Share
  • Link copied

عمال النظافة.. أبطال الظل في حماية البيئة


في زحمة الحياة اليومية، قد نغفل عن أبطال حقيقيين لا تُسلط عليهم الأضواء، لكنهم يحملون على عاتقهم مسؤولية جسيمة؛ إنهم عمال النظافة الذين يعملون بصمت للحفاظ على نظافة بيئتنا و صحتنا. يقومون بجمع النفايات، و تنظيف الشوارع و الأماكن العامة، مما يسهم في منع انتشار الأمراض و الحفاظ على المظهر الجمالي لمدننا.

بشكل عام، تميل البلدان التي لديها قوانين عمل قوية و أنظمة صارمة للصحة و السلامة المهنية إلى توفير ظروف عمل أفضل لعمال النظافة. و يشمل ذلك الأجور العادلة، و ساعات العمل المعقولة، و الحصول على المزايا مثل التأمين الصحي و المعاشات التقاعدية.

تشتهر السويد مثلا، بسياساتها الاجتماعية القوية و مستوى الرفاهية المرتفع، و توفر ظروف عمل ممتازة لعمال النظافة، بما في ذلك الأجور العادلة و المزايا الاجتماعية. و على غرار السويد، تتمتع النرويج بنظام رعاية اجتماعية قوية تضمن ظروف عمل جيدة لعمال النظافة. و غالبًا ما يتم إدراج الدنمارك ضمن الدول التي تتمتع بأفضل مستويات المعيشة، و يمتد هذا أيضًا إلى عمال النظافة.

أما في اليابان، فيُعتبر عامل النظافة “مهندس صحة و نظافة”، و هو لقب يعكس الاحترام و التقدير لمهنة عمال النظافة الحيوية. يتمتعون بأجور مرتفعة، قد تصل إلى 8000  دولار شهريا و مكانة مرموقة في المجتمع، و هو ما يستحقه كل عامل نظافة في كل مكان.

و في الولايات المتحدة فيبلغ متوسط أجر عامل النظافة ما يقارب 3000  دولار، و يزداد مع زيادة عدد سنوات الخبرة. و هناك شروط خاصة للانضمام إلى هذا القطاع المهني، أهمها اتقان القراءة و الكتابة و اللياقة البدنية. و يحصل عامل النظافة على تأمين صحي بشكل كامل، و راتب تقاعدي و تأمين على الحياة ضد العجز و الإصابة، كما يحصل على علاوات سنوية بانتظام، و على إجازة أسبوعية و إجازات سنوية مدفوعة الأجر.

و في بريطانيا، يشترط أن يكون عامل النظافة مواطنا أصليا لا يحمل أي جنسية أخرى، احتراما لتلك المهنة و توطينها، و اعتبارها من المهن التي تمس الأمن القومي، و يتقاضى العامل بين 2000  و 4000  جنيه إسترليني شهريا، يختلف الأجر حسب الخبرة و المستوى التعليمي.

و قد نظمت هذه البلدان أنظمة عمل تحمي حقوق العمال و تضمن حصول عمال النظافة على معاملة عادلة. و مع ذلك، من المهم ملاحظة أن الالتزام في التعامل مع عامل النظافة يمكن أن يختلف داخل البلد الواحد، و يعتمد على عوامل مثل المنطقة و الصناعة و الشركة المحددة. بالإضافة إلى ذلك، هناك جهود عالمية لتحسين ظروف عمل عمال النظافة حول العالم.

لكن في العديد من المجتمعات العربية تتفاوت ظروف عمل عمال النظافة بين دولة عربية و أخرى. و لا يزال هناك نظرة دونية تجاه هذه المهنة، وسط تدني كبير لرواتب العاملين فيها. و هذه النظرة السلبية تجاه عمال النظافة في بعض المجتمعات العربية، و في الواقع في أجزاء كثيرة من العالم، يمكن أن تعكس مجموعة من القضايا الاجتماعية و الثقافية.

قد يكون هذا بسبب الأفكار المسبقة حول الطبقة و نوعية العمل و الوضع الاجتماعي. ففي كثير من الأحيان، يُنظر إلى الأعمال التي تتطلب جهدًا بدنيًا أو تعتبر “أقل جاذبية” على أنها أقل قيمة، و هو ما يعكس نقص في الاعتراف بأهمية هذه الأدوار في المحافظة على الصحة العامة و البيئة.

علاوة على ذلك، تنتشر بعض السلوكيات الخاطئة مثل رمي النفايات في غير أماكنها المخصصة أو تعمد إلحاق الضرر بمرافق النظافة، و هو ما يعكس نقصًا في الوعي العام و المسؤولية المجتمعية. و يمكن للتعليم و التوعية، إن وجدت الإرادة و الجدية، أن يلعبا دورًا كبيرًا في تغيير هذه الأنماط و تعزيز ثقافة الاحترام و النظافة.

و من المهم التأكيد على أن عمال النظافة يؤدون دورًا محوريًا في مجتمعاتنا، و يقومون بعمل حيوي. لذلك يجب علينا رد الاعتبار لعمال النظافة و تقدير جهودهم التي لا تقدر بثمن في الحفاظ على نظافة بيئتنا.

ينبغي تكريمهم و احترامهم، و يجب أن نعيد النظر في كيفية معاملتنا لهم و أن نعمل على تحسين ظروف عملهم و ضمان حصولهم على الأجور العادلة و الاعتراف بأهمية مهنتهم.

فلنتذكر دائمًا أن عمال النظافة هم حراس الصحة العامة و الجمال البيئي، و أن مساهماتهم تستحق منا كل التقدير و الاحترام.

* فاعل جمعوي

Share
  • Link copied
المقال التالي