انتقلت “حكومة أخنوش”، من مهاجمة التقارير الدولية عن الفساد وحقوق الإنسان في المغرب، إلى فعل الشيء نفسه، مع تقارير مشابهة صادرة عن مؤسسات دستورية وطنية، دون أن تجد “أي حرج”.
وكشف محمد الغلوسي، رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، في تدوينة نشرها على حسابه بـ”فيسبوك”، تفاصيل هذا الانتقال من قبل الحكومة، التي باتت تتضايق كثيرا من “مكافحة الفساد”.
وقال الغلوسي، إن الحكومة “تضايقت كثيرا من ورش مكافحة الفساد، وتخليق الحياة العامة، وحصل إجماع داخل مكوناتها بأن هذا الموضوع أصبح مزعجا ومثيرا للقلق، وأنها مستعدة للحزم مع كل الجهات التي تثير هذا الملف الشائك كيفما كانت طبيعة هذه الجهات (جمعيات مدنية، مؤسسات دستورية)”.
وأوضح الناشط الحقوقي، أنه لهذا السبب، فإنها “تسير بخطى حثيثة لمنع الجمعيات من التبليغ عن الفساد ومواجهة المؤسسات الدستورية المثيرة للموضوع لحشرها في الزاوية وتحويلها إلى مؤسسات صورية”، متابعاً: “بالأمس كانت الحكومة تشحذ أسلحتها لمواجهة التقارير الدولية وتتهمها بخدمة أجندات مشبوهة، واليوم لا تجد أي حرج لترديد نفس الأسطوانة اتجاه مؤسسات دستورية وطنية بنفس المعنى ولكن بلغة مبطنة!!”.
واسترسل الغلوسي، أن بايتاس، ووزير العدل، تحدثا “بنفس اللغة وشعر هذا الأخير بنشوة خاصة لأنه لم يعد يتحدث لوحده في الموضوع. موضوع مكافحة الفساد ظاهرة معقدة ونسقية ومعممة لا تقبل التسطيح الذي تم استعماله من طرفهما، الأمر ليس كما قال وزير العدل “أين هم من سرق مبلغ 50 مليار درهم لنعتقلهم”.
واعتبر الغلوسي، أن وزير العدل، استعمل “التهريج الواضح وليس النقاش المسؤول الصادر عن رجل دولة يحترم المؤسسات ويحترم نفسه قبل كل شيء. هو التفاف وتهريب للنقاش حول قضية مصيرية تهم الدولة والمجتمع، الأمر يتعلق بمدى توفر الإرادة السياسية الحقيقية لمواجهة معضلة الفساد”.
ونبه إلى أن هذه المعضلة، “جعلت المغرب في المرتبة 97 من أصل 180 دولة على مستوى مؤشرات إدراك الفساد الذي يستنزف ما يقارب 50 مليار درهم سنويا. الفساد واقع لا يرتفع وشظاياه أصابت أحزابا سياسية ضمنها أحزاب التحالف الحكومي التي تورط بعض أعضائها في شبكات فساد خطيرة، وربما وزير العدل تناسى أن قياديين في حزبه متابعون أمام القضاء بتهم مشينة”.
وأردف: “لا أدري ماذا ستقول الحكومة حول تقارير بنك المغرب والمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، والمندوبية السامية للتخطيط، والمجلس الأعلى للحسابات، ولجنة النموذج التنموي، وكلها مؤسسات تحدثت عن آثار الفساد والرشوة على البرامج والسياسات العمومية الموجهة للتنمية والمجتمع؟وربما ستتهمها هي أيضا بكونها تقدم المغرب بكونه بلد ينتشر فيه الفساد والريع لأنها لاترى منجزات الحكومة في مجال محاربة الفساد!”.
وأبرز أن “المغاربة لا يمكن الكذب عليهم أو مغالطتهم بتصريحات شاردة وفاقدة للمصداقية واللباقة تتوخى ترهيب الجمعيات والمؤسسات الدستورية بخلفية طمأنة لصوص المال العام، وتقمص الحكومة لدور المحامي الشرس للدفاع عنهم فقط لأن حفنة منهم يشكل صمام آمان هذه النخبة المرتشية لضمان المناصب والمقاعد في الانتخابات المقبلة، لذلك فإن حكومة الباطرونا وتضارب المصالح وزواج السلطة بالمال تقوم بكل شيء من أجل طي ورش مكافحة الفساد وإغلاقه بشكل نهائي خدمة لمصلحة لوبي الفساد ونهب المال العام”.
وأردف، أنها بهذه الطريقة، “جمدت الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد، وأغلقت كل نقاش حول تجريم الإثراء غير المشروع، وقتلت اللجنة الوطنية لمكافحة الفساد، كما رفضت توصيات وخلاصات المؤسسات الدستورية حول الموضوع وفي مقدمتها الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، والتي تفرغت الحكومة لتسفيه عملها والهجوم عليها عبر منصة البرلمان عوض استعمال القنوات الرسمية لتبادل وجهات النظر وتفعيل توصياتها وملاحظاتها خدمة للمصالح العليا للبلد”، مختتماً: “لا يسعنا إلا أن نقول هنيئا لنا، الفساد يتغول ويهدد الدولة والمجتمع والحكومة تفرش له البساط الأحمر”.
تعليقات الزوار ( 0 )