يحتفل المغاربة يوم 21 غشت من كل سنة بعيد الشباب، ويتزامن هذا اليوم مع الذكرى الستين لميلاد جلالة الملك محمد السادس.
ولم يكن هذا العيد احتفالا من أجل الاحتفال بل تعبئة وتفجيرا لطاقات الإبداع والعطاء عند الشباب وفرصة لابراز الإنجازات التي تحققت لفائدتهم، خاصة في عهد الملك محمد السادس نظرا لما يوليه من عناية خاصة لهذة الفئة من المجتمع المغربي و ما يقوم به من أجل النهوض بأوضاعهم . كما يشكل هذا العيد محطة أساسية لمعرفة مدى الاهتمام الذي توليه السياسات والبرامج الحكومية المتعاقبة للشباب.
وتجدر الإشارة في هذا الصدد أن مسألة الشباب شكلت محورا مركزيا في العديد من خطب جلالة الملك ، لأن إلتزامه تجاه الشباب نابع من قناعته العميقة، بأهمية جعل الشباب في قاطرة التنمية المستدامة ، في إطار رؤية واقعية وطموحة، تجعل من الأجيال الصاعدة، حاملة لمشعل مغرب حديث متقدم ومتطور ، داعيا في أكثر من مناسبة
الأحزاب للانفتاح على النخب الشابة، و استقطاب نخب جديدة، وتعبئة الشباب للانخراط في العمل السياسي.
فعدد من الأحزاب السياسية مازالت تشكل عائقا أمام انخراط فعال للشباب في الحياة السياسية بسبب الجمود الذي تعرفه على المستوى التنظيمي والوظيفي وغياب الديمقراطية الداخلية في كثير منها ، مما يحول دون وصول الشباب إلى مناصب القيادة .
كما تجسدت كذلك العناية الملكية بالشباب عند إعداد النموذج التنموي الجديد، حيث شدد العاهل المغربي في الخطاب الموجه للأمة بمناسبة الذكرى الـ65 لثورة الملك والشعب يوم 20 غشت 2018 على ضرورة وضع قضايا الشباب في صلب النموذج التنموي الجديد . وهكذا حرصت اللجنة الخاصة للنموذج التنموي، على تخصيص جزء من تقريرها لفئة الشباب ، حيث جعلت تشجيع إدماج وازدهاره بالزيادة في فرص وسبل المشاركة المتاحة لهم، واحدا من ضمن الخيارات الاستراتيجية للنموذج التنموي الجديد.
وقد ورد في تقرير اللجنة، أن من بين الرهانات الكبرى والأساسية للمغرب تزويد هؤلاء الشباب بالكفاءات التي يحتاجونها، ومنحهم فرص تحسين آفاقهم المستقبلية وضمان فضاءات لتمكينهم من التعبير والمشاركة المواطنة وأخذ المبادرة .
فالآن أمامنا نموذج تنموي جديد يعد خارطة الطريق المنشود ورؤية استراتيجية لبلادنا في أفق 2035، يحتاج إلى تنزيل وترجمة إلى إجراءات وأهداف ، من بينها تلك المتعلقة بالنهوض بالشباب و جعلهم رافعة للتطور و التنمية و التقدم.
وإذا كان دستور 2011 قد أسس دعائم الديمقراطية التشاركية، فإن ذلك لن يحقق نتائجه المرجوة إلا بتمكين الشباب من المشاركة في تدبير الشأن العام على المستوى الوطني والمحلي، والانخراط في الآليات التشاركية للحوار والتشاور، حتى يتملكون القدرة على إعداد قرارات ومشاريع تهم قضاياه لدى المؤسسات المنتخبة و السلطات العمومية.
وقد أحدث الدستور بموجب الفصل 33 منه المجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي ، والذي ننتظر منه ترجمة قضايا الشباب إلى برامج وسياسات عمومية حقيقية والعمل على تفعيل استراتيجية مندمجة تساهم فيها كل القطاعات المتداخلة والرفع من الميزانيات الموجهة للشباب وإشراكهم في كل المبادرات
فالشباب هم عماد التنمية والتقدم ، و هم الثروة الحقيقية للدولة ، و يمكن لهم ان يلعبوا دورا هاما في صنع الحاضر وقيادة المستقبل. والدول التي حققت تقدما و ازدهارا هي التي تفسح المجال لشبابها للمشاركة الفاعلة في مسيرة البناء والتنمية.
لذلك فإن الوقوف أمام حدث ذكرى عيد الشباب ومحاولة استقراء ماضيه وحاضره ومستقبله يكتسي أهمية كبرى، ومحطة أساسية لمعرفة مدى الاهتمام الذي يولى للشباب و التقدم الحاصل في مجال العناية بهذه الفئة. فهل ينعمون بحقوقهم كاملة ؟، وهل يحتلون المكانة اللائقة بهم داخل المجتمع والأحزاب والمؤسسات والهيئات ؟ ، وهل تم تهيىء قوة شبابية فعالة موجهة لخمة قضايا الشباب ؟
فلنجعل من عيد الشباب نهضة شبابية ، و مناسبة للإقلاع من أجل تحسين أوضاعه و النهوض بحقوقه، لأن في ذلك ربح واستثمار وضمان لتقدم الوطن، و صيانه له من اليأس و الانغلاق ، وربما من الانزلاق في متاهات الانحراف و التطرف .
تعليقات الزوار ( 0 )