أثار قرار العزل النهائي للكاتب والباحث المغربي سعيد ناشيد، من الوظيفة العمومية، الجدل في مواقع التواصل الاجتماعي، بعد أن اختار المعنيّ الخروج عن صمته وسرد قصته كاملةً، موجهاً أصابع الاتهام إلى حزب العدالة والتنمية ومسؤوليه، بالوقوف وراء “قطع رزقه” وطرده من مهنة التعليم التي مارسها لسنوات طويلة.
وقال ناشيد في تدوينة على حسابه الشخصي بموقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، عنونها بـ”نعم أصبحت أتسول الآن”، إنه تعرض للعزل النهائي من الوظيفة العمومية، دون أي سبب إداري أو مهنيّ، وذلك بعدما اشتغل لحوالي 20 سنة في مهنة التعليم، بداية بتدريس الابتدائي ثم تدريس مادة الفلسفة.
وأضاف ناشيد أنه حاول إخفاء قصته حتى لا يبني اسمه “على أي شكل من أشكال التعاطف”، منبهاً إلى أنه قبل عزله بشكل نهائي، تم رفض ملفه المطالب بالتقاعد لأسباب صحية، بعدما تعرض لثلاث انظلاقات غضروفية على مستوى العمود الفقري، ما أفقده القدرة على المشي لمدة عامٍ ونصف، حيث اضطر لـ”مواصلة الاشتغال في ظروف صحية عصيبة”، حسب تعبيره.
وتابع الكاتب المغربي، في سرده لحيثيات عزله: “استدعاني المدير الإقليمي إلى مكتبه، فوجدت معه شخصا آخر، سأعرف فيما بعد أنه أحد أبرز مسؤولي حزب العدالة والتنمية في المنطقة، ليخبرني أمام مسامعه بأنه سيحليني على أنظار المجلس التأديبي، لأن المريض كما قال لا يحق له أن يكتب أو ينشر أي شيء، بل يجب أن يتناول الدواء وينام كما قال!”.
وأوضح ناشيد، أن المدير الإقليمي أخبره أنه “من سيعين الأعضاء الإداريين للمجلس الذي سيُعقد داخل إدارته، وأن العقوبة آتية بلا ريب”، مسترسلاً: “راسلت وزير التربية الوطنية مطالبا إياه بالتحقيق في جلسة التهديد التي تمّت، في خرق للقانون، بحضور ممثل عن حزب العدالة والتنمية، والذي يعرف الجميع أني على خلاف فكري معه، مع احترامي للأشخاص…”.
وأردف: “بعد ثلاث جلسات متتالية قرر المجلس التأديبي عقوبة العزل النهائي عن الوظيفة العمومية، وبعث بالقرار إلى رئيس الحكومة الذي هو أيضا رئيس حزب العدالة والتنمية، والذي وافق فورا على العزل كما ورد في نص القرار”، مؤكداً: “إداريا، ومهنيا، ومنذ ما يقارب عشرين عاما، لا أتوفر على أي تقرير سيئ من طرف أي مدير أو مفتش أو أي رئيس من الرؤساء المباشرين”.
واسترسل ناشيد: “بل كل التقارير جيدة، لا أتوفر علي أي تغيّب غير قانوني على الإطلاق، على الإطلاق، كل الشواهد الطبية التي أنجزتها مصادق عليها من طرف اللجنة الطبية المختصة، لم أقترف أي جنحة أو جريمة، لم أختلس فلسا واحدا، لم أغير من المنهاج التعليمي، لم أتطاول على أحد، لم يسجل علي أي سلوك غير تربوي”.
وأشار الكاتب إلى أنه “تلقيت التكريم في مؤسستي نفسها، كما في كثير من المؤسسات التعليمية، وساهمت في إنجاز برامج للتفلسف مع الأطفال لفائدة مؤسستي ومؤسسات أخرى”، منبهاً إلى أن “كل الزملاء والمدراء الذين عملت معهم يشهدون بكفاءتي وأخلاقي”، معتبراً أن قرار طرده “من الوظيفة العمومية بصفة نهائية، لا يفسره سوى كون جهات ظلامية نافذة تريد أن تراني أتسول، انتقاما مني لما أكتبه، ورغبة في إذلال المشروع الذي أمثله، كما أن الجهة المقابلة تخلت عن واجبها في حماية القانون”.
واختتم ناشيد: “لقد أصبتم الهدف سادتي، أنا الآن أتسول بالفعل، وهذا ما أتسوله: أتسول بيانا تضامنيا باسم أي نقابة من النقابات التي اطلعت على خلفيات الملف، وقد أبلغني كثير من أطرها عن صدمتهم واستيائهم. أتسول مكانا عزيزا يحفظ لي قدرا من كرامتي، ولا تتحكم فيه قوى الظلام بأرزاق الناس”.
وحظي ناشيد بحملة دعم واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث طالب مجموعة من الأساتذة والأكاديميين والمحامين والإعلاميين والسياسيين، بتدخل وزير الترية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي، من أجل إعادة المياه لمجاريها، وتجنّب ما اعتبروه “استغلال مناصب المسؤولية لتصفية الحسابات السياسية والفكرية”.
تعليقات الزوار ( 0 )