بمناسبة حلول الذكرى 59 لإنتقال الزّعيم البطل محمّد بن عبد الكريم الخطابي إلى الباري جلّت قدرته فى السادس من شهر فبراير من عام 1963 بالقاهرة تغمّده الله تعالى بواسع رحمته،وأمطرعليه شآبيبَ غفرانه ورضوانه، وأسكنه فسيحَ فراديسه وجنانه، وإستبشاراً، وإستذكاراً ،وإستغواراً، وإستحضاراً لِمَا قام به وأنجزه هذا الرّجل الشّهم ،وحيد دهره، وفريد زمانه إلى جانب المُجاهدين الصّناديد، والشّهداء الأبرار الآخرين رحمهم الله تعالى جميعاً بواسع رحمته، الذين أعطوا النّفسَ والنّفيس، من أجل صَوْنِ كرامتِهم، و الذود عن شهامتِهم، وحفظ شرفِهم، ونخوتِهم، خلال الملاحم البطولية، والمواجهات القتالية الفريدة التي خاضها الأجداد الأفذاذ الميامين ببسالة، وشهامة، وشجاعة منقطعة النّظير ضدّ المُستعمرالدخيل الظالم، الغاشم، الأثيم ،والتي سَمَت بكافة المغاربة الأحرار قاطبةً من وجدة الى طنجة، ومن طنجة الى الكويرة إلى أعلى علييّن، وأسمىَ مَراتب العِزّة ، وأنزلتهم أرقىَ منازل المجد، وبوّأتهم قمم السّؤدد والخلود فى مختلف بقاع وأصقاع المعمور. وعلى الرّغم من شحط المَزار، والنأي عن الديّار، لم تحل الجائحة الجارحة اللعينة التي أبعدتنا عن الوطن الغالي الحبيب في أن تفيض النفسُ ، وأن يجود العقلُ ، والقلبُ ، والرّوحُ، والِلسانُ ،والجَنانُ، والوَجد، والوجدانُ بهذه الإفصاحات التلقائية، والإجهاشات العفويّة والمشاعر الإستكناهية، وبهذا الدّفق المتنامي، والتداعي النبيل، فأقول :
تداعىَ بناءُ المَجد بالكوْكبِ الدرِّي /
ونورُ شُموسِ اللّه غابَ مع الظّهْرِ
تداعىَ حِمىَ الإيمانِ والعَدلِ والهُدىَ /
وقوّةُ بأسٍ دُونَهَا قوّةُ الذرِّ
عزيزٌ علينا أن نرَاكَ مُودِّعاً /
وذِكرَاكَ فى كلِّ القلوبِ بها تَسْريِ
لقد فَقَدَ الأيتامُ عطفَ أبِيهُمُ /
وحلّتْ على الثكالىَ فَاجِعةُ العُمرِ
كأنّ لدىَ موتِ المَجيد مُحمّدٍ/
جسومٌ بلاَ رَأسٍ أيادٍ علىَ البّترِ
أبطال ب”أنوالَ” جاشتْ نفوسُهمْ/
فأصبحُوا نورَ التّرْبِ والمِسْكَ للقبرِ
فهَامَتْ عقولٌ كانتْ بالأمسِ رُشْدَهَا/
وزَاغتْ عيونٌ دَمعُها لجّةُ البّحْرِ
أشاوس طابتْ لكمُ الشّهادةُ والعُلىَ/
وإِسْمُكمْ علىَ كلِّ لسَانٍ بهِ يسرىِ
ها قد هبَّ الأحبّةُ عن بكرةِ أبيهمُ/
وحلّتْ علىَ العِدىَ قاصمةُ الظّهرِ
وكَالطّيرِ مَقصُوصِ الجَناحيْنِ فإرتمىَ/
علىَ الصَّخْرِ مَنْهُوكاً تحطّمَ بالكسْرِ
كأنَّ لدىَ إستشهادِكمْ يا نخوةَ أرْضِنَا/
ملائكةُ الحقِّ دائمةُ البّوحِ والّذكرِ
أبناءَ الأمَاجدِ والأفاضِلِ والحِجىَ/
أحفادَ المَكارِمِ والميَامينِ والفَّخْرِ
كلُّ المَدَاشِرِ والعَشَائِر اليومَ تَحتفىِ/
ببسالتكمْ دوماً مِنْ نَصْرٍ إلىَ نَصْرِ
فخرَ الأحرار والصّناديدِ والنُّهىَ/
مجدَ الفِدىَ والنّدىَ وَغرّة الدّهرِ
أساسُ جِهَادِكُم حزمٌ وعزيمةٌ/
وَذِكركمْ للّهِ فى السرِّ وفى الجَّهْرِ
شجاعتكُم فىِ النُّفوسِ أمْسَتْ تَمِيمَةً/
ونهلكم فَاضَ من حيثُ أدرىِ وَلاَ أدرىِ
“الرّيفُ” الوريفُ ألقىَ إليكمْ بِسَمْعِهِ/
وذِكرَاكُمُ فىِ كلِّ رياضٍ بهِا يجريِ
عَجَباً أنْ يُرَوَّعَ “أبُو رُقعَة” وينثنيِ **/
تَحْتَ أَقدَامِكُمْ وَإِقْدَامِكُمْ سَاعَةَ الظّفْرِ
طلائعُ الخيْرِ تهفُو إليكمْ بقلبهَا/
وإسمُكُمْ فى كلِّ جَنَانِ عَاطِرِ الذِّكرِ
حُشْدٌ علىَ الحَقِّ صُنّاعُ المَجدِ والنّدَى/
مع كلِّ طلعةِ شمْسٍ أو قمَرٍ أو بدْرِ
أنوالُ يا مَوئلَ البُطولاَتِ بأسرِهَا/
أَدْوَاحُكِ الفَيْحَاءُ دَائمَةُ النّضْرِ .***
*- كاتب، وباحث، ومترجم ، وقاصّ من المغرب، عضو الأكاديمية الإسبانية-الأمريكية للآداب والعلوم – بوغوطا- (كولومبيا).
**- “أبو رُقعة” أو”بوثريقعْث” (من الرّقاع) اللّقبُ أو النَّعتُ الذي كان قد أطلقه المغاربة خلال حرب التحرير الماجدة على الإسبان المُغيرين الذين كان بعضُهم يرتدي فى ذلك الإبّان رثّ الثياب المُرقّعة، و يتدثّر بخِرقَ الأسمال الممزّقة الباليّة، حيث كانوا يضعون رقعةً أو قِطْعة من الثوب تُخاط أو تَلْتَزِق أو تلتصق بأُخرى أو تُزادُ في القَمصان أو السّراويل أوالمعاطف المنسولة وقد تكون من لونٍ مغاير.
***تحريراً في باريس في السّابع من فبراير 2022
تعليقات الزوار ( 0 )