صوت أعضاء مجلس الأمن الدولي على القرار 2756، حيث تم إقرار تمديد ولاية بعثة المينورسو لمدة سنة. وإن حافظ قرار مجلس الأمن على نفس اللغة والصياغة التي ميزت القرار السابق 2703، فإن ما خلق الفارق هو النقاش الذي دار بين أعضاء المجلس وعلى الخصوص الموقف الفرنسي ورد الفعل الجزائري تجاه المقترح وعند التصويت، ما خلق مفاجأة لرئاسة الجلسة التي عبرت عن استغرابها من موقف ممثل الجزائر، فلا هو قبل القرار ولا هو رفضه ولا هو شارك في التصويت. هذه الصورة السريالية كانت مؤشرا على حالة التخبط الذي يعيشه النظام العسكري وحالة الإحباط الكبير الذي بلغ مبلغه في مفاصل القرار السياسي والديبلوماسي وسيرورة طبيعية في ظل تراكم الإخفاقات.
إن غيض الجزائر وما يقع لها يجد معناه في الآية الكريمة ” وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا ۚ وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ ۚ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا”. فلم ينل النظام العسكري من وراء مؤامراته الخبيثة أي خير بل دخل دوامة العزلة والانغلاق، وهو ما يفسر كلمة الرثاء التي تلاها عمار بن جامع، وملامحه يغمرها اليأس والحزن وهو يوجه الاتهامات للولايات المتحدة الأمريكية صاحبة القلم ودون أن ينبس بكلمة تجاه ممثل الدولة الفرنسية الذي عبر عن موقف بلاده الواضح باعتبار أن الحل لن يكون إلا في إطار السيادة المغربية حاضرا ومستقبلا، وفق مبادرة الحكم الذاتي الواقعية والبرغماتية والجدية وذات مصداقية.
إن طرح الجزائر لتعديلات خارج السياق وسيرورة الملف والذي قابله تجاهل جل أعضاء المجلس، أبرز مكانة هذه الدولة، حيث لم تحصل على النصاب القانوني وجنب ذلك الأعضاء الدائمين اللجوء لحق النقض ‘”الفيتو”، وهو ما يمكن تصويره بمقولة الفنان المصري عادل إمام في مسرحية الواد سيد الشغال “بتحط نفسك في مواقف بايخة”.
إن المغرب وإن لم يكن حاضرا ضمن أعضاء المجلس في هذه الدورة، فإن ثقله السياسي والديبلوماسي كان مؤثرا في صياغة المسودة والنقاش حول القرار والتصويت عليه والتعقيبات التي تلت ذلك، وكان موقف روسيا حول التعديلات الجزائرية الذي ساير باقي الدول الكبرى بالامتناع في ظل غياب النصاب، تجسيدا لتصريح سابق لوزير الخارجية الروسي الذي أشار إلى أن الجزائر لا وزن ولا هبة لها.
إن ما ميز هذا القرار هي تلك الوصلة البكائية لعمار بن جامع، وعويله، وربما تمنى أن لا يكون حاضرا في هذا الموقف، وأن يهرب من الحضور لهذه الإهانة التي تعرضت لها الديبلوماسية بل لربما تمنى أن لا تحصل الجزائر على هذه العضوية غير الدائمة، حيث خرج منها النظام العسكري بخفي حنين…
باحث في الاقتصاد السياسي
تعليقات الزوار ( 0 )