شارك المقال
  • تم النسخ

في الحاجة لشرح إصلاح المقاصة وربطه بورش الدعم الاجتماعي المباشر ومراقبة أرقام التضخم

أصدرت وزارة الاقتصاد والمالية تقريرا حول الاعتمادات المخصصة لصندوق المقاصة أرفقته مع مشروع قانون المالية 2024, يظهر أن التكاليف الإجمالية للمقاصة تعدت 19 مليار درهم في الأشهر الثمانية الأولى من 2023 (ومن المتوقع أنها تعدت 25 مليار درهم في 2023), خصصت منها أكثر من 11 مليار درهم لدعم قنينة الغاز والباقي للمواد الغذائية: السكر والقمح. ورغم أهمية الدعم المخصص للقمح والسكّر إلا أن حصة الأسد موجهة لدعم قنينة الغاز حيث أن استهلاك المغاربة لغاز البوتان يتعدى 2.7 مليون طن سنويا أي ما يناهز 230 مليون قنينة من فئة 12kg. وتراوح الدعم المخصص لهذه المادة في الفترة الممتدة بين 2008 و 2023 بين 35 درهما و 95 درهما للقنينة الواحدة، أي بمعدل 65 درهما للقنينة الواحدة. ووصلت الكلفة الإجمالية لدعم قنينة الغاز إلى 22 مليار درهم في 2022 أي ما يعادل 5% من ميزانية الدولة و 1.5% من الناتج الداخلي الخام مما يجعل دعم الحكومة لهذه المادة الأعلى في العالم.

وفي هذا الإطار فإن الرفع من ثمن قنينة الغاز ب 10 دراهم سنويا وذلك في الثلاث السنوات المقبلة يبقى هامشيا مقارنة بالدعم الذي خصص لهذه المادة كما أشرنا إلى ذلك أعلاه حيث لن يتعدى 30% من الدعم الذي خصص في سنة 2022 (95 درهما وهو الأعلى منذ إطلاق صندوق المقاصة) و 50% من المعدل السنوي في 15 سنة الأخيرة. وإذا عدنا إلى حجم استهلاك قنينة الغاز فهو يناهز 230 مليون قنينة سنويا أي تقريبا 20 مليون درهم شهريا. وإذا افترضنا أن عدد العائلات في المغرب يناهز 10 مليون عائلة وإذا لم نأخذ بالحسبان استهلاك المطاعم والفلاحة فإن متوسط الاستهلاك عند كل عائلة لا يتعدى قنينتين في الشهر (مع تفاوتات كبيرة بين الطبقات الاجتماعية). وفي هذا الإطار فإن التأثير السلبي للرفع النسبي والتدريجي للدعم المخصص لقنينة الغاز على القدرة الشرائية للمواطن سيتراوح بين 20 و 60 درهما لكل عائلة شهريا بينما سيمكن ذلك الدولة من توفير 7.5 مليار درهم في أفق 2026 (منها 2.5 مليار في السنة الأولى). وفي نفس الإطار فإن ما سيتم توفيره من دعم لقنينة الغاز، فسيوجه للدعم المباشر والذي خصصت له الدولة ميزانية تناهز 24 مليار درهم في سنة 2024 وستصل إلى 29 مليار درهم في أفق 2026. ويجب التركيز على أن أكثر من 3 ملايين أسرة (أو ما يعادل 10 ملايين شخص) يستفيدون من دعم شهري ما بين 500 درهم وأكثر من 1000 درهم لكل عائلة وهو ما يتعدى بكثير الثمن الاضافي الذي سيتم دفعه لأداء قنينة الغاز.

وإذا كان يمكن شرح آليات الرفع التدريجي للدعم عن قنينة الغاز ، إلا أن كثيرا من الغموض يلف مصير دعم المواد الأخرى وخصوصا القمح والسكر. ولهذا وجب تبني خطاب واضح وصريح حول مآل صندوق المقاصة برمته وهل نتجه إلى إلغاء الدعم بشكل نهائي في الأفق المتوسط.

وإذ كان من الممكن تفنيد مخاوف المواطنين وخصوصا الطبقات الهشة المرتبطة بارتفاع أسعار قنينة الغاز، فإنه في المقابل لا شيء يفند مخاوف الطبقة المتوسطة من تراجع قدرتها الشرائية وذلك بسبب ضعف السياسات الاجتماعية والاقتصادية الداعمة لها. ومن هنا وجب الشروع في أسرع في المرحلة الثالثة من إصلاح النظام الجبائي وخصوصا الشق المتعلق بالضريبة على الدخل وشرح القدرة الشرائية الإضافية التي سيتحصل عليها المواطن من هذا الإصلاح.

كما يجب التحذير من استغلال الرفع النسبي للدعم المخصص للغاز من طرف بعض الفاعلين الاقتصاديين وذلك بزيادة أسعار عدد من المواد / الخدمات خصوصا المواد الفلاحية والمطاعم والمقاهي.

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي