Share
  • Link copied

فوزي: حفتر ينهار واتفاق الصخيرات المصدر الشرعي الوحيد للحفاظ على دولة ليبيا

هو واحد من الذين خبروا الملف الليبي بأدق تفاصيله، ليس من خلال تتبع سياقاته وأخباره فقط، بل إن محاورنا اليوم يجر وراءه تاريخا مليئا بالأحداث، شاءت الأقدار أن تقود عبد الكريم فوزي يوم كان مقربا من عبد الكريم مطيع إلى ليبيا، حيث نسج في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي علاقات كبيرة منذ حكم القذافي، وقبل الإطاحة به في ثورة 17 فبراير 2011، يجد الرجل نفسه عارفا بما يجري في كواليس الصالونات السياسية، وقريبا ممن ورثوا حكم المعمر.

ويعتبر فوزي خبيرا في الشؤون الليبية، لعب دورا هاما في تدبير خفايا اتفاق الصخيرات، إلى جانب الآلة الديبلوماسية المغربية، لأنه واحد من الشخصيات السياسية التي نسجت علاقات متينة ومثيرة سواء مع رموز القيادات الإسلامية لثوار 17 فبراير، الذين نسق فوزي حضورهم للحوار الليبي بالمغرب، أو حتى مع رموز نظام العقيد معمر القذافي.

فوزي له دراية عميقة، بما يجري داخل حكومة السراج، والنافذين في السلطة في ليبيا، من أمثال عبد الفتاح الدوادي، وعبد الحكيم بلحاج، رئيس المجلس العسكري في طرابلس سابقا، ورموز آخرين من نظام القذافي، وهكذا استطاع أن يتحول إلى وسيط جيد من خلال علاقاته الواسعة وينسق فيما بينهم ويكون صلة وصل بينهم وبين المسؤولين المغاربة الذين أشرفوا على اتفاق الصخيرات ومهدوا للتوقيع عليه.

في هذا اللقاء الصحفي، يكشف لنا فوزي ويحلل جانبا من خفايا ما يجري من أحداث وتطورات متسارعة في ليبيا السراج زعيم حكومة الوفاق الوطني مدعومة تركيا، وليبيا حفتر المدعوم إماراتيا وروسيا الذي تتوالى هزائمه.

بداية كيف تقرأ تطورات الملف الليبي؟ ماهي العوامل التي ساهمت في تحقيق حكومة الوفاق لهذا الانتصار؟ هل سيصمد هذا الانتصار طويلا؟

التطورات التي شهدتها ليبيا مؤخرا هي تطورات مهمة على مستوى تحديد نتائج الصراع الداخلي، وما كانت تسعى الأطراف الداخلية لتحقيقه، وخصوصا حفتر الذي كتب نهاية مأساوية لطموحاته لحكم ليبيا وقضى على آمال البقاء ضمن المشهد السياسي مستقبلا.

كما أن هذه التطورات، قضت على آمال ومخططات داعمي حفتر في تحديد القوى الحاكمة لليبيا مستقبلا، وكذلك لما يمكن أن يجنوه من مكاسب اقتصادية واستثمارات وعائدات مالية نتيجة وعود لتعهدات قطعها حفتر على نفسه في حال انتصر في هذه الحرب.

وماذا عن صمود هذه الانتصارات أمام سلطة حفتر المدعوم إماراتيا؟

لابد أن نشير هنا أن ما يتعلق بالمناطق التي استعادة حكومة الوفاق السيطرة عليها، وبعد ما تكشف من دمار وألغام في بيوت المدنيين، ومقابر جماعية لمدنيين كذلك، ومئات الجثث التي اكتشفت في حاويات في مستشفى ترهونة، فإن حفتر قضى على ما تبقى من احتمال لدعمه والوقوف ضد الوفاق، ما يؤكد صمود هذه الانتصارات وتأكيدها وتطويرها على مناطق أخرى في ليبيا.

ولكن يبقى السؤال الأهم كيف نجحت أنقرة في إنقاذ حكومة الوفاق، وقلب موازين المعركة في ليبيا؟، كيف تقيم لنا هذا الدور؟

لقد كان الدور التركي حاسما في تحقيق هذه الانتصارات، ولا شك أن الأتراك استفادوا كثيرا من عضويتهم في حلف الناتو وكذلك بنوا تدخلهم على اتفاق موقع مع حكومة شرعية جاءت باتفاق دولي واعتراف دولي، كما أن هذا الاتفاق كان علنيا وشرعيا ومؤيدا من طرف الأمريكان الذين كانوا ولا يزالون متخوفين من تمدد الدب الروسي في جنوب المتوسط، الأمر الذي أحرج داعمي حفتر من الأوروبيين وخصوصا فرنسا العضو في حلف الناتو، وأكثر وأقدم مؤيدي حفتر، والتي خرجت من هذا الصراع بخفي حنين، كما هو حال فرنسا في كل الصراعات.

