قال عمر محمود بنجلون، المحامي بهيئة الرباط، والأستاذ الجامعي، إن آلية الاختبار “QCM” المستعملة في امتحان الأهلية لمزاولة مهنة المحاماة، ومباراة الملحقين القضائيين، “بدعة دخيلة على تقييم المرشحين لمباريات العدالة، خصوصا القضاء والدفاع، اللذان يعتبران أجنحة العدالة”.
وأضاف بنجلون، في تبريره لاعتبار هذه الصيغة “بدعة”، خلال مداخلة له بالندوة التي تنظمها جريدة “بناصا” في هذه الأثناء، بعنوان: “امتحان QCM للمحاماة والقضاء: تطوير لمنظومة التقويم أم تفكيك للكفاءة العلمية؟”، أن هذا الأمر، يمثل اختبارا للمرشحين بطريقة “ميكانيكية وآلية”.
وتابع المحامي بهيئة الرباط، أن الموضوع أشبه بـ”معمل معرفي”، في الوقت الذي “يفترض أن المطلوب في المرشحين لمباريات الدفاع والقضاء، والتحكيم بين الناس، وإقرار العدالة في بلادنا، هو أن تكون لديهم القدرة على الدفاع، وعلى الإقناع والاقتناع”.
وأوضح أن على المرشح لهذه المباريات، “أن يكون حاملاً لرسالة كونية، تقترب من الحقيقة، وتقترب من الكمال، ولديه إمكانية على إقرار مشروعية معينة على نازلة وعلى وقائع، ومن أجل ذلك، هناك علم الكلام والبلاغة والكتابة والحجج، والتأويل والتفسير، وكل هذه المناهج اللغوية والقانونية والمعرفية”.
ونبه بنجلون، إلى أن الاشتغال الدفاع والقضاء، يعني أن “هناك احتمال للجوء إلى بحار من العلم جد مختلفة”، مضيفاً أن المطلوب في المرشح للدفاع، والمرشح للقضاء، أن يكون “قادراً على الربط، والانسجامية والتناسق ما بين كل هذه الآليات وهذه المعارف لإقرار الحقيقة وإقرار العدل في المجتمع”.
واسترسل أن “كل هذه الحمولة الأكاديمية والمهنية، لا يمكن اختزالها في بعض الأجوبة الدقيقة، التي هي في الأصل موجودة في النص، أو في النصوص”، مبرزاً أن “المطلوب هو أن يكون المترشح، لديه الآليات، أي القدرة على البحث وعلى سلك مسلك المنهجيات السليمة في وجود الحل، لأنها معادلات قانونية، تربط بين مراجع قانونية مختلفة وبين وقائع، وهنا تكمن الهندسة القانونية والمنهجية لدى الفاعلين”.
لذا، يؤكد بنجلون: “فهذه الأسئلة؛ الاختيار المتعدد، قد تنطبق على بعض المسالك، المتعلقة بالتكوين المهني المحض، أو بمسألة مرتبطة بعلوم جافة، لكن حين نتحدث عن علوم إنسانية، فهذا الاختيار لم يكن موفقا نهائيا، خصوصا أن المصحح، استبدل بآلة جافة، تُقيّم وتفرز ما بين المرشحين، وما لذلك من احتمال وفرضية كبيرة للخطأ التقني”.
وأشار المحامي في مداخلته، إلى أن “التصحيح عرف بالفعل بعض المشاكل، وفق ما كشفته تقارير إعلامية، مثل عدم تصحيح بعض الأوراق في حال انكماشها، بغض النظر عما أفرز لنا هذا الامتحان بصفة عامة، من حيث المحسوبية التي تطرق لها الرأي العام الوطني والدولي، مما مس بشكل كبير صورة البلد مع الأسف، في ظرفية خرجنا من انتصارات الفريق الوطني في قطر، الذي كان له آثار كبيرة جداً على الوعي العام والمعنويات الوطنية”.
وأكد بنجلون على أن “مكننة العلم، مثل مكننة الفن”، مبرزاً أن هذا الأمر “لا يليق بتطلعات الشعب المغربي من حيث العدالة في بلادنا، الضامنة للسلم الاجتماعي”، مشدداً في الختام: “لا نريد مرشحين يجيبون بشكل آلي على أسئلة جافة غير مرتبطة بتطلعات الدفاع والعدالة في بلادنا”.
تعليقات الزوار ( 0 )