Share
  • Link copied

قراءة في حرب أرذبيجان وأرمينيا من خلال الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة

 إن الدور المركزي  لمنظمة الأمم  المتحدة يتجلى في حفظ السلم والأمن الدوليين عن طريق تطبيق الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة  المتعلق بالإجراءات القمعية  التي تتخذها في حالات تهديد السلم والأمن الدوليين والإخلال به ( 1)، بيد أن منظمة الأمم المتحدة لم تكن منظمة نشيطة في الحفاظ على السلم والأمن الدوليين بسبب تغليب المصالح على قواعد القانون الدولي .   

   ومن خلال ما يجري في الساحة الدولية وخاصة  الحرب التي وقعت بين أرذبيجان وأرمينيا فهي من الحالات التي أضحت تهدد السلم والأمن الدوليين  كما منصوص عليه في الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة المادة 39(2)، وأن التدخلات التي قامت بها بعض الدول في  هذه الحرب تزيد  من تأجيج الوضع ، وكما نعلم أن أرمينيا تحتل منطقة قرة باغ منذ 1992 التابعة للأراضي الأذربيجانية ،وفي الآونة الأخيرة تصاعدت الاشتباكات بين دولتي أرذبيجان وأرمينيا حول منطقة   “كارا باخ ” ، بالإضافة كشفت هذه الحرب عن مصالح دول كبرى وإقليمية من بينها روسيا وإيران وتركيا، وفي الحقيقة إن هذه  الحرب ليست نزاعا حدوديا  ،بل جذورها دينية وعرقية تمتد لما قبل التاريخ هذا من جهة ، ومن جهة أخرى هناك تضارب بين مصالح القوى الإقليمية والدولية حول هذه المنطقة الغنية بالموارد الطاقية. 

  وعلاقة بالموضوع  إن المادة 40 (3) من الميثاق التي تضمنت دعوة مجلس الأمن الأطراف المتنازعة للأخذ بما يراه ضروريا أو مستحسنا من تدابير مؤقتة منعا لتفاقم الموقف وذلك قبل أن يقدم توصياته أو يتخذ التدابير المنصوص عليها في المادة 39، ولكن المجلس الأمن ترك الأطراف المتنازعة (أرذبيجان – أرمينيا) تطلق النار فيما بينها بدون احترام بنود ميثاق الأمم المتحدة وخاصة  الفصل السابع  ،والتي أدت هذه الحرب إلى خسائر في الأرواح من خلال استعمال القوة واستهداف الأماكن المدنية والعسكرية  ، رغم  أن مجلس الأمن الدولي أوكلت له اختصاصات في حفظ السلم والأمن الدوليين وخاصة ما يعتبره مجلس بالتدابير المؤقتة  من أجل أمر كل من أرذبيجان وأرمينيا بسحب قواتها إلى مسافات محدده خلف حدودها وإنشاء منطقة منزوعة السلاح.   وفي هذا الصدد  لقد طالب  مجلس الأمن الدولي بالإجماع بوقف فوري للحرب الدائرة في  قره باغ بين أرذبيجان وأرمينيا ، يعني أن الاجتماع  الذي قام به  مجلس الأمن جاء في إطار التدابير المؤقتة  الذي يدعو فيه الأطراف المتنازعة بوقف إطلاق النار ودخولها في المفاوضات لتهدئة الأوضاع بين الجانبين. 

    لكن إلى حد الآن  لم تجدي  التدابير المؤقتة نفعا التي أشاد بها مجلس الأمن من خلال اجتماعه الأخير حول  الحرب الدائرة بين أرمينيا وأذربيجان ،يمكن لمجلس الأمن أن يتخذ التدابير الغير العسكرية كما جاء في منطوق المادة 41 (4) من ميثاق الأمم المتحدة ، مثل  وقف الصلات الاقتصادية و المواصلات الحديدية و البحرية والجوية والبريدية والبرقية واللاسلكية من أجل الضغط على  أرذبيجان وأرمينيا  لوقف الحرب الدائرة فيما بينهما .   

فإن لم تفي المادة 41 من الميثاق  بالغرض المنشود منها ، يمكن لمجلس الأمن  اتخاذ التدابير العسكرية المنصوص عليها في المادة  42 (5)من الميثاق ، أي أن يقرر استخدام القوات الجوية  أو البحرية أو البرية التابعة لأعضاء الأمم المتحدة للقيام  بالتدخل العسكري في المنطقة المتنازعة عليها بين أرذبيجان وأرمينيا ، وذلك  لحفظ السلم والأمن الدوليين أو لإعادته إلى نصابه .وفي هذا الصدد  تجدر الإشارة  أن مجلس الأمن تبقـى له سلطة تقديرية واسعة في اتخاذ التدابير التي يراها ضرورية من أجل الحفاظ على السلم والأمن الدوليين في منطقة كارا باخ .  

  وصفوة القول إن مجلس  الأمن الدولي إلى حد الآن  لم يصدر أي قرار قمعي وفق  التدابير التي أقرها الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة لحفظ السلم في هذه المنطقة المتنازعة عليها ،يعني   إن لم يستطع مجلس الأمن  أن يصدر قرارا حول مايقع  بين أرذبيجان وأرمينيا  من أجل وقف إطلاق النار وتهدئة الأوضاع بين أرمينيا وأذربيجان، سيصل هشيم الحرب إلى إيران وتركيا وروسيا  وربما يمكن أن يصل إلى منطقة الشرق الأوسط  ،حيث أصبحت بعض الدول كتركيا وروسيا تدعم الأطراف المتنازعة بالأسلحة العسكرية ، وهذا ما سيؤدي إلى تهديد  السلم والأمن الدوليين.المراجع .

1)عبد الواحد الناصر، الحياة القانونية  الدولية : مدخل لفهم اتجاهات التطور وإشكاليات التطبيق في القانون الدولي العام، منشورات الزمن ،الرباط المغرب ،السنة 2011،ص 265.

2) راجع المادة 39 من ميثاق الأمم المتحدة 

3) المادة 40 من ميثاق الأمم المتحدة.

 4) راجع المادة 41 من ميثاق الأمم المتحدة 

5) راجع المادة 42 من ميثاق الأمم المتحدة.

باحث بسلك الدكتوراه في القانون العام والعلوم السياسية 

Share
  • Link copied
المقال التالي