Share
  • Link copied

قراءات لزمن الوباء (1) في “أثر كورونا”: العولمة والدولة

لم يكن من الممكن أن نتصور حدثا كونيا من مثل هذه الجائحة غير المسبوقة، على الأقل لدى هذا الجيل، دون أن نقرأ لفيلسوفين “مثيرين” وبعيدين عن النمطية: السلوفيني “سلافوي جيجك” والفرنسي “آلان باديو“، أو دون أن نفترض اختبار الإيطالي ” جورج أغامبين” فيلسوف “دولة الاستثناء” صلاحية نظريته على ضوء الحالة الإيطالية لتفشي الوباء ،أو دون أن ننتظر مساهمات مفكرين مثل “ادغار موران” و “جاك أتالي“و “ميشيل أونفراي“، أو باحثين في العلاقات  والسياسة الدولية.

لم يقدم “جيجك” و “باديو” كما فعلا سابقا مادة حوارية مشتركة تتقاطع خلالها تأملاتهما حول هذا الموضوع الذي بات أفقا للتفكير الفلسفي، لكن كليهما نشر نصوصا تحاول الاقتراب من الأثر والمعنى الذي تخلفه “كورونا” من زاوية الإشكاليات التي ينشغل بها مشروعه النظري.

ينطلق “جيجك” من رصد مفارقات الوباء: الكارثة المحلية التي تستطيع إطلاق حالة خوف كوني. التقدم التكنولوجي الذي يجعلنا من ناحية أكثر استقلالية عن الطبيعة، ومن ناحية أخرى أكثر تبعية لتقلباتها، ليصل إلى ذروة المفارقات عندما يلاحظ أن محاربة الفيروس التاجي المتكاثر تتطلب الحاجة إلى تضامن كامل غير مشروط واستجابة متناسقة على المستوى العالمي، وهو ما لا يعني سوى شكل جديد مما كان يسمى فيما مضى: الشيوعية !

يتساءل “جيجك“: في حالة انفجار وباء عالمي، هل ندرك جيدا أن آليات السوق لن تكون قادرة على حمايتنا من الفوضى ومن الجوع؟ ليجيب بسرعة: حينها يجب أن تؤخذ التدابير التي تبدو لمعظمنا اليوم على أنها “شيوعية” بعين الاعتبار، إذ على المستوى العالمي يجب تنسيق الإنتاج والتوزيع من خارج إحداثيات السوق.

إن كورونا لا تكشف عجز “عولمة السوق” فحسب، وإنما أيضا عجز الشعبوية القومية، إذ يعتبر “جيجك” هنا أن شعار “أمريكا أولا” انتهى، إذ لا يمكن انتقاد أي بلد إلا من خلال التنسيق والتعاون الدولي الذي يحقق بقاءنا وبقاء الجميع.

سيعترف “جيجك” بأن فكرته الأولى حول احتمال أن يبعث الوباء روحا جديدا في الشيوعية، قد قوبلت بالكثير من السخرية العارمة، لكنه سيعود في نص ثان لبسط براهينه:

ـ من خلال التأكيد على نجاعة الاستجابة الصينية وصرامتها في مقاومة الوباء، بالرغم من إقراره بأن المنطق الاستبدادي القديم للشيوعيين أظهر في المقابل حدوده بوضوح (غياب الشفافية، الحلقة المفرغة لغياب الثقة…).

 ــ عبر الانتباه الى أنه لإلتقاط “الروح الجديدة للشيوعية” يكفي قراءة الإعلانات التي تصدرها منظمة الصحة العالمية، حيث الإصرار على أن إخماد الوباء لا يمكن دون نهج جماعي، منسق وشامل، يتطلب تعاونا بين الدول ويقتضي مشاركة للمعلومات وتنسيقا للخطط.

ـ ملاحظة أن “النهج الشيوعي الواسع” هو الذي، وحده، يسمح بتجاوز المواقف الحيوية البدائية التي قد تميل إلى اعتبار كورونا عدوى مفيدة تسمح للبشرية بالتخلص من العجوز والضعيف والمريض.

