شارك المقال
  • تم النسخ

عودة العلاقات المغربية الإسرائلية.. هذه هي مكاسب وخسائر الرباط من القرار

قالت مؤسسة بروكينغز الأميركية إن إتفاق استئناف الاتصالات الرسمية الثنائية والعلاقات الدبلوماسية بين الرباط وتل أبيب، أخيرا، كان خطوة إستراتيجية للنظام المغربي، رغم عنصر المفاجأة الذي تركه هذا الاتفاق التاريخي في نفوس المواطنين المغاربة، وأماكن أخرى في منطقتي الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

وأضافت المؤسسة في تقرير لها يوم أمس (الإثنين)، أن الرباط استغلت رحيل ترامب الوشيك من البيت الأبيض للترويج لمصالحها الدبلوماسية والأمنية، وحركت آلياتها الدبلوماسية الشاملة لانتزاع اعتراف دولي بحقوقها الكاملة في الأقاليم الجنوبية، في فرصة نادرة، وفق تعبير المؤسسة.

كما أن عودة العلاقات الجزئية، أثارت غضب بعض جيران المغرب، ومن المرجح أن يزعج العديد من مواطنيها أيضا، ووفقًا لرأي المؤشرالعربي لسنة 2019-2020، فإن 88٪ من المغاربة الذين شملهم الاستطلاع، قالوا إنهم سيعارضون الاعتراف الدبلوماسي بإسرائيل، بينما عتبر 70٪ القضية الفلسطينية، أنها قضية تهم جميع العرب.

وتابعت المؤسسة، أن هذا السخط قد لا يترجم إلى نزاع فوري، إلا أنه سيلوث نظرة المواطنين إلى النظام وقد يغير العلاقات بين الدولة والمجتمع على المدى الطويل.

وأوضحت بروكينغز الأميركية، أن التحرك الاستراتيجي للنظام الملكي المغربي سيعزز مكانته الدولية ويقوي العلاقات مع الدول الأخرى، بما في ذلك العديد من دول الخليج، علاوة على ذلك، لن يؤدي تحرك المغرب إلى عزله داخل المنطقة، حيث إن المملكة هي رابع دولة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تستأنف علاقاتها جزئيًا مع إسرائيل خلال السنة الجارية (بعد الإمارات والبحرين والسودان) والسادسة بشكل عام (مصر فعلت ذلك في 1979 والأردن في عام 1994)

كما قد تحذو دول أخرى في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا حذوها في المستقبل القريب إلى المتوسط، وربما تبدأ بسلطنة عمان.

التصنيف الدولي والإقليمي

واستبعد التقرير، أن يغير قرار الولايات المتحدة بالاعتراف بقضية الصحراء والتطبيع الجزئي للعلاقات بين المملكة وإسرائيل مواقف الاتحاد الأوروبي، أو الأمم المتحدة بشأن النزاع، حيث ستواصل الأخيرة، المضي قدما في قرارات مجلس الأمن، بينما سيحاول الاتحاد الأوروبي تحقيق توازن بين الحفاظ على علاقاته القوية مع المغرب ودعم عملية السلام التابعة للأمم المتحدة.

وأضاف المصدر ذاته، أنه من داخل الاتحاد الأوروبي، قد يكون الأمر مختلفًا بالنسبة لفرنسا، الحليف الأقرب للمغرب والدولة الأوروبية الأكثر تعاطفاً مع موقف المملكة في النزاع. على الرغم من أن فرنسا تدعم رسميًا حلاً سياسيًا يتم التفاوض عليه برعاية الأمم المتحدة، فمن غير المرجح أن يأتي ضد المغرب في ضوء العلاقة الوثيقة بين قيادته والنظام المغربي.

أما في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، فقد انتقدت الجزائر، خصم المغرب وإيران قرار النظام، ومن المرجح أن تتعرض لانتقادات إضافية من دول أخرى لديها علاقات متوترة مع إسرائيل نظير لبنان وسوريا والعراق. ومع ذلك، فإن هذه الدول ليست الحلفاء المستهدفين للمغرب.

في المنطقة، يضيف التقرير، تعطي المملكة الأولوية لعلاقاتها مع دول الخليج، التي تقدم الدعم المالي والدعم في المنتديات الإقليمية غالبًا، مقابل التدريب الأمني ​​والدعم الدبلوماسي، ولن يغير الاتفاق علاقات المغرب مع قطر، أحد أقرب حلفاء المملكة والتي من المرجح أن تمتنع عن التعليق.

وستعزز الصفقة المغربية الإسرائلية، علاقات المغرب مع الكتلة السعودية الإماراتية، حيث قامت الإمارات والبحرين بالفعل بتطبيع العلاقات. كما أنشأ كلاهما قنصليات في مدينة العيون، بينما تظل المملكة العربية السعودية صامتة بشأن احتمال التطبيع، فهي من أقرب حلفاء إدارة ترامب في المنطقة وقد تحذو حذو المغرب في المستقبل، خاصة إذا كان اجتماع نيوم المشاع بين ولي العهد الأمير محمد بن سلمان ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وقد تكون دولة عمان أيضا مرشحة للتطبيع الجزئي، حيث أشادت بالفعل بقرار النظام المغربي.

