شارك المقال
  • تم النسخ

في ذكراه الـ66.. جامعيون يناقشون روح الاستقلال واستشرافاته في ندوة وطنية

تخليدا للذكرى السادسة والستين لحصول المغرب على استقلاله، ناقش جامعيون ومحللون سياسيون في ندوة وطنية موضوع روح الاستقلال واسشرافاتها على ضوء التحولات الدولية الجديدة، وقد شكلت الندوة مناسبة لهم لاستحضار عراقة تاريخ المغرب والتميز الذي ينفرد به النموذج المغربي عن باقي الدول، والمتمثل في كون المملكة دولة-أمة.

كما كانت الندوة الوطنية التي نظمتها كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بقلعة السراغنة، بشراكة مع مختبر الأبحاث القانونية وتحليل السياسات بجامعة القاضي عياض بمراكش، وبشراكة أيضا مع جريدة بناصا الإلكترونية، وأشرف على تسييرها عميد كلية الحقوق الأستاذ محمد الغالي، فرصة للتباحث والنقاش حول المستجدات الدولية الجديدة التي تهم المغرب وتهم وحدته الوطنية.

خالد الشيات، أستاذ القانون الدولي والعلاقات الدولية بجامعة محمد الأول بوجدة، أشار في معرض مداخلته إلى جوار المملكة الصعب الذي يميز هذه المرحلة من تاريخها، وكيف أن هناك مخيالا داخليا في أوروبا يخشى من أن قوة المغرب قد تكرس تحولا على المستوى الاستراتيجي بالمنطقة، وأضاف أنه لهذا الاعتبار تجد أوروبا أنه من مصلحتها أن تعيش المملكة إشكالات متعددة، رغبة منها في إبقاء الأوضاع على حالها، وحتى تكون في وضعية مناسبة لفرض أمور أخرى خاصة على المستوى الاتفاقي.

وتابع الشيات أن المغرب قد تضرر على المستوى التاريخي، وذلك انطلاقا من التحول الذي حصل من مفهوم الأمة إلى مفهوم الدولة، والذي أثر ومس بوحدة المغرب وأدى لبتر جزء منه، كما اعتبر أيضا أن أي بتر من وحدة المغرب هو بمثابة بتر جزء من حضارة المملكة وتاريخها الطويل.

وأوضح أستاذ القانون الدولي ذاته، أنه عندما تم طرح ملف الصحراء المغربية أمام محكمة العدل الدولية سنة 1975، كان الرأي الاستشاري الذي أصدرته هذه المحكمة يرتكز على المقررات التي دخلت بها إسبانيا للأراضي الجنوبية، وأضاف أنه كانت هناك مرجعية بهذا القرار تقول بأن مفهوم السيادة كما تود المحكمة أن تدلل به مسألة عدم وجود روابط لا ترقى إلى مستوى ممارسة المبدأ من طرف المغرب، قد عادت به إلى المرحلة التي كانت المملكة تتعرض فيها لحملة استعمارية، ومرحلة المغرب الضعيف، والمغرب الذي تتكالب عليه القوى الاستعمارية، وتابع أنه عند دخول إسبانيا إلى أقاليم المملكة الجنوبية، لم تراع المحكمة في رأيها هذه الظرفية، وطبقت عليه مبادئ لاحقة في القانون الدولي الذي هو مبدأ السيادة بالمعنى الذي جاء في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية.

وفي مداخلته، تحدث إدريس لكريني، أستاذ العلاقات الدولية والقانون الدولي بكلية الحقوق مراكش، عن التغيرات التي طرأت على السياسة الخارجية المغربية والتي صاحبت التغيرات التي عرفها النظام الدولي في السنوات الأخيرة، مشيرا إلى أنه وبالرغم من التغييرات الحاصلة إلا أن الثوابت الوطنية والمرتكزات التي كانت تقوم عليها سابقا قد ظلت كما هي.

وتابع لكريني أن السياسة الخارجية اليوم لم تعد مقترنة بتحقيق الأهداف التقليدية فقط، ولكنها قد صارت سياسة خارجية تساهم في تدبير الأزمات، وفي تعزيز السلم والأمن الدوليين، وتسعى إلى جلب الاستثمارات، ومواضيع تعزيز التضامن الدولي، واعتبر أن السياسة الخارجية قد صارت أكثر مبادرة ووضوحا، وقد صارت تركز على الكيف وليس على الكم، وقد صار تحركها لا يعتمد على الكثافة ولكن على الجودة، كما أضاف أنها قد أصبحت تنحو نحو جميع الفاعلين وفي جميع الاتجاهات، دون أن يؤثر ذلك أو يمس بثوابت المغرب المعروفة.

