ضاعف فيروس كورونا المستجد، الذي يتفشى في المغرب منذ شهر مارس الماضي، من معاناة مرضى الوسواس القهري، بعد أن باتت كل السلوكات والتصرفات التي يقومون بها، عبارة عن خطوة يحسب لها الشخص ألف حساب قبل الإقدام عليها، في ظل وجود تهديد متربص بالجميع، ويتعلق الأمر بـ”كوفيد19″.
وتستحدوذ على المريض بالوسواس القهري، أفكار سلبية لدرجةٍ يمكنها عرقلة الحياة اليومية للشخص، والوقوف حائلا دون قيامه بأي شيء طبيعي، ويتضاعف هذا الوسواس خلال الأزمات مثل الأوبئة، مثل ما وقع في النصف الثاني من القرن الماضي، حيث كان ثلث مرضى الوسواس، على فيروس نقص المناعة البشرية المكتسبة، بسبب كونه، أبرز الأمراض وقتها، وهو تماما ما يحصل في الفترة الراهنة.
وحتى قبل تسجيل أي إصابة بكورونا في المغرب، ظلّ حسن، وهو اسم مستعار لشخص يعاني من وسواس مفرط من الأمراض، حيث كان يشعر، في يناير الماضي، بأنه تعرض لعدوى “كوفيد-19″، رغم أن الفيروس الجديد، لم يكن وقتها قد وصل للمملكة بعد، إلا أنه أحسّ بنفس الأعراض، وكان يشك في تغاضي الدولة عن هذا المستجد وقتها، ويظن بأن وزارة الصحة تخفي الحقيقة.
وبعد دخول الفيروس للمغرب، يقول المتحدث لـ”بناصا”، والذي لا يغادر المنزل، إلى غاية اليوم، بالرغم من رفع الحجر الصحي:”لم أكن أخرج، وكنت حريصا على نظافة يدي وجسدي تفاديا لأي احتمال لإصابة بالعدوى، لدرجة مبالغ فيها، وحتى في ظل حرصي الشديد على الإجراءات الوقائية، ظللت مريضا؛ أعاني من نفس الأعراض، سأكون صادقا إن قلت إني أصبت بكورونا أو ما يشبهه في 5 مناسبات منذ مارس أو أكثر”.
وأضاف:”كنت أغسل يدي لمدة قد تصل أحيانا لدقيقة، حتى أشعر بالراحة، وبأني فعلا لم أترك أي احتمال للفيروس، أما المعقم، فلم أشتري الكحول متخفض التركيز، بل قمت باقتناء الكحول عالي التركيز 96 درجة، بالإضافة إلى استحالة خروجي، وحتى في حال ذهابي للمتجر القريب من المنزل، كنت أعود وأقوم بنزع كامل ملابسي وغسلي يدي جيدا وتنظيف جسدي وبعدها أجلس”.
ويرى حسن، بأن الأعراض التي أصيب بها هي لكورونا، موضحاً:”أنا اتصلت في الشهر الأول مرتين بمصلحة ألو اليقظة الوبائية، وأخبرتهم عن أعراضي، غير أنهم رفضوا القدوم لأخذي، لأنه لا تتوفر في شروط اعتباري حالة يشتبه في إصابتها وقتها، وهي القدوم من دولة موبوءة، أو مخالطة شخص تأكدة إصابته، أو التواجد في مكان سجلت به إصابة مؤكدة”.
الشخص ذاته أشار إلى أن ما عاناه لا يقتصر على الأعراض فقط، بل إنه لم يكن يقابل أي شخص، وكان يطرد حتى الأقرباء في حال طرقوا باب منزلهم، إلى جانب مطالبته لوالدته وإخوته بعدم الخروج نهائيا من البيت، في ظل أن الوالد هو المسؤول عن المصروف اليومي والعمل، وحتى في حال خرجوا، فإنه يشدد على التفادي النهائي لركوب سيارات الأجرة أو الاختلاط مع أي شخص.
ويرجع سبب الإصابة بالوسواس القهري لعدة أمور، من بينها المعاناة من مرض خطير وبعدها التعافي منه، أو معاينة أحد الأقرباء الذين عانوا من مرض خطير ثم توفوا جراءه، أو في أحيان أخرى، خلل في الدماغ، ما يجعل الشخص يتخيل أموراً غير حقيقية.
وينصح الخبراء الأشخاص الذين يعانون من الوسواس، بأن يلتزموا بالإجراءات الوقائية دون الإفراط فيها، واتباع التوصيات الصادرة عن وزارة الصحة بشأن غسل اليدين بطريقة جيدة لمدة 20 ثانية، والتي تعتبر كافية لتدمير الفيروس، واستعمال المعقمات التي ينصح بها، وارتداء الكمامة والانضباط للتباعد الاجتماعي.
ويحذر الخبراء من أن الوسواس القهري، قد يؤدي ببعض الأشخاص إلى شرب المعمقات، أو الإكثار من الأعشاب التي يروج على أنها تقوي المناعة لدرجة يصعب على كورونا التأثير على الشخص، بالإضافة إلى غسل اليدين لوقت طويل ما قد يتسبب في جروح وكدمات، أو الدخول في نوبات بكاء في حال كان الأهل غير ملتزمين بالإجراءات الوقائية، وهي أمور، تحتم، حسب الخبراء، مراقبة من يعاني من هذا المرض، بشكل دائم.
تعليقات الزوار ( 0 )