، مؤكدة إيقاع خسائر عدة في صفوفها.

وأعلنت كتائب القسام الذراع العسكري لحركة حماس، عن تمكن ناشطيها من إطلاق رشقات صاروخية أيضا على مستوطنات تقع في منطقة غلاف غزة.

وفي هذا السياق، ذكرت القناة “12” الإسرائيلية أن عملية إجلاء جرحى الجيش الإسرائيلي من غزة تواجه العديد من التحديات العملياتية والتهديدات.

وأشارت إلى أن قوات الإنقاذ تواجه تهديدات بإطلاق صواريخ مضادة للدروع من نوع “آر بي جي” ونيران القناصة والمنازل المفخخة.

وأوضحت أن العبوات المزروعة في أحد المنازل في غزة تسببت في انهياره على الجنود الإسرائيليين وقوات الإنقاذ.

وفي سياق قريب، فقد تواصلت المأساة الإنسانية لسكان غزة، خاصة النازحين الذين تركوا منازلهم قسرا، بفعل الهجمات الإسرائيلية.

وقد دفعت الحرب إلى نزوح أكثر من 1.9 مليون من أصل 2.2 مليون نسمة، من بينهم 1.4 مليون يقيمون في “مراكز الإيواء” التابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا”، فيما يقيم الآخرون عند أقارب وأصدقاء، وآخرون كثر في خيام بلاستيكية تنتشر في الشوارع خاصة في مدينة رفح التي يقيم فيها غالبية النازحين.

وذكرت “الأونروا” أن ️عدد سكان رفح تضاعف 4 مرات تقريبا ليصل إلى أكثر من 1.2 مليون نسمة، لافتة إلى أن الاكتظاظ خانق في المناطق الوسطى، حيث يكافح الناس للحصول على الغذاء والدواء وهم يشعرون بالبرد.

انعدام الأمن الغذائي

إلى ذلك، فقد حذرت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني من تدهور الأوضاع الإنسانية في مناطق مدينة غزة والشمال، جراء استمرار العدوان والحصار الإسرائيليين، اللذين يمنعان إيصال المساعدات.

وقالت الجمعية في بيان لها، إن نحو 800 ألف مواطن يعانون من “انعدام الأمن الغذائي”، ونقص المياه النظيفة، وتدمير واسع النطاق للبنية التحتية، عدا عن شح كبير في المواد الأساسية، بما في ذلك الخبز والخضراوات وحليب الأطفال والأدوية والفوط الصحية، ما أدى لتفاقم الصعوبات التي يواجهها المواطنون.

وأشارت إلى أن المواطنين يلجأون لطحن البقوليات، لمحاولة صنع الخبز لانعدام الطحين، لافتة إلى أنهم باتوا يعانون مع تفاقم الوضع في فصل الشتاء من البرد الشديد، وندرة وسائل التدفئة والبطانيات والتغذية السليمة، خاصة بعد الأضرار الجسيمة التي لحقت بغالبية المنازل وتحطم نوافذها.

وطالب الهلال الأحمر الفلسطيني المجتمع الدولي والمؤسسات الإنسانية الدولية بـ “التدخل العاجل بالضغط على سلطات الاحتلال للسماح بفتح ممر إنساني آمن يضمن وصول المساعدات إلى شمال القطاع، بما في ذلك المستلزمات الطبية والوقود، وتفعيل برامج الإغاثة، وإعادة إحياء المنظومة الصحية في محافظتي غزة والشمال”.

(القدس العربي)

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي