Share
  • Link copied

غبطة الجوار.. مؤلف للسفارة المغربية بتونس يسعى لمنح الدبلوماسية نفساً ثقافياً

أصدرت سفارة المملكة المغربية بتونس، حديثا، كتابا تحت عنوان “غبطة الجوار: شهادات متقاطعة لمثقفين من المغرب وتونس”، وهو كتاب تسعى من خلاله السفارة المغربية بتونس إلى إعطاء الدبلوماسية المغربية نفسا ثقافيا مهما، حيث فسحت المجال لنخبة من المثقفين والكتاب الإعلاميين من كلا البلدين للتعبير بكل حرية عن المشترك الإنساني والفكري والثقافي والحضاري الذي يجمع بين المغرب وتونس، وليكون بذلك هذا الكتاب جسرا للدبلوماسية الثقافية بين البلدين.

“غبطة الجوار” كتاب يقع في 240 صفحة من الحجم المتوسط، يجمع شهادات لنخبة من الكتاب والمثقفين المغاربة والتونسيين، وهو مبادرة ثقافية من سفير المملكة المغربية بتونس الأستاذ حسن طارق، الذي اختار الثقافة طريقا ومنهاجا للدبلوماسية، حسب تصريح للكاتب والباحث التونسي منصف مهني، الذي ساعد في إخراج هذا الكتاب إلى النور، هو والكاتبين المغربيين حسن نجمي وياسين عدنان، إلى جانب المبدعة المغربية ربيعة ريحان، التي يعترف لها السفير المغربي، حسن طارق، في تصريح لموقع “بناصا”، بالفضل في خلق تواصل بناء مع مجموعة من الكتاب والكاتبات من تونس منذ شهر يناير من سنة 2020، التي شارفت على الانتهاء.

ويضم الكتاب شهادات متقاطعة لـ 52 كاتبا ومثقفا وإعلاميا وفنانا من المغرب وتونس، أغلبها كتابات مفتوحة مدونة باللغة العربية، وبعضها باللغة الفرنسية، يقدم فيها الكتاب شهادات أو بورتريهات عن أمكنة أو أشخاص أو علاقات إنسانية جمعتهم بتونس والمغرب، فجاءت نصوصهم ضاجة بالحياة، ومضمخة بالحب وبعبق الأمكنة التي تركت أثرها في نفوسهم، معلنة عن حميمية كبيرة في العلاقات الثقافية والفنية والإنسانية والحقوقية، المتبادلة بين المغاربة والتونسيين. فضاءات فاس ومراكش والرباط وشفشاون، وتونس وقرطاج وسوسة وصفاقس وجربة، وجامع الزيتونة والقرويين، والسادة والشيوخ، السينما والأدب، الشعر والرواية، الإعلام والحقوق، الثورة والتغيير، كلها أشياء تلهب الروح وتغذي العلائق الإنسانية، وتفسح المجال لكل مساحات المشترك الممكنة بين البلدين.

أشياء كثيرة تجمع بين المغرب وتونس، فإلى جانب الجوار، هناك الثقافة والحضارة والتاريخ المشترك، والصداقة العميقة والنبل الإنساني، ولهذا وجدت مبادرة كتاب “غبطة الجوار” صدى طيبا لدى مثقفي وكتاب البلدين، وهو ما عبر عنه الكتاب التونسيون عبر وسائل التواصل الاجتماعي حين تسلمهم لنسخ من الكتاب من يد السفير المغربي حسن طارق، من بينهم الكاتبة والروائية آمال مختار، والشاعرة فاطمة بن محمود. في حين مازال الكتاب المغاربة ينتظرون التوصل بنسخهم من طبعة جديدة ستصدر في المغرب قريبا.

وفي تقديمه لهذا الكتاب يقول السفير المغربي حسن طارق إن البعد الثقافي والفكري للعلاقات الثنائية المغربية التونسية يمنحها “طابعها العريق، ويمدها بضمانات الرسوخ ومعالم الترابط الوطيد، ذلك أن قوة المشترك الثقافي “المرن” تشكل “بنية تحتية” صلبة لكل صيغ التعاون الاقتصادي والسياسي والاجتماعي”.