ـ عبر ما تسمح به قراءة التحولات من ولادة شكل آخر من العولمة يعترف بالاعتماد المتبادل وأسبقية العمل الجماعي، مقابل الموت التدريجي لعولمة السوق الحرة غير المنظمة، والتي تميل إلى خلق الأزمات والأوبئة.

ـ ثم أخيرا ، عبر الوقوف على أثر كورونا الايديولوجي ،اذ كما أنه يعمم الكثير من العدوى السلبية: العنصرية، عزل الأعداء، تقوية الحدود القومية، لكنه يحمل كذلك عدوى إيجابية عندما يتحول إلى فيروس ايديولوجي يحرض على: التفكير بمجتمع بديل على أسس التضامن العالمي، إنشاء نظام رعاية صحية دولي، إيجاد آليات للتحكم في الاقتصاد العالمي، خاصة في أوقات الأزمة، وكل هذا يعيد الاعتبار للمبدأ الشيوعي، ليس بمعناه القديم، لكن بصيغ جديدة للتنظيم الاجتماعي والاقتصادي على المستوى الكوني.

آلان باديو” من جهته سينطلق مما يعتبره التحدي الأول الذي يمثله الوباء في كل مكان، والذي يتجسد في تعطيل النشاط الجوهري للعقل، واجبار الأشخاص على العودة إلى ردود الفعل الحزينة: التصوف، التخريف، النبوءة واللعنة، التي كانت معهودة في العصور الوسطى، عندما اجتاح الطاعون الأرض.

ليرصد بعد ذلك ما يسميه بالتمفصل المزدوج للوباء، عبر ملاحظة انتشار الوباء في الحالة الصينية، حيث يتم التقاطع بين المجتمع والطبيعة عبر عاملين، الأول قديم يحيل على الوضعية المزرية للأسواق الصينية التي تنتعش فيها عادات تقليدية، والثاني حديث يحيل على مسؤولية السوق العالمية الرأسمالية في الانتشار الكوكبي للمصدر الأصلي للوباء لاعتمادها على حركية سريعة ومتواصلة.

تحليل انتشار الوباء يجعل “آلان باديو” يقف على ما يسميه تناقض الاقتصاد والسياسة. فإذا كان الاقتصاد يوجد تحت رعاية السوق العالمية، فإن الجهود السياسية لمواجهة الوباء تقع على عاتق الدولة الوطنية.

خلال هذه المواجهة تبدو الكثير من ردود الفعل أمرا لا مفر منه، لذلك فتصريحات “ماكرون” أو رئيس وزرائه حول عودة دولة الرفاه أو الرعاية الاجتماعية، أو حتى إعلان “التأميم”… لا يجب أن يثير أي قدر من الدهشة، فالدولة الوطنية في حالة حرب ،لأجل ذلك  فهي قد تضطر إلى تجاوز المسار الطبيعي لطبيعتها الطبقية من أجل تجنب كارثة استراتيجية.

ان الدولة البورجوازية تحاول إدارة الوضع من خلال دمج مصلحة الطبقة التي تعد ممثلها الرسمي مع مصالح أكثر عمومية، وذلك بسبب الوجود الداخلي لعدو “عام” في حد ذاته.

يشتهر الفيلسوف الإيطالي “جورجو أغامبين” بمشروع فكري يساءل من خلاله فكرة السيادة، منطلقا خاصة من أعمال المنظر الألماني “كارل شميت” وقراءاته لسيادة الدولة وللدستور ومفهوم السياسة.

في دراساته التي تبحث مواضيع القانون العام بمقاربات الفلسفة والبعد الأدبي والتاريخ واللغة، يتناول تفكيك سؤال السيادة في الدول الحديثة، وفي آخر اصداراته المعنونة بحالة الاستثناء يدافع عن فكرة محورية تتمثل في كون الدول قد استطاعت تحويل منطق حالة الاستثناء إلى استراتيجية دائمة للتدبير السياسي، سواء تعلقت الحجج بالحروب الكلاسيكية أو بالأزمات الاقتصادية أو بالإرهاب، وهو ما جعل الدول الديمقراطية تمارس ما يسميه :شمولية حديثة.

