تسبب فيروس كورونا المستجد، الذي سُجلت أول إصابة به في المغرب، بداية شهر مارس الماضي، في فرض الحكومة لحزمة من الإجراءات والتدابير الوقائية، من بينها توقيف عمل مجموعة من القطاعات الاقتصادية والمهنية والاجتماعية والسياحية والثقافية، بهدف الحد من تفشي “كوفيد19”.
وأسفر الفيروس عن موجة من الخوف دفعت بعض القطاعات إلى التوقف عن الاشتغال، بالرغم من عدم صدور أي قرار إداري يقضي بمنعها، مثل ما حدث مع قطاع البناء، الذي شُلت جميع أوراشه السكنية (مع استمرار مشاريع البنيات التحتية)، في النصف الثاني من شهر مارس الماضي، وظلت على حالها إلى غاية إعلان الحكومة عن بدء المرحلة الأولى من إجراءات الرفع التدريجي للحجر الصحي، في يونيو الماضي.
وبالرغم من أن المشاريع الكبرى، إلا أن تقديرات خبراء الاقتصاد في المغرب، تشير إلى توقف حوالي 90 بالمائة من أوراش البناء، وهي كلها متعلق بأشغال المساكن، وهو ما أدى إلى وقوع أسوء تراجع في مبيعات الإسمنت بالمغرب في العقد الأخير، شهر ماي الماضي، وهو ما أرجعه وزير الداخلية للخوف من الفيروس، فيما رأى متابعون بأ، التوقف جاء على خلفية إغلاق عدد من محلات بيع لوازم ومعدات البناء.
وأدى هذا التوقف، إلى تضرر شركات الإسمنت في المملكة، بعد أن تراجعت المبيعات بشكل حاد، منذ النصف الثاني من شهر مارس، حيث عرف القطاع تراجعا في توريدات أشغال البناء المتعلقة بالمساكن بنسبة تقارب الـ 40 في المائة، مقابل تسجيل تراجع يناهز 12 بالمائة لفائدة منشاريع البنيات التحتية.
وبعد الرفع التدريجي للحجر الصحي، عادت عجلة بناء المساكن للدوران من جديد، ليعرف القطاع ارتفاعا نسبيا في المبيعات خلال الشهور الأخيرة، غير أنه لم يصل بعدُ إلى رقم السنة الماضية، حيث بلغت مبيعات الإسمنت لحدود يوليوز الماضي، 6.45 ملايين طن، بتراجع قدر بـ 19.5 بالمائة، بعدما سجل القطاع في نفس المدة من 2019، 8.13 مليون طن، وذلك وفق إحصائيات سابقة، صادرة عن الجمعية المهنية لمصنعي الإسمنت.
وكانت مؤسسة وفا بنك، قد توقعت في تقرير لها بخصوص المؤشر التجاري غلوبل روسترش، أن تعرف مبيعات الإسمنت في المغرب، تراجعا بنسبة 20 في المائة، خلال سنة 2020 الجارية، ليصل لـ 10.9 مليون طن، مقابل 13.6 مليون طن، في العام الماضي.
وعرفت وتيرة انخفاض مبيعات الأسمنت تباطأ مهما بعد الرفع التدريجي من الحجر الصحي، حيث وصلت النسبة لـ 24.13 في يوليوز الماضي، مقابل 33 في يونيو، و50.46 في ماي، و54.9 في أبريل، و28.74 في شهر مارس، الذي عرف إعلان حالة الطوارئ الصحية وبدء الإجراءات الوقائية بعد اليوم الـ 20 منه.
وكشفت مديرية الدراسات والتوقعات المالية، التابعة لوزارة الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة، في مذكرة حديثة لها، بأن مبيعات الإسمنت في المملكة، عرفت ارتفاعا بنسبة 18.6 بالمائة خلال شهر غشت الماضي، مشيرةً إلى أن مبيعات الإسمنت استعادت ديناميتها التي عرفتها بعد رفع الحجر الصحي بشكل تدريجي، بداية من يونيو المنصرم.
وانخفضت نسبة التباطأ في المبيعات لـ 15.8 خلال شهر غشت، بعدما كانت قد تجاوزت الـ 50 بالمائة متم شهر ماي الماضي، لتواصل عمليات تمويل قطاع العقار منحاها التصاعدي الذي انطلق شهر يونيو، محققةً ارتفاعا بنسبة 1.8 بالمائة، من مجموع القروض التي منحت للقطاع لغاية متم يونيو الماضي.
وأعزى التقرير الصادرة عن مديرية الدراسات والتوقعات المالية، التابعة لوزارة بنشعبون، هذا التحو في مبيعات الإسمنت إلى الارتفاع الملحوظ الذي عرفته القروض الممنوحة للسكن، حيث سجلت 2.1 في المائة، إلى جانب القروض المخصصة للإنعاش العقاري بنسبة 1.2.
تعليقات الزوار ( 0 )