قبل سويعات قليلة من اقتراع، يبتدئ العد العكسي لانتخاب أعضاء مجالس الجماعات والمقاطعات وأعضاء مجالس الجهات، بالإضافة إلى انتخاب أعضاء مجلس النواب.
وتحمل هذه الاستحقاقات بين طياتها رهانات وتحديات متعددة، أهمها إفراز نخب محلية قادرة على الارتقاء بالممارسة السياسية، ومع كل انتخابات بالمغرب تنشق الآراء بين من يدعوا من يدعوا للمشاركة في الانتخابات.
مبررات المقاطعين
يستند الداعين إلى مقاطعة الانتخابات على ركيزتين أساسيتين تتمثلان، أولا في ضعف صلاحيات المنتخب، حيث ترى هذه الفئة أن الانتخابات البرلمانية مجرد مسرحية وأن صلاحيات الحكومة بسيطة وهي مجرد أداة تنفيذية باعتبار أن الدستور لم يعطيها صلاحيات قوية من أجل تنفيذ برنامجها.
وكذلك الأمر بالنسبة للمجالس الجهوية والجماعية والمقاطعات، فهي ليست لها القدرة على تنفيذ برامجها بسبب ضعف الميزانية المرصودة لها، بالإضافة إلى سلطة “الوصاية” على الأموال والأشخاص والأعمال التي تمارسها عليهم وزارة الداخلية بواسطة الولاة والعمال.
وتقوم الركيزة الثانية على اعتبار كل الأحزاب فاسدة وليس في القنافذ أملس، وأننا جربنا معظم الأحزاب سواء المحافظة أو التقدمية والتي كانت ترفع شعارات رنانة لكن بمجرد وصولها للسلطة تتنكر لكل وعودها، وحتى في تحالفاتهم فهي على أساس مصلحتهم الخاصة وليس لمصلحة المواطن والوطن.
ففي هذا الصدد، مما يثير الاستغراب هو التحالفات حزب محافظ مع يساري، أو تحالف حزبين كانا يتراشقان ويتهمان بعضهما بالفساد، دون إغفال مسألة منح التزكيات لمرشحين أميين وفاسدين ومتابعين بقضايا فساد مالي.
لماذا يجب أن نصوت؟
إن الدواعي التي تدفع للدعوة إلى التصويت لا يمكن القول أنها لا تتفق مع المقاطعين في جميع النقاط لكنها إن صح القول تتفق مع ما تقوله الفئة الأولى في الخطوط العريضة وتختلف معها في الحيثيات.
ويأمل الداعين للتصويت إلى استغلال وتوظيف الحكومة أو مجالس الجهات والجماعات والمقاطعات في صناعة التغيير، بالإضافة إلى أن الحكومة والمجالس السالفة الذكر لها قوة معنوية تمكنها من الضغط من أجل الإصلاح وكذلك فضح المفسدين.
إلى جانب أن الأحزاب ليست كلها فاسدة وليس كل المنتمين لها فاسدون فهناك أحزاب وطنية لها غيرة على الوطن وهو نفس ما ينطبق على المنتمين لها فهناك مناضلين شرفاء ونزهاء.
تكرس المشاركة في الانتخابات ظاهرة صحية داخل الوطن وهي تداول السلطة بين الأحزاب بشكل سلمي، كما أن المشاركة تربط المنتخب بالناخب مما يجعل الأول يشتغل من أجل الثاني لأنه سبيله الوحيد للنجاح في الاستحقاقات الانتخابية القادمة.
ومن جانب ذي صلة، تعد المشاركة كفيلة بكبح ظاهرة “شراء الأصوات” في كل دورة انتخابية باعتبار أن عدد المشاركين في الانتخابات كلما ارتفع كلما أصبح صعب ومستحيل شراء الأصوات في الانتخابات.
وتنهض المشاركة في الانتخابات بالعملية السياسية والوعي السياسي للمواطن لأن ممارسة السياسة والتصويت يدفع المواطن إلى الاطلاع على البرامج السياسية مما يؤدي به لفهم العملية السياسية، وبالتالي تطوير الوعي السياسي مما ينعكس على اختياراته في التصويت على الأحزاب التي سوف تمثله.
حري بالبيان، أن النهوض الاقتصادي والديمقراطي للمغرب يحتاج مواطن فعال بشكل إيجابي يدفع باتجاه التغيير والإصلاح و ليس للمواطن فعال بشكل سلبي، لأن مقاطعة الانتخابات ليست بشيء جديد فهي ظاهرة سياسية مغربية من سنين لم ينتج عنها أي تغيير إيجابي سواء على المستوى الاقتصادي أو الاجتماعي أو السياسي، وبالتالي فلا محيد للتغيير عن ممارسة السياسة والمشاركة الفعالة في العملية الانتخابية فالسياسة إما تمارسها أو تمارس عليك.
تعليقات الزوار ( 0 )