في اعتقادي أن تركيا قامت بتعويض النقص الذي كانت تعانيه في المعركة، والمتعلق بداية بالدفاعات الجوية ضد الهجامات بالطيران العادي والمسير ، والذي كان السبب الرئيس في الانتصارات التي حققها حفتر في كل المناطق، ثم انتقلت هذه الميزة لصالح الوفاق، وصار زمام المبادرة في يدها بعد تزويدها بالدرون التركي الذي ساهم بشكل كامل في قطع خطوط الإمداد الطويلة ما دفع بالمرتزقة الروس للانسحاب. وكما هو معلوم فإن قوات الوفاق تقاتل على الأرض وتتفوق على المرتزقة.

لكن ألا معنا أن الأحداث تتسارع يوما عن يوم، ما السبب في ذلك؟

الملف الليبي يتطور بسرعة وبقوة لصالح حكومة الوفاق الشرعية، وهذا امر ظاهر لكل متابع، وأما عوامل الانتصار فكثيرة، فأولها ضعف المشروع الانقلابي لحفتر وما يحمله داخله من عوامل الانهيار وان ظهر انه قوي، والثاني، تطور أداء قوات الوفاق، والثالث هو الدعم التركي العسكري والسياسي لحكومة الوفاق.

ويطبيعة الحال هذه الانتصارات سنصمد وستستمر .ومشروع حفتر على وشك الانهيار التام خاصة بعد الخلافات الكبيرة بينه وبين عقيلة صالح .والذي يحاول السيسي تداركه واصلاحه ..الان سرت ستحرر كما تحررت نرهونه وبعدها الجفرة ثم المواني النفطية. فالحقيقة أن الليبيين هم الذين نجحوا في إنقاذ حكومتهم. القوات التركية كانت عامل داعم وقوي.وهنا أعتقد أن أكبر دور قامت به تركيا ليس هو دعم الليبيين بالسلاح فقط، بل هو تذويب بعض الخلافات التي كانت موجودة في صفوف قوات الوفاق، والتي اختل معها ترتيب أولويات المعركة بين تحرير صبراتة، أو ترهونة أو سرت ، والتي كانت عائقا كبيرا عن عملية الحسم، ثم كان للطيران التركي والدفاعات الجوية الدور المهم في حماية طرابلس من طيران الإمارات وفرنسا.

هل لك أن تكشف لنا عن أهمية الدور المغربي في الملف الليبي، رغم كل محاولات البعض من إقصاء من هذا الملف؟

كل الليبيين اليوم، يدركون الدور المغربي في ليبيا، والجميع يعلم أن الشرعية الموجودة في ليبيا الآن كان منبعها من الصخيرات، وقد فشلت جميع محاولات اللقاءات بعدها وقبلها سواء في جنيف او باليرمو او غيرها .وما زال الدور المغربي حاضرا في ليبيا من خلال ثقة جميع الاطراف في المملكة وشعورهم ان ماتقوم به المغرب ليس نابعا من اطماع او مصالح انما من علاقات تاريخية واخوية تربط الشعبين .واتوقع انه لو اراد المغرب إعادة تفعيل أي حوارات بين الأطراف الليبية في المرحلة القادمة فستحقق في ذلك نجاحا أكيدا.

وأما المحاولات لاقصائها فهذا أمر معتاد في عالم السياسة ولكن هذه المحاولات الإقصائية لم تنجح سابقا ولن تنجح مستقبلا.

بعد الحسم العسكري بطرابلس، لاحظنا زيارات متتالية وتحركات سياسية مثيرة، ما الذي يدور في الكواليس؟ ماهو هدف حكومة السراج في المرحلة القادمة؟

بداية ينبغي التأكيد على أن الملف الليبي خرج من أيدي جميع الأطراف الليبية، وان الأطراف الدولية هي التي ستفرض الحلول للمرحلة المقبلة.

يعتقد الكثيرون، أن مبادرة القاهرة لم تأت بجديد، وهذا مؤكد. لأن البنود التي وردت فيها كانت تناقش منذ ما قبل العدوان، على طرابلس، وهناك قناعة متزايدة لدى الأطراف الدولية بضرورة إحداث تغيير يفضي إلى توحيد مؤسسات الدولة، وإنهاء الصراع المسلح والبدء في مصالحة وطنية شاملة، وإعادة صياغة المؤسسات الحاكم للمرحلة الانتقالية المقبلة، والتي لا ينبغي أن تتجاوز سنة ونصف تبقي على البرلمان ومجلس الدولة واستحداث حكومة تصريف أعمال يكون أعضاءها ليسوا من المجلس الرئاسي، وتعمل جميع الاطراف على انتخابات سياسية وتدبير للمرحلة الدائمة وعلى رأسها وضع دستور البلاد.

