إن الكتابة عن أحد ابرز المفكرين العرب المعاصرين في ذكرى رحيله،ماهي إلا محاولة للحفر في مسار فكر مغربي معاصر،آمن مبكرا بقيمة الربط بين العلم والثقافة ، وأن الفعل الفكري والثقافي لايعني ممارسة الخطابة،بل إعطاء المعرفة العلمية القيمة التي تستحقها في الحياة اليومية وفي كل مشروع للتنمية.
ورغم تعدد الاهتمامات عند الرجل ،يحتفظ المهدي المنجرة رحمه الله بجوهر واحد يتغيى تحول العلم الى ملك مشاع بين الناس حتى لايظل مجرد سلوك مختبري أو لغة خاصة تتداولها النخبة في الجامعة والأكاديميات ،مثل خلية نحل في جسد واحد،يسابق الزمن ويطاول المسافات.
تمضي حداثة فكر المنجرة عميقا إلى المستقبل،دون ان ينسى ذاكرة خطواته التي تعيد الاعتبار لجذور الفكر والهوية،بل ان نزاهة الفكر ودقة الموقف تجعل الرجل أكثر انفعالا وغضبا ولكن بتواضع كبير وحرص على إنتاج الفكر بل وأن يكون للفكر مردودية ،ونشر أفكاره بعده لغات،وتواصل مع العديد من المثقفين والمفكرين والعلماء من مختلف القارات وحاضر أكثر من غيره،ومن ثم صراحته المزعجة وتعبيره الأقل حذرا.
الدكتور المهدي المنجرة رجل وطني صادق ونزيه كرس جهده ووقته وإمكاناته الذاتية لخدمة بلده وشعبه وهويته،هويته كمثقف من جنوب العالم أساسا ،تلقى تكوينا عاليا ويتقن عدة لغات،يقول المهدي المنجرة رحمه الله:”التحقت بكلي الحقوق كأول أستاذ مغربي،،،يضيف وأذكر أن السيد “فو” عميد الكلية آنذاك قد استغرب قائلا:لماذا لا تذهب إلى الخارجية ،ففي التعليم لن تحصل سوى على راتب بمقدار ستين أو سبعين ألف سنتيم ،وهو قدر غير كاف ،خاصة أنك حاصل على شهادة الدكتوراه وتتقن عدة لغات.
وتظل الحاجة إلى النبش في مسار الفكر المغربي المعاصر،ضرورة ثقافية أساسية أملاها الحضور الخاص للأفراد ،خصوصا أولئك الذين من حجم المهدي المنجرة،ليس حضورا في ذاته ، وإنما هو منطلقات وامتدادات في رصد مسار الثقافة المغربية عبر أسفارها وأبعادها وتحولاتها المختلفة.
تعليقات الزوار ( 0 )