ينطلق التفكير في هذه الإشكالية عند “أغامبين” من الربط الذي ينهض عليه جزء من الفلسفة السياسية لـ”كارل شميت” بين الحاكم السيادي وبين القدرة على إعلان حالة الاستثناء، حيث وحده يحتكر هذه الصلاحية التي ليست من مهام الشعب ولا من مهام البرلمان، وحيث تكاد تتحول القدرة على اعلان الاستثناء الى تعريف جامع ومانع لسيادة الدولة.

أغامبين” الذي تنازل عن منصبه كمحاضر مرموق في الجامعات الأمريكية احتجاجا على سياسات ما بعد شتنبر 2001، والتي لم تكن بالنسبة إليه سوى تعميما لأثر حالة الاستثناء التي تحول الديمقراطيات إلى شموليات حديثة، سيعتبر لجوء إيطاليا إلى إجراءات الطوارئ في سياق مكافحة كورونا حالة مدرسية لنظريته حول دولة الاستثناء.

في هذا السياق أصدر بيانا في صحيفة “المانيفستو” في أواخر فبراير الماضي، معتبرا أن إجراءات الطوارئ غير عقلانية وغير مبررة وغير متناسبة مع تقديرات “المجلس الوطني للبحوث”، الذي ذهب إلى أن أعراض الجائحة تكون خفيفة أو معتدلة في أغلب الحالات، منددا بالعسكرة الحقيقية التي باتت تعرفها بعض مدن الشمال، واصفا ما يحدث بأنه “اختراع لحالة هلع وبائي كذريعة لتعميم الإجراءات الاستثنائية بعد استنفاذ مبرر الإرهاب لإمكانياته في صناعة ذرائع من هذا الحجم “.

هذا البيان الفلسفي/السياسي، الذي ينهض على تقديرات خاطئة، سيكون موضوع رد قاس من طرف “سلافوي جيجك“، الذي اعتبره مجرد نسخة متشددة من الموقف اليساري الشائع الذي ينظر إلى حالة الذعر كممارسة سلطوية للضبط والمراقبة، مضيفا أن إجراءات مواجهة الجائحة لا يجب أن تختزل في “براديغم” المراقبة كما طوره “ميشيل فوكو“، واصفا ردود فعل جزء من اليمين وبعض اليسار بإنكار الواقع والحقيقة.

الفيلسوف الإيطالي لم يتأخر كثيرا في الرد، حيث نشر نصا تحت عنوان “توضيحات” انطلق فيه من أن ما يهمه ليس إبداء الرأي -العلمي- حول خطورة المرض وإنما التساؤل عن العواقب الأخلاقية والسياسية للجائحة، مبديا اختلافه مع “جيجك” الذي اعتبر الخطر المشترك قادرا على توحيد الناس، وملاحظا أن الخطر لا يعمل سوى على عزل الناس وأنه يعميهم، إذ لا يعتبر الآخر إلا كمصدر عدوى أو كخطر محتمل، مما يجعل البشر يتحول إلى “حالة بيولوجية بحتة” بدون أي بعد اجتماعي أو إنساني وعاطفي.

التزايد الجنوني لأرقام المصابين والوفيات بإيطاليا لم يجعل “أغامبين” يتراجع للوراء، إذ سيصرح لجريدة “لوموند” في نهاية الأسبوع الأخير من مارس، في جوابه على سؤال لماذا تبقى حالة الاستثناء غير مبررة رغم أن العلماء يعتبرون الحجر الصحي أهم وسائل مواجهة العدوى؟ قائلا “بأننا نعيش حالة اختلاط للخطابات، حيث كل فئة تعتمد حججا ليست بالضرورة مقبولة لدى فئات أخرى: علماء الفيروسات يعتبرون الهدف هو القضاء على الفيروس، الأطباء يعتبرونه هو الشفاء، أما بالنسبة للحكومات فالمهم هو المراقبة”.

