شارك المقال
  • تم النسخ

غسان أمرسال.. المسؤولية التاريخية للحكومة المقبلة، التحديات والرهانات

وضعت المعركة الانتخابية لـ8 شتنبر، أوزارها بتصدر حزب التجمع الوطني للاحرار لنتائجها وتقدم ملموس في عدد المقاعد لكل من حزب الاستقلال والاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بالمقارنة مع سابقتها. في المقابل تقهقر حزب العدالة والتنمية الذي استأث بالحكومة لمدة عشر سنوات منتصرا في تدبيره لنموذجه السياسي المحافظ ذي المرجعية الدينية و لولائاته لقيادته السياسية.

لم تكن المعركة سهلة لتحقيق هذه النجاحات الكاسحة والنصر الماحق على قوى كانت تدغدغ الشعور الديني لدى المواطنين وتغازل فيهم قيم الفضيلة والطهرانية والتدين والاحسان على حساب قيم المساواة وتكافؤ الفرصو الكفاءة والحريات الفردية والمبادئ الكونية لحقوق الانسان. الى ان انكشف المستور وتعرت اهدافهم ليسقطهم الشعب من صوامعهم العاجية.

هذه المعركة التي انخرط فيها الكل، مواطنين بأصواتهم و اعلاما بمنابره والاحزاب باستراتيجياتها ومواقع التواصل الاجتماعي بمنصاتها و كل الجمعيات و القوى الحداثية. 

معركة لم تكن قط سهلة تطلبت سنوات وسنوات لإزاحة المد الاسلاموي على مغرب متعدد الهويات، متسامح، متضامن، وتواق الى الرفاه والحرية. 

وبذلك فبقدر قوة المعركة وقوة النتائج المحصل عليها وإيجابيتها، بقدر تعاظم المسؤولية الملقاة على كاهل حكومة عزيز اخنوش التي يعقد عليها المغاربة كل آمالهم لتصحيح اخطاء قيادة الحكومتين السابقتين وامتداداتهما البرلمانية التي لولا بعض مكوناتها الحزبية الاخرى وتدخلات صاحب الجلالة كما في حالة تدبير جائحة كوفيد بتوجيهاته السامية لأغرقت البلاد والعباد في نموذجها المتاهلك. الكل ينتظر مغرب الرفاه و التنمية والاستثمارات والحقوق و الحريات بمفهومها الكوني والكل يسعى للقطيعة مع هذا الماضي المؤلم الذي كان مكلفا وشاقا.

لهذا فما يجب أن يستوعبه رئيس الحكومة الجديد أن المعركة التي جعلت حزبه يتصدر كانت معركة كل المغاربة و كل الاحزاب، وكان لأي حزب من هذه الاحزاب ان يتصدر لولا ان المعركة الشاقة و الطويلة انهكتهم و ان حكومة الغد ليس حكومة عادية كسابقاتها ، بل هي حكومة الامل ، ان فشلت او كانت عادية في تدبيرها فإنها ستؤدي الى عودة التيارات الاسلامية بكل شراستها و دهائها التنظيمي. 

ان تشكيل الحكومة المقبلة ليست مسألة توزيع غنائم حرب بل هي مسألة صناعة قيادة حكومية مغربية قوية هدفها صناعة التغيير و تنفيذ النموذج التنموي و تحقيق رفاه المغاربة . 

حكومة ملزمة بتطوير الاقتصاد و الصحة و التعليم و الاهتمام الكبير بالشأن الثقافي لتغير بنيات التفكير المحافظة و تزكية الانفتاح و التعدد الثقافي و الابداع الفني و الرياضي وجلب الاستثمارات و توفير مناصب شغل حقيقية و ليست صورية . حكومة الغد يجب ان تكون واعية بان على عاتقها مسؤولية متعددة الابعاد لقطع كل السبل في وجه عودة التيار الاسلامي او اي تيار اسلامي اخر. فقضية افغانستان كشفت ان هذه التيارات لا تموت الا بالتنمية و تطوير الانسان ، فلو ان ذهنية و فكر و ثقافة المواطن الافغاني تطورت لما عادت طالبان . 

حكومة يجب ان يكون اعضائها بلا أخطاء و لا يقبل منهم الخطأ مستقبلا . بل المطلوب منهم ان يكونوا مهندسي اوراش البناء و الاصلاح و التغيير . انها حكومة تناوب جديد بأفق اجتماعي ، يجب أن تكون حداثية و ديمقراطية و منجزة و بخارطة طربق واضحة من اجل تحقيق امال المغاربة .الى السيد اخنوش نقول : مصير مغرب الغد رهين باستراتيجياتك في التأسيس لحكومة الغد و الشعب المغربي غير مستعد للعودة للماضي ، فكن في مستوى المسؤولية و الامانة التي وضعها بين يديك صاحب الجلالة و انطلق مع شركائك و حلفائك وهذا الشعب المناضل من صنعوا اللحظة لبناء مغرب الغد. في معركة تذوب فيها الالوان السياسية ناسجة الحلم لفائدة حكومة ترفع شعار المغرب أولا.

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي