Share
  • Link copied

قضية الصحراء المغربية. هل تعرض تركيا وساطتها؟

تعتبر تركيا واحدة من الدول الإسلامية القلائل التي تربطها علاقات متميزة مع الأطراف المعنية بقضية الصحراء بالرغم من عدم اعترافها بالبوليساريو، ودعمها للوحدة الترابية للمملكة المغربية، وللمسار السياسي القائم على قرارات مجلس الأمن. فبعد أقل من ثلاثة أيام على إعادة فتح المعبر الحدودي للكركرات، تناقلت وسائل إعلام وطنية وأجنبية عن وجود اتصالات بين وزراء خارجية تركيا والمغرب والجزائر، ومعلومات تفيد أن هناك ترتيب لوساطة تركية بين المغرب والجزائر. وكما هو معلوم، فشلت محاولات العديد من الدول العربية والإسلامية في وساطتها بين المغرب والجزائر، نظرا للطبيعة المعقدة لملف الصحراء، وعدم قدرة الوسطاء على التقدم بعرض لحل الأزمة. وما دام ملف الصحراء قد أخذ مساره السياسي الصحيح بأروقة الأمم المتحدة، بما يخدم مصالح المغرب، ويدعم موقفه على أرض الواقع، والذي تعزز بقرار ست عشرة دول فتح قنصليات لها بجهة الصحراء. فإنه بعد عملية الكركرات، وما واكبها من مواقف دولية داعمة لسيادة المغرب، يتضح أن البوليساريو كحركة سياسية أصبحت معزولة، وأعمال ميليشياتها مرفوضة من الجميع. وفي ظل هذا الوضع، يشوب غموض كبير طبيعة العرض الذي يمكن أن تقدمه تركيا كوسيط بين الجزائر والمغرب.

وبالعودة إلى الترتيبات التي سبقت عملية الكركرات، عقد المغرب عدة لقاءات ومشاورات مع شركائه الدوليين. حيث زار وزير الخارجية الأمريكي المغرب، والتقى كل من ناصر بوريطة وعبد اللطيف الحموشي، بالإضافة إلى زيارة وزير الدفاع الأمريكي في بداية اكتوبر. وفي الخامس من نونبر، استقبل المغرب كل من وزير القوات المسلحة البريطانية وكبير مستشاري الدفاع البريطاني في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. دون أن ننسى الزيارة الأخيرة لوزير خارجية فرنسا، والتي سبقتها زيارة وزير الداخلية في شهر أكتوبر الماضي.

وبهذا، يمكن القول أن المغرب أعد جيدا، ليس فقط لعملية الكركرات، وإنما لكل السيناريوهات المحتملة لتطور الأحداث شرق الجدار العازل. ورغم صعوبة الأمر، لابد من الإعتراف بالتغير الكبير الذي شهده ملف الصحراء، بحيث تحول من قضية تقرير المصير إلى قضية معبر وممر تجاري. ومن الواضح أن نجاح عملية الكركرات، قد أضاع على البوليساريو فرصة التفاوض على مقترح الحكم الذاتي. 

وعلى ضوء ما سبق، أعتقد أن الأطراف المعنية بملف الصحراء باتت تعرف جيدا مآل القضية، بل حتى الأطراف غير المعنية، وهو ما قد يدفع تركيا لعرض وساطتها، لأن الجميع مقتنع أن المسار القانوني والسياسي انتهى غرب الجدار العازل. لذا ينبغي التفكير في حل لمشكلة اللاجئين بمخيمات تندوف، فهل تدفع تركيا في مسار إحداث منطقة آمنة شرق الجدار العازل أم أن الجزائر لم تفهم بعد رسالة الرباط جيدا؟

باحث في العلاقات الدولية.

كلية الحقوق، فاس

Share
  • Link copied
المقال التالي