أغامبين” سيتمنى ألا يكون “الثمن” على مستوى الحرية جد مرتفع وغير متناسب مع الحالة الوبائية، خاصة عندما يقارن مع الإجراءات التي سبق اتخاذها في أوروبا مع حالات أشد فتكا في السابق، ليعود في النهاية إلى أن الأحداث تؤكد أطروحته، حيث حالة الاستثناء أصبحت هي الشرط العادي في الديمقراطيات الحديثة.

يكشف زمن كورونا بالنسبة لـ”إدغار موران” أن العولمة مجرد ترابط وتشابك فاقد للتضامن، فإذا كانت قد نتجت عن مسار توحيد تقني-اقتصادي شمل كوكب الأرض، فإنها لم تحرز تقدما في مجال التفاهم بين الشعوب، ومنذ بداية هذا المسار في تسعينيات القرن المنصرم، سادت الأزمات المالية واشتعل فتيل الحروب، وقد أفرزت المخاطر المحدقة بالأرض: البيئة والأسلحة النووية والاقتصاد غير المنظم، مصيرا مشتركا بين البشر، غير أن الإنسانية لم تع هذه المخاطر.

مع كورونا فإن المصير المشترك بالنسبة لفيلسوف الفكر المركب بات أكثر وضوحا بشكل فوري ودراماتيكي، لكن لا شيء سيجعلنا نعي هذا الأمر في نهاية المطاف ! والدليل هو ما يشهده العالم -في غياب التضامن الدولي والمؤسسات المشتركة الهادفة إلى اتخاذ تدابير في حجم الوباء المستشري- من توجه الأمم نحو الانغلاق على نفسها انغلاقا أنانيا.

ما يقترحه “موران” هو أبعد من تجاوز الانغلاق القومي نحو انطواء أوروبي، بل إن سبيل التعافي يرتبط ببناء أشكال من التضامن الدولي منفتح على مصيرنا المشترك “فوق هذه الأرض” التي تجمعنا.

عندما استكتبت “فورين بوليسي” اثنا عشر مفكرا لتقديم إجابات “ساخنة” عن سؤال عاصف: ماذا عن عالم ما بعد كورونا، فإن التقديرات بدت متفاوتة في تمثل حجم التحولات ومداها.

في سؤال العولمة مثلا، فإن باحثي العلاقات الدولية كانوا أقل تفاؤلا من الفلاسفة الذين تحدثوا عن المشترك وعن عولمة التضامن الإنساني، ذلك أن حجة التاريخ لم تكن باعثة على الاطمئنان: الأوبئة السابقة -بما في ذلك الانفلونزا الاسبانية- لم تنه تنافس القوى العظمى ولم تبشر بعصر جديد من التعاون العالمي، لذلك فالراجح أن عالم ما بعد كورونا سيكون أقل انفتاحا وأضعف ازدهارا وحرية ]”سيفن م. والت“[، وأنه مع كل الصعوبة في رؤية واضحة لمعالم المستقبل، لن يسجل غير تعزيز للتوجهات القومية وتصاعد للتنافس الاستراتيجي بين القوى العظمى [“جون إكنبيري“].

وإذا كانت الاتجاهات الاقتصادية العالمية لن تتغير بشكل أساسي، فإننا قد نشهد انتقالا من عولمة متمحورة حول الولايات المتحدة الأمريكية، إلى عولمة متمحورة حول الصين ]”كيشور مهبوباني“[، وهو ما يعني تحولا للسلطة والنفوذ من الغرب إلى الشرق، ذلك أن استجابة كوريا الجنوبية وسنغافورة والصين للوباء بشكل أفضل مما فعلته أمريكا قد يزيد من تشويه “العلامة التجارية” للغرب [“ستيفن م. والت“].

خارج الفكرة المحمولة على تيار القراءات السهلة لما يحدث، والممجدة لاستجابة الأنظمة السلطوية الأسرع والأكثر فعالية لتداعيات الوباء، لا تخلص كل المقاربات إلى ذلك الربط المتسرع، ذلك أن التجربة أثبتت أن السلطويين و الشعبويين ليسوا أفضل في التعامل مع كورونا، فالواقع أن الدول التي تفاعلت في وقت مبكر وبصيغة ناجحة كانت ديمقراطية، مثل تايوان وكوريا، وليس العكس [“شيفشانكر مينون“].

