Share
  • Link copied

عودة ترامب إلى البيت الأبيض: إفريقيا بين مطرقة اللامبالاة الأمريكية وسندان الفرص الجديدة.. هل تُفتح أبواب التعاون أم تُدفع القارة إلى هامش السياسة العالمية؟

مع استعداد العالم لاستقبال ولاية رئاسية جديدة لدونالد ترامب، كشفت استطلاعات رأي حديثة عن انقسام حاد في الآراء حول تأثير عودته على الساحة الدولية.

ففي الوقت الذي تبدو فيه دول أوروبا وشمال شرق آسيا متشائمة بشأن تأثير ترامب على السلام العالمي ومصالحها الخاصة، تظهر دول من الجنوب العالمي، مثل تركيا وإندونيسيا، أكثر تفاؤلاً.

ويعكس هذا التفاؤل اعتقاداً لدى نخب الجنوب العالمي بأن ترامب قد يكون أكثر انفتاحاً لإبرام الصفقات، وهو ما يجد صدى لدى بعض القادة الأفارقة الذين يرون في عودته فرصاً جديدة، رغم سجلّه السابق من اللامبالاة تجاه القارة.

الولايات المتحدة وإفريقيا: علاقة متذبذبة

وتُظهر البيانات أن التشاؤم الأوروبي نابع من إدراك أن ترامب لا يولي العلاقات عبر الأطلسي نفس الأهمية التي أولاها سلفه جو بايدن ووزير خارجيته أنتوني بلينكن. كما أن سياساته قد تُعقّد الجهود الأوروبية الأمريكية المشتركة لمواجهة روسيا.

ويضعف هذا الانزياح في العلاقات الأطلسية من مكانة أوروبا كقوة عالمية، خاصة في ظل تراجع مصادر قوتها التقليدية: الغاز الرخيص من روسيا، والأمن المدعوم من الولايات المتحدة، والتصنيع منخفض التكلفة في الصين. وفي هذا السياق، قد تفتح هذه التحولات المجال أمام دول إفريقيا لتعزيز نفوذها وخياراتها الاستراتيجية.

لكن المفارقة تكمن في أن اللامبالاة الأمريكية تجاه إفريقيا، والتي كانت سمة بارزة في عهد بايدن، قد تستمر مع ترامب.

فحسب تقارير، فإن إفريقيا تحتل مرتبة متدنية في سلم أولويات واشنطن، حتى أقل من أوقيانوسيا والقارة القطبية الجنوبية. ولا يبدو أن هناك ما يجذب انتباه المسؤولين الأمريكيين إلى إفريقيا سوى التنافس مع الصين، وهو ما قد لا يكون كافياً لتحفيز سياسة أمريكية نشطة تجاه القارة.

تركيز جديد على الصين وأمريكا اللاتينية

ومع تعيين ماركو روبيو وزيراً للخارجية، يبدو أن تركيز الإدارة الأمريكية سينصب على مواجهة النفوذ الصيني في أمريكا اللاتينية، خاصة في قضايا مثل الهجرة والمخدرات.

وهذا التركيز قد يُهمّش إفريقيا أكثر، رغم تعيين ج. بيتر فام مساعداً لوزير الخارجية لشؤون إفريقيا، وهو ما يُشير إلى أن العلاقات الأمريكية الإفريقية قد تُدار عبر قنوات تجارية ولوبيات أكثر منها دبلوماسية.

مستقبل ممر لوبيتو والتنافس على المعادن الإستراتيجية

وتُعتبر قضية “ممر لوبيتو”، الذي يربط بين جمهورية الكونغو الديمقراطية وزامبيا وأنغولا، اختباراً مهماً لسياسة ترامب تجاه إفريقيا.

فمن غير الواضح ما إذا كانت الإدارة الجديدة ستستمر في دعم هذا المشروع، الذي يهدف إلى احتواء النفوذ الصيني، أم ستتخلى عنه كجزء من سياسة تقضي بإلغاء إرث سلفها.

وسيعتمد هذا القرار إلى حد كبير على ضغوط الشركات الأمريكية العاملة في مجال المعادن الإستراتيجية، والتي ستحدد ما إذا كانت تفضل استيراد هذه المعادن مُصنّعة من الصين أم استثمارها في تصنيعها محلياً.

إفريقيا والخيارات الجيوستراتيجية

وفي ظل هذه التطورات، تبدو إفريقيا أمام خيارات محدودة. فالتفاؤل بقدرة ترامب على إبرام الصفقات قد لا يكون كافياً لتعويض اللامبالاة الأمريكية.

وبدلاً من ذلك، قد تتجه القارة أكثر نحو الشرق، حيث المحيط الهندي والصين، بحثاً عن شراكات تنموية تعزز قدراتها على مواكبة النمو السكاني المتسارع.

وبينما تُشير التوقعات إلى أن عودة ترامب قد تُحدث تحولات جذرية في السياسة الدولية، يبقى مصير إفريقيا في هذه المعادلة غير واضح.

Share
  • Link copied
المقال التالي