ويضيف حسن طارق، أن التفكير في قراءة ظاهرة القرب الثقافي المغربي- التونسي قد يتوسل العودة إلى التاريخ بمساراته المتقاطعة والمشتركة، كما قد يجنح إلى فرضيات السوسيولوجيا حول تشابه النمط المجتمعي وحضور فكرة الحداثة داخله طوال اللحظات الكبرى المؤسسة للوطنيتين المغربية والتونسية: لحظة الإصلاح الثقافي والفكري لما بعد المنتصف الثاني من القرن التاسع عشر، لحظة استيعاب الحركتين الوطنيتين لمضامين فكر التقدم الاجتماعي والثقافي، لحظة بناء الدولة الوطنية الحاملة لإرادة التحديث، ثم أخيرا التملك المتدرج لقيم التعدد والاختلاف والمساواة من قبل المجتمعين المدنيين بكلا البلدين”.

ويؤكد حسن طارق في تقديمه لهذا الكتاب، أن هذا القرب اللافت والجوار المثمر قد تعزز بملمح إنساني، عكسته العلاقات الممتدة منذ نهاية خمسينيات القرن الماضي، مرورا بكل الأجيال التي صنعت حاضر ومستقبل الثقافة الوطنية العصرية بكلا البلدين، والمنسوجة بين كتاب وشعراء وروائيين وتشكيليين ومسرحيين وسينمائيين ونقاد وموسيقيين وجامعيين، ينتمون إلى بلدين مختلفين ويشتركون في نفس المغامرة الثقافية وفي ذات الأفق الفكري.

ومن جهتها تعبر الشاعرة التونسية فاطمة بن محمود، عن إعجابها بهذه المبادرة المتميزة لسفارة المغرب بتونس التي يقف وراءها مثقف وأديب، أتى للعمل الديبلوماسي من الأدب وبذل جهد من أجل التأسيس لنوع آخر من الدبلوماسية هي الدبلوماسية الثقافية. وتقول في تصريح لموقع “بناصا”: “الفكرة في حد ذاتها مميزة ولافتة، أن يجعل من هذا الكِتاب الذي اختار له عنوان “غبطة الجوار” منصة لمبدعين من المملكة المغربية ومن الجمهورية التونسية لتبادل المشاعر الإنسانية في زمن يشهد فيه العالم اجتياح عنف العولمة، وللتعبير عن انفعالاتهم تجاه الأمكنة بكل ما تمثله من عمق تاريخي وخصوصية حضارية، لهذا ورد هذا الكتاب في شكل مصافحة حارة بين شعبين وفي شكل ابتسامة متبادلة بين جارتين”.

وتضيف بن محمود أن الدبلوماسية الثقافية ليست مجرد شعارات، بل هي تتحول عبر هذا الكتاب إلى جسر حقيقي بين مثقفي المغرب وتونس، لهذا فنحن في حاجة ماسة إلى منجز إبداعي آخر يجمع كوكبة أخرى من المبدعين والمثقفين من البلدين لتبادل المحبة، وحبذا لو تجعل كل سفارات العالم من الشعراء والروائيين والفنانين سفراءها، كما تقول، لأنها ستضمن أن “العالم سيكون أجمل ويتقلص حجم العنف فيه ويفيض السلام على الجميع”.

ومن بين الكتاب التونسيين المساهمين في الكتاب، نذكر: صالح البكاري، محمد سعد برغل، رافع دخيل، منصف الوهايبي، جميلة الماجري، أمال موسى، آمنة الرميلي، حسونة المصباحي، شكري المبخوت، فتحري التريكي، آدم فتحي، الهاشمي نويرة، زياد كريشان. ومن المغرب نذكر: محمد الأشعري، محمد بنيس، رقية أشمال، محمد بكريم، حسن النفالي، سعيد بنكراد، كمال عبد اللطيف، عبد الصمد بن شريف، عبد السلام طويل، يونس دافقير، سعيد منتسب، نعمان لحلو، عزيزة لعيوني.

Share
  • Link copied
المقال التالي