في فضيحة مدوّية، كشفت مؤسسة “sirisacademic”، في تقرير مفصّل، كيفية تلاعب الجامعات السعودية، في تصنيف شنغهاي، لأفضل الجامعات بالعالم، بطريقة غير مباشرة، وذلك من خلال منح أموال طائلة إلى باحثين مدرجين ضمن قائمة الأكثر استشهادا، لإدراج اسمها في خانة مقرّ العمل الرئيسي، بغية تحسين ترتيبها.
وكشف التقرير، الذي أوردته “elpais”، تفاصيله، أن جامعة الملك سعود السعودية، عرضت على باحثة إسبانية في الكيمياء، تدعى ميرا بتروفيتش، 70 ألف يورو سنويا، من أجل وضع المؤسسة كمقر عمل رئيسي، في قائمة”Clarivate”، التي يعتمدها تصنيف “شانغهاي”، لتحديد أفضل الجامعات في العالم.
وأضاف المصدر، أن بيتروفيتش، لم تكن مطالبة بالحضور إلى الجامعة، سوى في مناسبتين في السنة، غير أنها رفضت العرض، معتبرةً إياه “غير لائق”. وتابعت “إلباييس”، أن هناك عشرات الباحثين ذوي السمعة الطيبة، من جميع أنحاء العالم، مدرجون على أنهم منتسبون للجامعات السعودية كمقر عملٍ رئيسي، بطريقة احتيالية.
وأوضحت الصحيفة، أن الصين جاءت في المرتبة الأولى، من حيث عدد الباحثين المدرجين في الجامعات السعودية، بهذه الطريقة بواقع 12 حالة، فيما حلت وإسبانيا في المركز الثاني 11، مانحين بذلك “القفزة الوهمية”، إلى الجامعات المملكة العربية، في تصنيف “شنغهاي”.
وذكر المصدر، أن تصنيف شنغهاي، يعتمد بدرجة أساسية على عدد الأساتذة الحائزين على جائزة نوبل، وعدد الأساتذة الأكثر استشهادا بدراساتهم من قبل الزملاء الآخرين. مبرزاً أن الجامعات السعودية، تقدم لهؤلاء الباحثين الذين يتم الاستشهاد بهم، أموالا سهلة لتغيير مكان عملهم الرئيسي في قاعدة البيانات، دون الاضطرار إلى العمل.
واسترسلت “إلباييس”، أن الكيميائي رفائيل لوك، قبل عرضا سعوديا في سنة 2019، وقام بتعديل بياناته، ليظهر أولا كباحث في جامعة الملك سعود، في حين كان يشتغل في الأصل، بجامعة قرطبة، ما دفع الأخيرة إلى طرده، مع معاقبته بحرمانه من العمل والراتب لـ 13 سنة. هذا التغيير، كلّف جامعة قرطبة تراجعا بنحو 150 مركزا في تصنيف شنغهاي، بحيث كانت ستتواجد في الرتبة 684، بدل 837 الموجودة بها حاليا.
وقبل لوك، كانت الكيميائي داميا بارسيلو، من أوائل الباحثين الإسبان الذين قبلوا عرضا سعوديا، في سنة 2016، حيث تم إدراجها في جامعة الملك سعود، رغم اشتغالها في المعهد الكاتالوني لأبحاث المياه، مسترسلةً أن المعنية، برّرت الأمر، بأنها كانت تحلل الملوثات في المحاصيل المروية بمياه الصرف الصحي في السعودية.
وأبرزت بارسيلو، التي تعتبر من أكثر علماء إسبانيا إنتاجاً بـ 1600 دراسة، في السياق ذاته، أن الحل لكي تجري هذه الدراسات، كان يقتضي الانتساب إلى جامعة الملك سعود، لأنه بدون ذلك، لن تتمكن من جمع العينات في المملكة العربية السعودية.
في سنة 2013، منح الملك الحالي للسعودية سلمان بن عبد العزيز، بارسيلو، جائزة بقيمة 120 ألف يورو، لأبحاثها حول ملوثات المياه. ولم تكشف المعنية، حسب “إلباييس”، القيمة المالية للعقد الذي يربطها بالجامعة السعودية، باستثناء التعويضات عن السفر، الإقامة في الفنادق الفاخرة، وحوالي 2000 يورو لكل مؤتمر.
ونبهت إلى أن السعودية، تضم 112 باحثا في قائمة أكثر العلماء استشهادا في العالم، وهو ما يمثل نسبة تعادل خمسة أضعاف ألمانيا، من ضمنهم لويس مارتينيز، أستاذ لغات وأنظمة الكومبيوتر في جامعة جيان، الذي دخل قائمة الباحثين الأكثر اقتباسا في 2017، وانهالت عليه العروض من الجامعات السعودية.