وأظهر أستاذ القانون الدولي بالحقوق مراكش، كيف أن السياسة الخارجية المغربية قد استطاعت تحقيق مجموعة من المكتسبات الاقتصادية، وكيف أن المملكة قد أثبتت جديتها في علاقات التعاون جنوب جنوب، وفي تقديم خبراتها الأمنية أيضا في محال مكافحة الإرهاب ومكافحة المخدرات وباقي أصناف الجريمة الدولية العابرة للحدود.

وفي مداخلته، أعاد الدكتور عبد الرحيم المنار اسليمي، رئيس المركز الأطلسي للدراسات الاستراتيجية والتحليل الأمني، من جديد التذكير بأن المغرب أمة تضرب بجذورها في التاريخ، واعتبر أن هذا العامل هو الذي كان سببا رئيسيا في عدم قدرة فرنسا على أن تقوم بنفس ما قامت به مع الدول الأخرى، وهذا ما تؤكده كتابات الفترة الاستعمارية التي ذكرت كيف أن فرنسا حين أرادت الدخول للمغرب قد وجدت أمامها دولة وهياكل دولة بتاريخ طويل.

ورأى اسليمي في مناسبة ذكرى الاستقلال، فرصة للتذكير بمعادلة الدولة-الأمة، والإجابة عن سؤال هام يتمحور حول من يحدد من، هل الدولة هي التي تحدد الأمة، أم أن الأمة هي التي تحدد الدولة؟

وأجاب رئيس المركز الأطلسي أنه في المغرب، الأمة هي التي خلقت الدولة، وأن الأمم بصفة عامة هي قليلة جدا في العالم، كما أشار إلى أن هناك دولا قد أرادت التحول لأمم لكنها فشلت في هذا المسعى، كالجارة الشرقية التي فشلت في بناء الأمة.

كما تحدث اسليمي عن كيف بنى النظام العسكري في الجزائر دولته على عدوين، عدو داخلي يتغير باستمرار، وعدو خارجي دائم وهو المغرب، واعتبر أن الصراع قد اشتد بمجرد تحول المغرب لقوة إقليمية في ظرف سريع، ومعناه أن المملكة قد صارت قادرة على التأثير في محيطها، سواء بشمال إفريقيا، أو في محيطها المتوسطي وكذا في علاقاتها مع الدول الأوروبية، وعلى طول المنطقة الأطلسية وعمقها الإفريقي.

من جانبه، أشار محمد بودن، المحلل السياسي، إلى أن هذه الذكرى تأتي في سياق حافل بالإنجازات والمكتسبات التي حققتها المملكة المغربية على أكثر من مستوى، وإلى أن هناك مكتسبات مهمة مرتبطة بالتأمين العملياتي لمعبر الكركارات، والذي مثل حدثا جيوستراتيجيا كان له الأثر الكبير على مختلف التحركات بين الشعوب وتنقلاتهم، وكذا تنقل وانسيابية نقل البضائع نحو أسواق غرب إفريقيا، وبأنه يكفي القول أن هناك 100 شاحنة في اليوم تمر عبر معبر الكركارات، وهو رقم يغني عن كل تعليق.

وأضاف بودن كأهم المكتسبات الاعتراف الأمريكي بسيادة المملكة المغربية الكاملة على أقاليمها الجنوبية، وقد اعتبره تطورا قد أحدث خلخلة في المعادلة الاستراتيجية بالمنطقة، وأثر بشكل واضح على البيئة الإقليمية، كما ذكر باستمرار مسلسل فتح القنصليات بالأقاليم الجنوبية.

جدير بالذكر أن الندوة الوطنية قد كانت مناسبة من المتدخلين لتقديم تهنئاتهم للأستاذ محمد الغالي، الذي جرى تعيينه أخيرا عميدا على كلية العلوم القانونية والاجتماعية والاقتصادية بقلعة السراغنة، وثمن مختلف المتدخلين هذا التعيين، كما نوهوا بالدينامية الأكاديمية التي جاء بها الغالي إلى هذا الفضاء الجامعي، من خلال احتضانه العشرات من اللقاءات العلمية والأيام الدراسية، والتي ساهمت فيها كفاءات وطنية ودولية وشهدت أسابيع ثقافية ودورات تكوينية.

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي