مع انطلاق فصل الصيف، تواجه فرنسا سلسلة من الظواهر الجوية الاستثنائية، حيث تعم عواصف رعدية وأمطار غزيرة وانخفاضات في درجات الحرارة العديد من مناطق البلاد، تاركة السكان في حيرة من أمرهم تجاه هذه الظواهر المناخية الاستثنائية.
وتقول ألما، وهي من ساكنة العاصمة باريس: “يفترض أننا في فصل الصيف، ولكن مع هذه العواصف الممطرة ودرجات الحرارة المنخفضة، نشعر وكأننا في الخريف أو الشتاء. ونشعر كذلك بالحيرة أمام هذه النزوات المناخية، خاصة في الفترة الصيفية”.
ويعزى هذا الطقس السيئ، وفقا لمختصي الأرصاد الجوية، إلى ظاهرة مناخية محددة تسمى “القطرة الباردة”.
ويقول مكتب الأرصاد الجوية الفرنسي (ميتيو فرانس) إن “القطرة الباردة هي عبارة عن جيب من الهواء ذي درجة حرارة منخفضة يقع على ارتفاع أكثر من 5000 متر. وعندما ينحرف التيار النفاث القطبي، فإن هذه الكتلة من الهواء البارد تنفصل عن الدوران المرتبط بهذا التيار لتهبط إلى خطوط العرض الخاصة بنا”.
وأوضح المصدر أن “هذه المناطق ذات الضغط المنخفض ترتبط بكتلة هوائية غير مستقرة. وغالبا ما تسبب طقسا مضطربا، مع هطول أمطار غزيرة وهبات رياح قوية”.
وأضاف (ميتيو فرانس) أن “هبوط الهواء البارد على ارتفاعات عالية، الموجود حاليا قبالة شبه الجزيرة الأيبيرية يؤدي إلى ارتفاع الهواء الساخن والرطب في تيار من الجنوب إلى الجنوب-الغربي على فرنسا، وهو ما يرتبط بدرجة كبيرة مع عدم استقرار العواصف”.
وبسبب الطقس السيئ، تم وضع سبعة أقاليم في حالة تأهب برتقالي “أمطار وفيضانات”وهي: أوت ألب، وأور إي لوار، وإيزر، ولوار إي شير، ولواريه، وسارت وسافوا.
وفي هذه الأقاليم، تسببت الأمطار الغزيرة والفيضانات في أضرار بالغة وعزلت السكان . وبينما يقدر علماء الأرصاد الجوية الفرنسيون أن هذه الظاهرة ليست جديدة، يشير خبراء المناخ إلى أن التغيرات المناخية قد فاقمتها في السنوات الأخيرة .
وعلى الرغم من أن المجلس الأعلى للمناخ قد ثمن، في تقريره السنوي الذي نشر أول أمس الخميس، التقدم الذي أحرزته البلاد في خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، إلا أنه يؤكد أن هناك الكثير الذي يتعين فعله من حيث التكيف مع تغير المناخ .
وقال المجلس إن العام 2023 في فرنسا صنف كثاني أكثر الأعوام حرارة، مشيرا إلى أن البلاد شهدت سلسلة من الظواهر المناخية غير المسبوقة في السنوات الأخيرة، أبرزها الجفاف والحرائق المدمرة وموجات الحر والعواصف الشديدة والفيضانات. وبحسب المصدر نفسه، فإن قوة هذه الظواهر تتفاقم أكثر فأكثر.
وأكد التقرير، الذي أعدته لجنة من الخبراء، أن “الفجوة آخذة في الاتساع بين التدابير المتخذة للتعامل مع آثار تغير المناخ واحتياجات التكيف”، في حين تتفاقم المخاطر المناخية الناجمة عن ارتفاع درجات الحرارة.
وقد تم إحراز تقدم ولكن بشكل متفاوت اعتمادا على القطاعات، وكان القطاع الفلاحي القطاع الذي يحرز التقدم المنشود.
وقال المصدر إن “السياسات الفلاحية على مدى الأشهر الـ 12 الماضية اتسمت بانخفاض في العمل المناخي العام”.
ودعا المجلس الأعلى للمناخ إلى “تحديد مسار واضح للعقد 2030-2040، لنزود أنفسنا بالقدرة على تحقيق الحياد الكربوني بحلول العام 2050”.
تعليقات الزوار ( 0 )