وأبرز المصدر، أن مارتينيز، رفض جميع العروض، لمدة 5 سنوات، قبل أن يضطر في السنة الماضية، حسب “إلباييس”، إلى قبول عرض سعودي بقيمة 60 ألف يورو سنويا، بعدما استثني من التمويل الحكومي الإسباني لمشاريعه. نائب رئيس جامعة جيان، جوستافو رييس، صدم بعدما وجد اسم مارتينيز، في قائمة “Clarivate” منتسبا لجامعة سعود، حيث سارع للاتصال به، ومطالبته بالتراجع عن هذا الفعل “اللا أخلاقي”، قبل اتخاذ الإجراءات القانونية المعمول بها ضده.
ونقلت جريدة “إلباييس”، عن عالم الرياضيات، دومينغو دوكامبو، قوله، إن الجامعات السعودية، تقوم بإدراج الباحثين في المؤسسة، مقابل الأموال، داعياً الجامعات الإسبانية إلى التوقف عن غض الطرف عن “الممارسات الفاسدة” التي تقوم بها نظيراتها في المملكة العربية.
وأعرب المتحدث ذاته، عن أسفه لحدوث هذا الأمر، خصوصا أن “إسبانيا جاءت بعد الصين مباشرة في قائمة الباحثين المدرجين في الجامعات السعودية بطرق احتيالية، بواقع 11 حالة، فيما لا تتوفر المملكة المتحدة سوى على 6 حالات، وإيطاليا نفس الأمر، وألمانيا 5، مقابل عدم وجود أي اسم في فرنسا”.
الفيزيائي الإسباني أندريس كاستيلانوس، المتوج بجائزة البحث الوطنية للشباب قبل ستة أشهر في إسبانيا، والمدرج، حسب وزارة التعليم، في معهد علوم المواد في مدريد، قام أيضا بتعديل بياناته على موقع “كلاريفيت”، في سنة 2020، ليصبح باحثا في جامعة الملك سعود، بطريقة احتيالية. وقال كاستيلانوس، عن هذ الأمر: “لقد طلبوا مني هذا الشرط لمنحي منحة زائر بمشروع تعاوني”، متابعاً: “لقد كانت فرصة جيدة لتزويد مجموعتي البحثية بمزيد من الموارد.
ونبهت الصحيفة، إلى أن كاستيلانوس وأيضا بارسيلو، ينتميان إلى أكبر هيئة علمية في إسبانيا، وهي المجلس الأعلى للبحث العلمي، المؤسسة التي فتحت تحقيقا بخصوص الأسماء المنتمية لها، والمدرجة على أنها تعمل في جامعة الملك سعود، بعدما توصلت باستفسار من “إلباييس”.
واستطرد المصدر، أن الجامعات السعودية، تستعمل وسطاء إسبان، من أجل تقديم عروضهم، حيث قام عالم الرياضيات خوان لويس غارسيا غيراو، الذي كان أصغر أستاذ في إسبانيا، بالاتصال بالعديد من أعضاء قائمة الباحثين ذوي الاستشهادات العالية في السنوات الماضية، وحثهم على تغيير مكان عملهم الرئيسي، مقابل التمويل العربي.
ورغم أن غيراو، الذي يشتغل في جامعة البوليتكنيك في كارتاخينا، حصل على لقب “العالم المتميز” للملك عبد العزيز في سنة 2020، إلا أنه يؤكد لـ”إلباييس”، أنه لم يتلق أي أجر مطلقا م جامعة الملك عبد العزيز، مشيراً إلى أن علاقته بها، “علمية حصرية”، ولم يسبق له أن زارها.
واعترف غيراو، أنه هو من اتصال باليابانية أي كوياناغي، وهي طبيبة نفسية تدرس الاضطرابات العقلية في معهد أبحاث “Sant Joan de Déu” في برشلونة، وأقنعها بإدراج اسمها في جامعة الملك عبد العزيز، كمكان عملها الرئيسي، وهو ما فعلته في سنة 2022، تاركةً المؤسسة العامة التي تدفع راتبها في المرتبة الثانية.
خبير التاريخ في جامعة ميغيل هيرناندي في إلتشي، خوسيه أنخيل بيريز، ذكر أن عالم الرياضيات خوان لويس غارسيا غيراو، اتصل به في سنة 2020، خلال أزمة كورونا، ودعاه إلى إدراج اسمه في جامعة الملك عبد العزيز، كمكان عمل رئيسي في قائمة “كلاريفيت”.
تعليقات الزوار ( 0 )