إن تاريخ كورونا سيكتبه -كالعادة- المنتصرون ،لذلك فالقضاء على الوباء قد يبدو في وقت لاحق، بمثابة انتصار كبير للديمقراطية والتعددية ودولة الرعاية، كما قد يصبح بمثابة حجة مفحمة على فؤاد الحكم الاستبدادي الحاسم [“جون ألين“].

كورونا قد تجعل السلطة تنزاح داخل العولمة من الغرب إلى الشرق، وقد تحميل المزيد من تشوه علامة “الغرب” كما كتب أحد الباحثين في “فورين بوليسي”، لكن أكثر من ذلك، يذهب “ميشال أونفراي” الى أن الوباء يندرج ضمن مسار انهيار الحضارة اليهودية-المسيحية، كما نظر لها في كتابه الشهير “الانحطاط”.

يشرح الفيلسوف الفرنسي كيف سقطت أيديولوجيا “أوروبا ماستريخت” كما تسقط فاكهة متعفنة عندما تقرر ترك كبار السن المصابين بكورونا عند مداخل المستشفيات ليموتوا في الركن، لأن سياسة الليبرالية الأوروبية زعمت أن فرص نجاتهم أضعف من أولئك الأصغر سنا، أو عندما بدأت الدول تبعث إلى ساحة الحرب -كما أسماها الرئيس الفرنسي- أطباء وممرضين تعجز الحكومات عن توفير كمامات طبية لهم.

التحليل السابق لأحد كتاب “فورين بوليسي” الذي قلل من أثر كورونا -قياسا لتجارب التاريخ بخصوص التداعيات المحدودة للأوبئة على مجريات السياسة الدولية- يذهب في الاتجاه المعاكس لما كتبه “جاك أتالي“، المفكر الفرنسي اعتبر أنه على مدى الألف سنة الماضية، أدى كل وباء كبير إلى تغييرات هامة داخل الأنظمة والسياسات والثقافة، فقد أسهم طاعون القرن الرابع عشر في مراجعة جذرية لمكانة رجال الدين داخل أوروبا، عندما أدى إلى نشوء أجهزة الشرطة كشكل وحيد وفعتا لحماية الناس -بعد فشل الكنيسة في ذلك- مما سيؤدي فيما بعد لولادة الدولة الحديثة ولبعث روح البحث العلمي.

لقد أسهم الوباء في حلول الشرطي محل الكاهن راعيا لأرواح الناس في القرن الرابع عشر، وبعد أربعة قرون سيحل الطبيب محل الشرطي كأفضل سبيل لمواجهة سؤال الموت، وهذه الانتقالات كانت تعني في العمق التحول من سلطة قائمة على الإيمان إلى سلطة قائمة على القوة ثم على سلطة قائمة على القانون.

تصبح الأوبئة بالنسبة لـ”جاك أتالي” اختبارا للسلطة، لذلك فهي تنتج مراجعات لمرجعياتها الأيديولوجية ولمنظومة معتقداتها وقيمها.

بكثير من التفاؤل، يطرح المستشار السابق للرئيس الفرنسي الراحل فرانسوا ميتران، فكرة ولادة سلطة شرعية جديدة -ما بعد الجائحة- غير مؤسسة على الإيمان أو القوة أو العقل، وإنما على “التعاطف” في وقت الأزمة، أي كل القطاعات التي تعاطفت مع الناس زمن الوباء” قطاعات الصحة والمستشفيات والتغذية والتعليم والبيئة…

ولادة سلطة شرعية جديدة، ترتبط بعودة المجتمعات إلى الأساسي: التوقف على الاستهلاك المحموم، الاستفادة من مرورنا على هذا الكوكب إلى أقصى حد، باعتباره كوكبا يحمل الكثير من النادر والثمين، ما يجعلنا حريصين على عدم تحويله إلى حقل من الخراب.

Share
  • Link copied
المقال التالي