التأثير المحلي

وذكر التقرير، أن وزارة الخارجية، أكدت أن موقف المغرب من فلسطين لم يتغير، وستواصل دعم حل الدولتين وتعزيز المفاوضات بين الجانبين التي من شأنها أن تؤدي إلى سلام نهائي، بينما الفاعلون السياسيون المحليون منقسمون حول هذه القضية.

وأعرب البعض عن رأي مفاده أن تطبيع العلاقات مع إسرائيل يضفي الطابع الرسمي على علاقة قائمة وتاريخية، حيث أن هناك أكثر من مليون مواطن إسرائيلي من أصل مغربي، وهي ثاني أكبر جالية في إسرائيل بعد الجالية اليهودية الروسية.

كما يوجد تعاون اقتصادي قائم بين البلدين، إذ تبلغ التجارة السنوية بينهما حوالي 30 مليون دولار، علاوة على ذلك، كما كان هناك تعاون سري في الماضي فيما يتعلق بالأمن ، حيث ساعدت إسرائيل بشكل خاص النظام المغربي في الحصول على المعلومات الاستخباراتية والأسلحة، من جانبه، أدار المغرب في عهد الملك الراحل الحسن الثاني المفاوضات بين إسرائيل ومصر من عام 1977 إلى عام 1979 وبين الإسرائيليين والفلسطينيين في أواخر الثمانينيات وأوائل التسعينيات.

وأشار التقرير، إلى أن الفاعلون الآخرون ينظرون إلى الاتفاقية بحماسة أقل، ويجادلون بأن مطالبة المغرب بالصحراء، شرعية وأن المملكة لا تتطلب اعترافًا من الولايات المتحدة ولا تطبيع العلاقات مع إسرائيل، وإن كان هذا الرأي أكثر تماشيا مع وجهة نظر عامة السكان، بحيث أن 9٪ فقط من المغاربة الذين شملهم الاستطلاع يؤيدون معاهدات السلام بين إسرائيل والإمارات والبحرين ، بينما يعتقد 13٪ فقط أنه من المفيد للمنطقة العربية أن تنسق بعض الدول سياساتها الخارجية مع إسرائيل.

وأضافت مؤسسة بروكينغز الأميركية، أن الملك محمد السادس استبق النقد الداخلي، بالإعلان أن موقفه من فلسطين لم يتغير ، وأن المغرب يضع قضيته الإقليمية والقضية الفلسطينية على نفس المستوى، وأن النظام سيستخدم موقعه الجديد للتوسط في السلام في المنطقة. ومع ذلك، بيد أنه لا يمكن للنظام المغربي أن يكون له كلا الاتجاهين، أي أن يهدأ الرأي العام بالخطاب المؤيد لفلسطين في الداخل بينما يصور النظام نفسه على أنه صديق لإسرائيل على المسرح الدولي.

نظرة مستقبلية: قرار ذكي

وأبرز التقرير، أنه في الداخل، يراهن النظام المغربي على المشاعر القومية القوية للمواطنين بشأن قضية الصحراء التي تلقي بظلالها على دعمهم الساحق للفلسطينيين. ومع ذلك، قد يجد النظام أن المغاربة ليسوا مستعدين للتعامل مع الوضع باعتباره لعبة محصلتها صفر.

وقد ينظر العديد من المغاربة، الذين يدعمون مطالبة المغرب بالأرض المتنازع عليها والقضية الفلسطينية، إلى الاتفاقية على أنها خطوة غير ضرورية (نظرًا لأنهم يعتبرون بالفعل مطالبة المغرب شرعية) وخيانة للفلسطينيين، في حين أن خيبة الأمل الشعبية لن تثير الخلاف على الفور، إلا أنها قد تغير العلاقات بين الدولة والمجتمع على المدى الطويل.

وفي الخارج هو المكان الذي يتمتع فيه قرار المغرب بأكبر قدر من الإمكانات. داخل مجلس التعاون الخليجي والأردن ومصر، سيساعد القرار المملكة على تعزيز العلاقات – أو على الأقل لن يضر بالتحالفات القوية بالفعل.

وخلص التقرير، إلى أنه بالنسبة للولايات المتحدة، فإن الاعتراف بالصحراء، هو انتصار للمغرب، لكن توقيت هذه الصفقة التاريخية وأهميتها يطرحان سؤالاً هاماً: ماذا سيفعل الرئيس المنتخب جو بايدن في 20 يناير؟ إذ أن هناك احتمال أن يتراجع عن اتفاق ترامب، لذلك من المرجح أن ينتظر المغرب لإقامة العلاقات. عندما يفعل ذلك، سيستخدم النظام تطبيعه الجزئي مع إسرائيل لتعزيز مصالحه على الساحة الدولية.

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي