شارك المقال
  • تم النسخ

في ظل جنون أبواق العسكر الجزائري.. الواقعية المغربية تحسم الموقف الفرنسي

أطلت علينا وسائل الإعلام الجزائرية بموقف غريب ظهيرة الـ25 من شهر يوليوز الجاري، ونحن في أوج التحضير للاحتفال بذكرى مرور ربع قرن من حكم الملك محمد السادس، التي تؤرخ لاعتلاء جلالته عرش أسلافه الميامين، في هذه المناسبة العزيزة التي ترسخ منجزات وتحولات كبرى في المملكة المغربية إن على المستوى السياسي، والاقتصادي والاجتماعي، وحتى الثقافي.

هذا الموقف الذي يعبر عن حالة الصدمة التي أصابت حكام قصر المرادية والثكنات العسكرية التابعة لها، بعد أن أخذوا علما بموقف فرنسي واضح وصريح ولا لبس فيه بخصوص اعتراف بمغربية الصحراء ودعم مخطط الحكم الذاتي كحل وحيد لنزاع مفتعل مورورث عن الاستعمار، وبدعم من قوى اتخذت من العداء للمغرب خطا ومسارا لا رجعة في نهجها الديبلوماسي.

إن هذا الموقف هو تتويج أولي للمقاربة الواقعية التي تعتمدها الدبلوماسية المغربية في تدبير هذا الملف المحوري وبقية الملفات المرتبطة بحقل العلاقات الدولية، وفق منهجية علمية تجعل المصالح أولوية الأولويات.

وبعد أن حقق المغرب إختراقا كبيرا في قلب العالم الحي عبر مبادرة أطلسية فتحت مجالا حيويا جديدا بآفاق تنموية، وفرص إقتصادية ترتكز على الإنتاجية وعوامل الإنتاج والحركية التجارية، وفي ظل ما تعرفه جل بقاع العالم من صراعات ونزاعات ولا إستقرار، وفي ظل ركود إقتصادي وتقهقر نسب النمو في جل الدول الأوروبية التي تعاني كذلك من تبعات الصراع بين روسيا وأوكرانيا.

إن هذا التوجه الإستراتيجي للمغرب سينتج لنا فضاء يشبه شرق آسيا، حيث ستبرز دول “التنين الإفريقي” عبر خط الحرير الصيني، وستكون بذلك الجزائر شبيهة كوريا الشمالية عبر تلك الاستعراضات العسكرية التي يقودها شنقريحة، وسنرى في المغرب نموذجا شبيها لكوريا الجنوبية عبر تطور منظومة الإنتاج في ظل نذرة الموارد ووفرة الرأس المال البشري، والعامل التكنولوجي الذي يتطور بوثيرة تشبه وثيرة تدفق الاستثمارات الخارجية المباشرة، وسلسلة الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية التي ستقوي بنية عوامل الإنتاج.

إن هذا الموقف يفسر لنا الهجمة الشرسة التي تقودها بعض الأصوات المرتزقة في دول متعددة، مستهدفة شخصيات وطنية ومؤسسات أمنية وقضائية عبر مقاربة بدائية وبدعم مباشر وسخي، وفي نفس الوقت غبي من نظام العسكر الذي راكم الإخفاقات، فلا هو ضمن مكانة محترمة في النظام الدولي، كما أحال على ذلك وزير الخارجية الروسي لافروف، ولا هو إنضم إلى “البريكس”، ولا هو ضمن موقعا في منطقة الساحل، ولا هو تمكن من خلق تنظيم موازي للإتحاد المغاربي دون المملكة المغربية، ولا هو قام بتحلية مياه البحر واللائحة طويلة من الإخفاقات المتراكمة.

ما نجح فيه العسكر هو إبراز خبايا الجزائر، وتعرية واقع الدولة النفطية الغازية، سواء على المستوى الاجتماعي، أو الاقتصادي في ظل البؤس الذي يعيشه المواطنون مع ارتفاع التضخم واستقرار الأجور في أدنى المستويات بالمنطقة، مع التورط التاريخي في خطيئة جبهة البوليساريو الانفصالية، هاته القنبلة القابلة للانفجار في أي لحظة في الداخل الجزائري.

*محسن الجعفري، باحث في الاقتصاد السياسي، ومختص في تدبير المقاولات

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي