شارك المقال
  • تم النسخ

على أعتاب توديع عام ودخول عام جديد.. أحداث ووقائع لن ينساها المغاربة

شكلت جائحة كورونا للمغاربة كما لباقي شعوب العالم، نقطة تحول كبير في نمط عيشهم العام، والتي نقلتهم من حياة طبيعية إلى أخرى مليئة بالتغيرات والإجراءات والقيود التي فرضها تفشي الوباء، الأمر الذي جعل من فترة كورونا فترة ستبقى عالقة في الأذهان لوقت طويل، ولو أنها مازلت لم تمض بعد.

وقد صاحب تفشي فيروس كورونا بالمغرب، أحداث ووقائع أنست ولو مؤقتا المغاربة في الوباء، وجعلتهم يحولون النقاش من الحديث عن أرقام ومعطيات للإصابات والوفيات وحالات الشفاء، إلى مناقشة مواضيع تنوعت بين السياسي والاقتصادي والاجتماعي.

ولعل من بين أهم ما شغل المغاربة في فترة الوباء كان التداعيات الكبيرة التي خلفتها فترة الحجر الصحي، وجدل فرض إجبارية الإدلاء بجواز التلقيح، عطفا على عدد من المستجدات الدولية كاعتراف الولايات المتحدة الأمريكية بسيادة المغرب على الصحراء، والتطبيع مع إسرائيل.

 تداعيات الحجر الصحي

تأثر المغاربة بتداعيات الحجر الصحي، والتي شملت بشكل خاص الجانبين الاقتصادي والاجتماعي، فأضحت شريحة واسعة من المقاولين والتجار والحرفيين وباقي المهنيين بين نارين، نار محاولة الإبقاء على مشاريعهم صامدة أمام الوباء خشية الإفلاس، ونار رعاية عائلاتهم في فترة توقفت فيها جميع المداخيل.

 كما كان لهذه الفترة انعكاسات صحية ونفسية على الأطفال وأسرهم، من الذين ألفوا الخروج والتنزه والسفر، ليُصبحوا بين ليلة وأخرى مُجبرين على البقاء في المنازل، ومُطالبين بتصريح من السلطات إن أراد أحد منهم مغادرة المنزل لاقتناء بعض الاحتياجات.

إجبارية الجواز

لم يكن يتوقع المغاربة، خاصة مع تصريح لرئيس الحكومة السابق، سعد الدين العثماني، نفى فيه نية حكومته فرض التلقيح على المواطنين، أن تتجه السلطات الحكومية إلى فرض التلقيح على المغاربة بشكل غير مباشر، عن طريق فرض إجبارية الإدلاء بجواز التلقيح لولوج الإدارات العمومية والخاصة.

وبالرغم من أن القرار قد لقي صدى طيبا عند البعض، إلا أن آخرين من فريق الرافضين لتلقي التلقيح، ندد بما أسماء مسا بالحريات الفردية، ونادى بضرورة احترام الرغبات الشخصية للمواطنين.

كما خلف القرار موجة احتجاج عارمة عرفتها عدد من المدن المغربية، كان آخرها الوقفات الاحتجاجية الأخيرة التي قام بها المحامون رفضا منهم على القرار الثلاثي الذي فرض الإدلاء بالجواز قبل الدخول للمحاكم.

فاجعة مصنع طنجة

حادثة أليمة تلك التي هزت مدينة طنجة، واهتزت معها مشاعر المغاربة من أقصى  شمال المملكة إلى أقضى جنوبها، فاجعة وقعت داخل وحدة صناعية تقع في قبو بناية، غمرتها مياه الأمطار الغزيرة التي شهدتها المدينة.

 وتم حينها إنقاذ 18 آخرين من بينهم صاحب المصنع، الذي تم نقله إلى المستعجلات، قبل أن يقرر القاضي التحقيق، في 17 فبراير 2020، إيداعه السجن بعد استنطاقه. 

وقد قضت أخيرا المحكمة الابتدائية بطنجة، اليوم الخميس 9 دجنبر 2021، بإدانة صاحب معمل كان قد غرق في مياه الأمطار، فبراير الماضي، مما تسبب في وفاة 28 عاملة وعاملا، بسنة ونصف السنة، حبسا نافذا.

وقضت المحكمة، أيضا، بتغريمه 1000 درهم، فيما قضت بأداء شركة أمانديس، المكلفة بتدبير قطاع الماء والكهرباء بالمدينة، 20 مليون سنتيم لفائدة كل واحد من ذوي الحقوق، في شخص ممثلها القانوني.

الأزمة مع إسبانيا

بالرغم من أن الأزمة الحالية بين المغرب وإسبانيا ليست هي الأولى من نوعها في تاريخ البلدين الجارين، لكنها وبكل تأكيد هي الأقوى منذ عقود.

تسبب استقبال إسبانيا لزعيم جبهة البوليساريو الانفصالية إبراهيم غالي بجواز سفر مزور يحمل اسما مستعارا، في إشعال فتيل أزمة لا تنفك تتفاقم عبر مظاهر تصعيد غير مسبوقة.

فمنذ استدعاء المغرب لسفيرته بمدريد، والحديث عن التوتر مازال قائما، والذي ما إن تقترب نهايته حتى يظهر مستجد يعيد الأمور لسابق حالها، كالبلاغ الذي صدر أخيرا عن وزارة الصحة تبريرا لسبب اختيار البرتغال بدل إسبانيا لترحيل المغاربة العالقين بأوروبا، والذي رأت فيه مدريد اتهاما لها كما وصفته بغير المقبول.

استفزازات النظام الجزائري

وجود أزمة مع الجزائر لم يكن بالأمر الجديد على المغاربة، لكن الجديد كان هو كيف انتقل النظام الجزائري إلى تصويب جميع أصابع الاتهام إلى المملكة في كل سوء يمس البلاد، فصارت لازمة نظامه هي “إن السبب هو المغرب”.

وانتعشت بعدها لغة البلاغات عند الرئاسة الجزائرية عبر صفحتها الرسمية الافتراضية، بلاغ تلو البلاغ، كان أهمها يهم قطع العلاقات الدبلوماسية، وحظر مجالهم الجوي على الطائرات المغربية، وتوقيف اتفاق الغاز المغاربي-الأوروبي، لتنتهي لغة البلاغات بعد أن لم يبق ما يُتكلم في شأنه.

وقد غلبت على تفاعل المغاربة مع الأزمة السخرية والهزل أكثر من الجد، كما ثمنوا الرزانة والهدوء اللذين اتصف بهما المغرب تجاه الاستفزازت المتواصلة، ونأيه عن اتخاذ أي رد فعل مضاد، مُكتفيا بالتعبير الدائم عن رغبته في مد يد الصداقة لجميع دول جواره الإقليمي.

اعتراف الولايات المتحدة بالصحراء

في العاشر من دجنبر من عام 2020، وعلى إثر اتصال هاتفي بين الملك محمد السادس والرئيس الأمريكي حينها، دونالد ترامب، أعلن الأخير عن القرار التاريخي للولايات المتحدة الأمريكية بالاعتراف بمغربية الصحراء والسيادة “التامة والكاملة” للمملكة عليها.

وبذلك، كُتب بحروف من ذهب بوصفه تاريخا يذكر بالعلاقة التي تجمع الرباط بواشنطن، وهي علاقة تحالف جرى تشييدها بثبات، ويحرص كل طرف على صيانتها وتوطيدها. ويمثل هذا الإعلان منعطفا كبيرا في سبيل إيجاد حل نهائي لنزاع إقليمي مفتعل استهلك كثيرا من الوقت.

وجاء في نص الإعلان ” إن الولايات المتحدة، تؤكد كما أعلنت ذلك الإدارات السابقة، دعمها للمقترح المغربي للحكم الذاتي باعتباره الأساس الوحيد لحل عادل ودائم للنزاع حول إقليم الصحراء”، مضيفا “وعليه، واعتبارا من اليوم، فإن الولايات المتحدة تعترف بالسيادة المغربية على كامل أراضي الصحراء”.

التطبيع مع إسرائيل

بدأ الأمر بإعلان الرئيس الأمريكي السابق عن الاتفاق عبر حسابه على تويتر، حيث غرد البيت الأبيض بأن ترامب والملك محمد السادس قد اتفقا على أن “تستأنف المملكة علاقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل، فضلا عن تعزيز التعاون الاقتصادي والثقافي بين البلدين بما يدعم الاستقرار في المنطقة”.

وقد شمل الاتفاق حينها إعادة فتح مكاتب اتصال في كل من تل أبيب والرباط كانت قد أُغلقت عام 2000 إبان الانتفاضة الفلسطينية، ومن ثم تبادل فتح سفارات في كلا البلدين.

