” في حال استمرت الأعداد في الارتفاع، فإن اللجنة العلمية المختصة بوباء كوفيد 19 قد توصي بإعادة الحجر الصحي بل وزيادة تشديده”، هكذا تحدث الملك محمد السادس خلال خطاب ألقاه بمناسبة الذكرى السابعة والستين لثورة الملك والشعب.
بعد أزيد من شهر على الخطاب الملكي، مرَّت تحت الجسر مياه كثيرة، وارتفعت الإصابات والوفيات بشكل ملحوظ، حتى أن المغرب تجاوز الأرقام المعلنة بالصين، بؤرة الوباء ونواة انطلاقه نحو العالم.
الحصيلة الأخيرة، لمصابي “كوفيد” بالمغرب، سجَّلت 117 ألفا و682 إصابة، بعد تسجيل 2444 إصابة جديدة خلال 24 ساعة الماضية، في وقت كان أقصى ما توقعه المسئولون المغاربة بداية انتشار الوباء ألا يتعدى الرقم 10 آلاف.
عبر العالم، ومع الحديث عن موجة ثانية من الوباء تزامنا مع حلول فصل الخريف، بادر عدد من كبار سياسيي العالم إلى اتخاذ قرارات إغلاق للمحلات والمطاعم في وقت أبكر زيادة على اللجوء إلى العمل من المنازل.
بالمغرب، عمد مسؤولون إلى اتخاذ قرارات مشابهة بعدد من المدن الكبرى والمناطق التي عرفت ارتفاعا في عدد الإصابات والوفيات، في وقت يتخوف فيه من العودة للحجر الصحي الشامل مرة أخرى كما تحدث بذلك الملك محمد السادس.
الطبيب عماد سوسو، طبيب في الطب الاستعجالي بمصلحة العناية المركزة بمستشفى ابن طفيل التابع للمركز الاستشفائي الجامعي بمدينة مراكش، والذي اشتغل بالعناية المركزة التي تستقبل الحالات الصعبة المصابة بكوفيد منذ مارس المنصرم، استبعد عودة المغرب للحجر الصحي المنزلي من جديد.
وقال المتحدث لـ “بناصا”، إن الوضع قد يصبح أكثر صعوبة، خلال فترة الخريف والشتاء، حيث يلحظ الأطر الصحية ازدياد الحالات المعقدة الخاصة بالربو وأمراض القلب وهي بحاجة للعناية المركزة ومصالح الإنعاش، خصوصا مع انتشار الإنفلونزا الموسمية، وأعراضها القريبة من أعراض “الكوفيد” كارتفاع درجة الحرارة والإسهال وآلام المفاصل.
ويرى الطبيب أن الضغط على مصالح الإنعاش والعناية المركزة والمستعجلات، هو العلامة الفاصلة في اتخاذ أي إجراء، لافتا إلى أن العودة للحجر لا تحكمه فقط العوامل الصحية، بل تتعداه إلى عوامل اقتصادية واجتماعية وكذلك الصحة النفسية للمواطن.
” حذرنا من هذا الأمر سابقا، نتيجة ضعف تواصل وزارة الصحة مع المواطنين والأطر الصحية والقرارات الكارثية والارتجالية جعلت المواطن يفقد الثقة في الوزارة”.
ما الفائدة من العودة للحجر الصحي؟
وأبرز عماد سوسو، أن المواطنين المغاربة التزموا بالحجر الصحي طيلة 3 أشهر الأولى من الوباء، متسائلا ” ماذا فعل الوزير خلالها؟”.
“كان هناك وقت كافٍ وتوفرت الموارد المالية اللازمة بفضل صندوق “كوفيد”، فهل قامت الوزارة بتأهيل المنظومة الصحية خاصة في شقها المتعلق بمصالح الإنعاش والمستعجلات والعناية المركزة، لا لم يتم القيام بذلك” يقول المتحدث.
وأوضح الطبيب المشتغل بغرف الإنعاش الخاصة بكوفيد 19، إن جميع الإمكانيات كانت متوافرة، دون أن تقوم الوزارة بتأهيل البنية استعدادا لرفع الحجر الصحي آنذاك، “فإذا عدنا من جديد للحجر، ماذا يمكننا أن نغير أو أن نضيف؟”.
ويرى سوسو أن القرارات الارتجالية لتدبير الأزمة جعلت المواطن يفقد الثقة، ودفعت المواطنين لاعتناق أفكار غير سليمة متعلقة بنظرية المؤامرة وأن “كوفيد 19” لا وجود له وغيرها، وهذا بات واضحا من خلال التزام المغاربة بالإجراءات الاحترازية وعدم الالتزام بالكمامة والتباعد الاجتماعي.
لا يعتقد طبيب المستعجلات أن الحجر الصحي سيعود بمفهومه القديم مع إعادة الإغلاق التام، مُرجِّحا أن يكون خاصا بمدن وأحياء تعرف بؤرا، لكنه لن يكون بنفس طريقة الشهور الأولى للجائحة.
“يجب التعايش مع الفيروس، لا نعلم كم من الوقت سيستمر معنا ربما يبقى كالانفلونزا الموسمية، وحتى في حالة اكتشاف اللقاح لا نعلم ما مدى فعاليته، وهل سيُقبِل الناس عليه؟”.
أما إذا قرَّرت الدولة العودة للحجر، فمن اللازم وضع خطة محددة، وفق المتحدث لـ “بناصا”، متسائلا عن إمكانية تأهيل المستعجلات حتى لا يُعاد نفس الخطأ، وإن كان للمغرب الإمكانيات اللازمة للتعايش مع الوباء؟”.
تعليقات الزوار ( 0 )