تتجاوز قضية ترسيم الحدود البحرية بين المغرب وإسبانيا الأبعاد الجغرافية والقانونية لتكشف عن عمق التوترات السياسية بين البلدين، فالخلاف حول الصحراء المغربية يلقي بظلاله على جميع الملفات الثنائية، بما في ذلك ملف الحدود البحرية.
وفي هذا الصدد، أكد خبير قانوني دولي سابق، أن ترسيم الحدود البحرية بين المغرب وجزر الكناري لن يتحقق إلا بعد حل قضية الصحراء الغربية المغربية.
وقال أنجل لوبرينتي فرنانديز دي لا ريغيرا، المستشار الدولي السابق، في تصريح لوسائل الإعلام الإسبانية، إن “ترسيم المياه الإقليمية للكناري يتطلب التوصل إلى اتفاق مع منطقتين مجاورتين: المغرب والجزر المجاورة، وهذا غير ممكن في الوقت الحالي”.
وأوضح لوبرينتي، الذي عمل ست سنوات في السفارة الإسبانية بالمغرب وكان جزءًا من فريق دعم مفاوضات الحدود البحرية، أن جزر الكناري هي المجتمع الذاتي الوحيد الذي يمتلك مياه داخل نطاقه الإقليمي، مضيفًا أن إجمالي أراضي الأرخبيل، بما في ذلك مساحاته البحرية، يتجاوز مساحة مجتمعات الحكم الذاتي التاريخية مثل كتالونيا وغاليسيا والباسك.
وأشار لوبرينتي إلى أن المفاوضات السابقة مع المغرب وصلت إلى طريق مسدود عندما حاولت إسبانيا فرض خط الوسط كقرار نهائي، في حين أن المغرب، ملتزمًا بمبدأ الإنصاف وليس المسافة المتساوية، حيث سعى إلى مساحة بحرية أكبر.
وفي عام 2020، صوت البرلمان المغربي على قانونين يحددان مياهه الإقليمية (12 ميلاً بحرياً) ومنطقته المتاخمة (24 ميلاً بحرياً)، بالإضافة إلى المنطقة الاقتصادية الخالصة التي تمتد إلى 200 ميل بحري. وتم تحديد هذه القوانين وفقًا لاتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار الموقعة في مونتيغو باي، جامايكا، في 10 دجنبر 1982.
وأشار الخبير إلى الأهمية الاستراتيجية للموارد البحرية في منطقة تروبيك، حيث طلبت إسبانيا من الأمم المتحدة تمديدًا لمسافة 150 ميلاً خارج منطقتها الاقتصادية الخالصة البالغة 200 ميل.
وأعرب رئيس جزر الكناري، فرناندو كلافيجو، عن تأييده لموقف إسبانيا خلال زيارته للمغرب في أكتوبر الماضي. وفي محادثاته مع وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة، صرح كلافيجو صراحةً بأن “حكومة جزر الكناري تلتزم تمامًا بسياسة الحكومة الإسبانية، كما لا يمكن أن يكون الأمر خلاف ذلك”، مشيراً إلى أن هذا الدعم عزز مناخ الثقة والتعاون بين الطرفين.
وذكرت وسائل الإعلام الإسبانية أن مدريد تخطط لنقل إدارة المجال الجوي للصحراء الغربية المغربية، الذي يشرف عليه حاليًا ENAIRE من مركز مراقبة الحركة الجوية في جزر الكناري، إلى المغرب.
ويتماشى هذا التحول المخطط مع النقطة السابعة من الإعلان المشترك المغربي الإسباني الصادر في أبريل 2022، مما يعكس الديناميات الجديدة في العلاقات الثنائية بعد دعم إسبانيا لمبادرة الحكم الذاتي المغربية حول الأقاليم الجنوبية.
تعليقات الزوار ( 0 )