وقد كان آخر صور إعادة العلاقات بيمن البلدين، زيارة وزير الدفاع الإسرائيلي “غانتس” للمغرب ولقاؤه مع نظيره المغربي عبد اللطيف لوديي لتوقيع مذكرة تفاهم تعزز التعاون الأمني والعسكري بين البلدين، وتتيح خصوصا للمغرب اقتناء معدات إسرائيلية عالية التكنولوجيا بسهولة.

كما مكن الاتفاق الأمني أيضا من “نقل التكنولوجيا والتكوين وكذلك التعاون في مجال الصناعة الدفاعية”، وهو ما تُرجم في الاتفاقيات والعقود التي جرى توقيعها أخيرا بين الرباط وتل أبيب.

ورش الحماية الاجتماعية

بعد أن طال انتظاره، استبشر المغاربة خيرا بعد أن ترأس سابقا الملك محمد السادس بالقصر الملكي بفاس، حفل إطلاق تنزيل مشروع تعميم الحماية الاجتماعية وتوقيع الاتفاقيات الأولى المتعلقة به.

والتيسيستفيد منها كورش ملكي، في مرحلة أولى، الفلاحون وحرفيو ومهنيو الصناعة التقليدية والتجار، والمهنيون ومقدمو الخدمات المستقلون، الخاضعون لنظام المساهمة المهنية الموحدة ولنظام المقاول الذاتي أو لنظام المحاسبة، ليشمل في مرحلة ثانية فئات أخرى، في أفق التعميم الفعلي للحماية الاجتماعية لفائدة كل المغاربة.

تقنين الكيف

جدل كبير رافق إعلان المغرب تقنين الاستعمالات المشروع لنبتة القنب الهندي بين مؤيد ومعارض، بعد أن اعترتهم تساؤلات عديدة عن أي مساهمة يمكن أن يقدمها الاعتراف القانوني بهذا النشاط الزراعي في التنمية الاقتصادية للبلاد.

وجاء هذا الجدل بعد مصادقة الحكومة المغربية على القانون المتعلق بالقنب الهندي، مع منع استغلاله لأغراض ترفيهية ومضرة بالبيئة، مُعتمدة في قرارها على دراسة أصدرتها وزارة الداخلية، استعرضت الدخل المتوقع من هذه الزراعة، وعددا من الفرضيات التي تخص مركز المملكة المُنتظر في سوق القنب الهندي على المستوى العالمي.

خسارة البيجيدي

مما عايشه المغاربة في هذه الفترة، هو الخسارة المدوية التي تكبدها حزب العدالة والتنمية في الاستحقاقات الانتخابية الأخيرة، والتي خلقت نقاشا كبيرا بينهم سواء في الواقع أو على منصات التواصل الاجتماعي.

وقد تنبأ فاعلون أكاديميون، نشطاء فايسبوكيون، ومئات من التدوينات على مواقع التواصل، من مغاربة بمختلف الفئات السنية والمجتمعية، أن حزب العدالة والتنمية لن يقود الحكومة لولاية ثالثة، وأن سعد الدين العثماني يعيش أيامه الأخيرة كرئيس للحكومة المغربية.

إلا أن حجم هذه التنبؤات لم يصل لحد توقع أن الحزب سيأتي في المرتبة الأخيرة بين الأحزاب المعروفة على الساحة السياسية، ليعتبروا بذلك أن خسارة المصباح في هذه الاستحقاقات ليست خسارة عادية ستمر عاصفتها، ولكنها سقوط حر لحزب نال من انتقادات الشعب المغربي أكثر مما نال من إطرائه.

أخنوش رئيسا للحكومة

منحت نتائج الانتخابات التشريعية السابقة الريادة لحزب التجمع الوطني للأحرار، وعين تبعا لذلك الملك محمد السادس ورئيس حزب الحمامة عزيز أخنوش، رئيسا للحكومة، مكلفا بتشكيلها.

وبين مؤيد لتوليه رئاسة الحكومة، سواء من المقتنعين ببرنامجه الانتخابي أو سواء من الراغبين فقط في أي بديل آخر سوى العدالة والتنمية، وبين معارضين له لما سموه رفضهم لزواج المال بالسلطة، صار عزيز أخنوش رئيس الحكومة رقم 17 في تاريخ المغرب.

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي