السياق الدولي والإقليمي
التحديات الجديدة التي فرضتها أحداث غزة على الحكومات العربية، خاصة الحكومات التي وقعت اتفاق التطبيع مع إسرائيل، وتزايد الضغوط عليها بسبب صعوبة الحفاظ على التوازن بين علاقاتها المميزة مع الكيان الصهيوني من جهة، والاستجابة لمطالب الشعوب التي خرجت بالملايين في مسيرات تناصر المقاومة الفلسطينية، وتجاهر بمناهضة التطبيع مع الكيان الصهيوني الذي يرتكب أبشع الجرائم في حق إخواننا بغزة.
السياق الوطني
يأتي هذا اللقاء في سياق الاحتقان الاجتماعي الذي يعيشه المغرب، منذ تولي أخنوش رئاسة الحكومة في 2021، بسبب اكتواء المواطنين بغلاء الأسعار، واشتداد المعارضة الشعبية لقرارات هذه الحكومة في ظل عزمها على رفع الدعم عن “البوطة” وبعض المواد الأساسية، فضلا عن الزيادة في فاتورة الماء والكهرباء تدريجيا (لمدة ثلاث سنوات)؛
السياق القطاعي
يضاف إلى السياق الوطني سياقٌ آخر له ارتباط بفقدان الثقة بين وزير التربية والتعليم والنقابات الأكثر توقيعا، والذي أسفر عن مقاطعة النقابات الأربع (UTM – CDT – UGTM- FDT) جلسات الحوار مع بنموسى، بعد اتهامها له بالانقلاب على المنهجية التشاركية، وعدم إدراج المقترحات الخاصة بالنقابات والتي كانت شرطا أساسيا قبل التوقيع على حد زعم رؤساء هذه النقابات.
الأهداف المعلنة
– تحمل الحكومة لمسؤوليتها في إدارة الأزمات الراهنة، والعمل على التخفيف من مخاطرها؛
– التزام الحكومة بالمقارنة التشاركية مع المركزيات النقابية، في تدبير ملف الحوار الاجتماعي سواء منه الملف المركزي أو القطاعي؛
– الاعتراف بدور النقابات في الدفاع عن حقوق العمال والموظفين، وفي لعب دور أساسي في امتصاص الصدمات مع الشعب وعدم تأجيج الوضع بالدعوة إلى الإضرابات مثلا، مما يعني انخراط النقابات الأكثر تمثيلية في الحركات الاحتجاجية ضد الحكومات…
الأهداف غير المعلنة
– رفع الحرج عن النقابات الموقعة بعد أن سحب بنموسى/المخزن بساط المصداقية من تحتها، وتركها قصورا بلا عروش، وقلاعا بلا جيوش؛
– بعث رسالة واضحة إلى التنسيقيات مفادها أن النقابات الأكثر تمثيلية هي الممثل الوحيد والشرعي للموظفين في جلسات الحوار مع الحكومة، وأن أي مقاربة لتدبير هذا الملف لن تقفز فيها الحكومة على هذه النقابات؛
– تلميع صورة أخنوش في عين الرأي العام المغربي، بوصفه الرجل المناسب في المكان المناسب، أو رجل الإطفاء الذي أخمد نار قطاع فاقت نسبة الإضراب فيه 90٪ لمدة أربعة أيام لأول مرة في التاريخ؛
– تطويق خلافات الحكومة بعد تدمر عدة وزراء من طريقة تدبير بنموسى (وقبله الوزير وهبي) لقطاع التعليم، وتخوفهم من تعديل حكومي مرتقب (وربما انتخابات مبكرة) في حال استمرار الاحتجاجات، ووصول الأطراف المعنية بالحوار إلى الباب المسدود.
المآلات
من وجهة نظري، أمام الحكومة ثلاثة سيناريوهات للخروج من هذه الأزمة في قطاع التعليم:
1- التراجع عن مرسوم النظام الأساسي المشؤوم الذي تسبب في اندلاع هذه الاحتجاجات غير المسبوقة. وهذه خطوة مستبعدة جدا لأنها ستستنفذ الجهود المتبقية، وستكون بمثابة عودة إلى المربع الأول في سلسلة جلسات الحوار من أجل الحوار بين بنموسى والنقابات؛
2 – التمسك بالنظام الأساسي من قبل الوزارة خاصة بعد مرور شهر على صدوره، مما يعطيه شرعية قانونية. وهذا السيناريو أخطر من الأول لأنه سيصب الخل على الزيت، وسيدفع رجال ونساء التعليم إلى تنفيذ وعيدهم بخوض إضرابات مفتوحة، مما يهدد بسنة بيضاء، ستعصف لا محالة بحكومة أخنوش لأنه سيفتح عليه جبهة أخرى مع لوبي المدرسة الخصوصية، التي يستفيد أبناؤها من الدروس بشكل عاد؛
3 – التمسك بالنظام الأساسي مع مراجعة بعض المحاور والنقط المثيرة للجدل (ساعات العمل، المهام، العقوبات…) على قاعدة: الحفاظ على المكتسبات وتجاوز نقط الخلاف، وهنا ستطالب الحكومة النقابات من جديد بمدها بمقترحاتها لإصلاح منظومة التعليم المعطوبة. وهذا السيناريو هو الأقرب إلى التنزيل، وهو أخف الضررين.
تعليقات الزوار ( 0 )