قضت محكمة العدل الأوروبية، الأربعاء الماضي، بإلغاء اتفاقيتي الصيد والتجارة الحرة والمنتجات الزراعية، الموقعتين بين الرباط وبروكسيل، بسبب شمولهما الصحراء، وسط مخاوف كبيرة في أوساط الصيادين المغاربة والإسبان من الانعكاسات السلبية المحتملة لهذه الخطوة، وما يمكن أن تسفر عنه من ضربٍ لمصادر قوت العديد من الأسر.
واعتبرت جريدة “إل باييس” الإسبانية، أن قرار المحكمة الأوروبية، له أهمية سياسية، لكنه لن يكون له أي تأثير على الجانب الاقتصادي، إلى جانب أن المرغب، مقتنع تماماً بأن العدالة في القارة العجوز، ستنتهي بالحفاظ على الاتفاقيات كما هي، مقابل ذهاب جبهة البوليساريو الانفصالية، إلى أن أي تغيير في الحكم، سيكون “فضيحة لم يسبق لها مثيل في الاتحاد الأوروبي”.
وأضافت الجريدة، أن “كلا من المصادر المغربية التي تم التشاور معها، وجبهة البوليساريو، تتطابق في الإشارة إلى أن التداعيات السياسية للاتفاقيتين أكبر بكثير من الآثار الاقتصادية”، مردفةً أنه في كل مرة تذكر فيها اتفاقية الصيد، يتم الإشارة إلى أنها تؤثر على 128 سفينة، من بينها 93 سفينة إسبانية.
وأوضحت الصحيفة، أن السفن الإسبانية تنقسم إلى خمس فئات؛ الشباك الكيسية، سفن الخيوط الطويلة السفلية، الجنوب الحرفي، سفن الصيد بشباك الجر في القاع، سفن التونة ذات العمود والخيط، ولا يعمل منها في المياه المتاخمة للصحراء المغربية، سوى فئات الجنوب الحرفي وشباك الجر في قاع البحر، بمجموع 22 قارباً.
ونبهت إلى أن هذه السفن، قد لا تصطاد جميعها في المنطقة سنويا، جيث لم يتعدى عدد السفن التي مارست أنشطتها في السواحل المغربية بالصحراء، الخمس، متابعةً أ، هناك نوعاً آخر من الصيد في الاتفاقية، ويتعلق بالأسماك السطحية، بـ 18 قارباً، جميعهم من ألمانيا وهولندا، حيث يصطادون أطناناً أكثر من أي قوارب أخرى.
واسترسلت أنه بالنسبة لإسبانيا، هناك مصلحة اقتصادية في الاتفاقية، لكن “الثقل السياسي الذي يحيط الاتفاقية أكبر بكثير”، مشيرةً، نقلا عن مصدر مطلع، إلى أن الحكومة الإسبانية، تؤيد في الوقت الحالي الدفاع عن مصالح المغرب أمام الاتحاد الأوروبي، بحيث تواصل الرباط طريقها لإعادة العلاقات مع مدريد، ومن المرجح أيضا أن تحظى بدعم ألمانيا وهولندا أيضا.
وزادت أن المنفعة الاقتصادية التي يجنيها المغرب من الاتفاقية، ليست مهمة، غير أن دفاع بلدان أوروبا أمام القضاء، عن الشراكة، يخدم مصالح المملكة، لتكريس مغربية الصحراء، مبرزةً أن الرباط تتلقى مقابل السماح بالوصول إلى مياهها في الجنوب، ما متوسطه 50 مليون يورو سنويا، وفقا للاتفاقية الأخيرة الممتدة من 2019 لـ 2023.
ونقلت “إل باييس”، عن سفير مغربي سابق لدى الاتحاد الأوروبي، رفض الكشف عن اسمه، قوله إن “القيمة الاقتصادية لهذه الاتفاقيات لا تذكر مقارنة بأهميتها السياسية”، مؤكداً أنه نقل ذات مرة الرسالة التالية إلى زملائه الأوروبيين: “حل الصحراء المغربية هو امتياز حصري لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، سيأتي يوم تعلن فيه عن نفسها قانونيا”.
وأوضح أنه، في انتظار تحقق هذا الأمر، “فإن السكان الذين يعيشون في تلك المنطقة، لهم الحق في التنمية، والمغرب استثمر الكثير منذ استعادة المنطقة سنة 1975. ومقابل كل يورو يتم إنتاجه في الصحراء تصرف الدولة سبعة”، منبهاً إلى أنه حين يوقع الاتحاد الأوروبي اتفاقيات التجارة الحرة مع المغرب تشمل الصحراء، فإنه “يتماشى مع موقفه في الدفاع عن التجارة الدولية كعنصر من عناصر التنمية بين الشعوب”.
وتساءل السفير المغربي، وفق ما جاء في الصحيفة: “أليس جعل الصحراء تشارك في التجارة الدولية حلاً عادلا؟ لا؟، هذا سيعاقب السكان”، مشدداً على أن المملكة “بغض النظر عن قرار المحكمة، سيتواصل الاستثمار في أقاليمها الجنوبية”.
تعليقات الزوار ( 0 )