في هذا السياق كيف تقرأ لنا مستقبل الموقف الروسي هل تتفق مع من يقول “أن مصالح روسيا تتجاوز وضع كل بيضها في سلة واحدة”؟ على ماذا يؤشر انسحابها؟

روسيا تعلم تماما أن ليبيا لا تقع ضمن مناطق نفوذها، وأن الغرب لن يسمح لها بالتواجد جنوب المتوسط، لكن روسيا استغلت احتياجات حفتر لايجاد موطأ قدم وتحقيق بعض المكاسب التي تمكنها من التفاوض مع تركيا والغرب لافتكاك مكاسب لها، فالأمر بليبيا مختلف عن دورها في سوريا وأوكرانيا.

الانسحاب الروسي من جنوب طرابلس تم باتفاق مع الاأراك ورضى الامريكيين، ولم يكن الليبيون طرفا في هذا الاتفاق. وبالمناسبة، فهذا الانسحاب ليس انسحابا كاملا لا. هو انسحاب لمناطق أخرى داخل ليبيا ما يؤكد إصرار الروس على تحقيق مطالبهم قبل الانسحاب الكامل.

ما ميز الملف الليبي هو أنه لم يكن بعيدا عن الأعين المغربية، فأهمية الدور المغربي في الملف الليبي واضحة وجسدها اتفاق الصخيرات، بالرغم من محاولات البعض إقصاءه من هذا الملف؟ كيف تعلق لنا على هذا الدور؟

لا يوجد خلاف أبدا، أن المغرب يحظى بأهمية كبيرة في المنطقة، وأن علاقاته القوية والتاريخية مع اللاعبيين الدوليين تشكل عاملا مهما وحاسما في كثير من القضايا الإقليمية.

لقد كان اتفاق الصخيرات علامة فارقة في هذه المسيرة، وأثبت بشكل قاطع ثقة جميع الأطراف الليبية في المغرب، خصوصا وأنه يرتبط بعلاقات قوية مع ليبيا مبنية على الروابط الأخوية، والمصالح المشتركة للبلدين ودول المنطقة كلها. كما أن المغرب ليست له مطامع في ليبيا ومن مصلحته ان تكون ليبيا مستقرة ومزدهرة.
المؤسف ان المغرب لم يولي الاهتمام الكافي لمتابعة ما تم تحقيقه في الصخيرات، ونأى بنفسه، ما أفسح المجال لخصوم المغرب لملأ هذا الفراغ والتلاعب بالأطراف المتصارعة حتى وصلت الأمور إلى ما وصلت إليه.

هل في نظركم هل نسلم بتراجع الدور المغربي، أم نعتبره قادرا على لعب الورقة الأخيرة في هذا الصراع؟

لا تزال الفرصة سانحة لعودة المغرب لاستثمار رصيد الثقة لدى الشعب الليبي ككل واستثمار علاقات المغرب وتأثيره في إعادة عزلة الحوار لسكتها التي انطلقت عليها في مسار الصخيرات، وبإمكان المغرب حشد الدعم الإفريقي والأوروبي والدولي من أجل دعم استكمال الحوار الذي بدأ على أرض المغرب برعاية صاحب الجلالة الملك محمد السادس

ماهو مصير حفتر، و الحلف الداعم له في ليبيا وفي مقدمته الإمارات ومصر وروسيا، وكيف سيكون عليه حال الحوار القادم لحكومة السراج؟

لم يعد لحفتر اي دور وقد كتب نهايته بيديه وبتهوره وانسياقه وراء املاءات داعميه الذين غرروا به وتجاهل مصلحة ليبيا والليبيين وتمادى في تنازلاته من أجل الجري وراء وهم السلطة والحكم.

جميع الأطراف محليا واقليميا ودوليا لا يمكنها المراهنة والاستثمار في مشروع ظهرت عوراته وفشله، وأثبت عدم قدرته على تحقيق اي مكاسب، وتجاهل حقيقة ان تركيا بدعم امريكي، صارت اللاعب الأهم في ليبيا وأن تركيا وأمريكا لم تعودا ترغبان في وجود حفتر حتى ضمن المشهد، ناهيك عن أن يكون متصدرا له.

فيما يتعلق بحكومة السراج رغم تحقيق الانتصارات الا أنها مازالت تسعى لايجاد توافقات ليبية تقلل من خسائر الحروب .فمن المتوقع بعد تحرير سرت والجفرة والجنوب، أن تنطلق جولات من المفاوضات، سيتم فيها استبعاد حفتر عن طاولة المفاوضات ليتصدرها عقيلة صالح أوغيره.

Share
  • Link copied
المقال التالي