أكد الرئيس الأول لمحكمة النقض، الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، محمد عبد النباوي، اليوم الثلاثاء، على أهمية نجاعة القضاء لتعزيز النمو الاقتصادي وتأسيس فضاء آمن للاستثمار.
وأوضح عبد النباوي، في كلمة بمناسبة افتتاح أشغال هذا المؤتمر الدولي للاستثمار ورهانات التنمية الذي ينظم من 8 إلى 10 مارس الجاري بالداخلة تحت شعار “رؤية دولية وريادة مغربية”، أن نجاعة القضاء ونزاهته تؤثر بشكل مباشر في زيادة النمو الاقتصادي وتؤسس لفضاء آمن للاستثمار، يُضمَن به الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي والحقوقي، وينتج آفاقا كبيرة للتنمية.
ولفت، في هذا الصدد، إلى أن هذه الرؤية أكد عليها الملك محمد السادس في العديد من المناسبات، من بينها ما تضمنته الرسالة السامية إلى المشاركين في المؤتمر الدولي الثاني للعدالة يوم 21 أكتوبر 2019 بمراكش والتي جاء فيها: “إن خلق فضاء آمن للاستثمار بأبعاده الاقتصادية والاجتماعية والحقوقية والإدارية والهيكلية، يفرض علينا جميعا اليوم، بذل المزيد من الجهود في اتجاه ترسيخ دولة القانون، وتعزيز استقلال السلطة القضائية، ودعم التنبؤ القانوني، وتأهيل الفاعلين في المجال القضائي، وتطوير الإدارة القضائية، وتعزيز حكامتها، من خلال مقاربة شمولية مندمجة، تتعامل مع قضايا الاستثمار في مختلف جوانبها، المرتبطة بالقوانين التجارية والبنكية، والضريبية والجمركية، والعقارية والتوثيقية والاجتماعية، وتستحضر الأبعاد الدولية والتكنولوجية التي تفرضها عولمة التبادل التجاري والمالي والاقتصادي عبر القارات”.
وسجل عبد النباوي أن المتتبع للعمل القضائي بالمملكة سيرصد بكل وضوح الحمولة الحقوقية التي بلورها الاجتهاد القضائي من خلال قرارات مبدئية، وفرت مناخا آمنا للتنمية والاستثمار، واستهدفت تحقيق التوازن بين حقوق جميع مكونات الشركات والمقاولات، ومد الحماية اللازمة لمستهلكي المنتجات والخدمات، خاصة في مجال المعاملات البنكية والتأمينية، وتكريس عدالة اقتصادية وضريبية.
وأشار إلى أن القضاء المغربي واكب التحولات الاجتماعية والاقتصادية والحقوقية والتكنولوجية الدولية، وأثرها على الاستثمار وعلى سوق الشغل، من خلال إقرار سمو الاتفاقيات الدولية وتفعيل مضامينها، وكذا التفاعل الايجابي مع وسائل الإثبات الالكترونية، بإعطائها القوة والحجية الثبوتية في المنازعات، وحماية المتضررين من الأخطاء الناتجة عن المعاملات البنكية الدولية، واعتماد مقاربة حمائية فعالة في القضايا المتعلقة ببراءة الاختراع وحقوق المؤلف.
كما استهدف العمل القضائي، يضيف عبد النباوي، تحقيق مقاربة اقتصادية ذات أبعاد اجتماعية، تضمن الاستقرار داخل المؤسسات الشغلية، وذلك بإقرار التوازن الموضوعي بين حقوق وواجبات كل من الأجراء وأرباب العمل، دون أي تعسف أو حيف، وحظر كل أشكال التمييز بين العمال المحليين والأجانب.
وتابع الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية بأن تخليق المعاملات الاستثمارية كان معطى حاضرا في العمل القضائي، عن طريق وضع ضوابط للمنافسة التجارية الشريفة، والتصدي للتصرفات غير السليمة التي تؤدي بالمقاولات للتصفية والإفلاس، مسجلا أن القضاء المغربي اكتسب تجربة هامة في الدعاوى المرتبطة بمساطر التحكيم الوطني أو الدولي.
وشدد على أن هذه التجربة أصبحت علاقتها راسخة بالتوجهات القضائية الدولية الحديثة، بفضل القوانين الوطنية المستحدثة، وكذلك استلهاما من المقتضى الدستوري الذي يمنح الأولوية في التطبيق للاتفاقيات الدولية على التشريع الداخلي.
وبعد أن أكد على الراهنية الزمانية والمكانية لموضوع الندوة، أوضح السيد عبد النباوي أن الزمان واعد بإكراهات التنمية الاقتصادية والاجتماعية ومتلهف لتسريع وتيرتها واستقطاب رؤوس الأموال والكفاءات والخبرات الداعمة لها، ولا سيما جراء الانتكاسة الاقتصادية المترتبة عن وباء كوفيد 19، مضيفا أن المكان الذي تعقد فيه هذه الندوة هو مجال للاستثمار في مختلف مجالات التنمية بامتياز، يوفر للمنعشين والمستثمرين قبلة حقيقية للإبداع وبناء وحدات الإنتاج، بما وفرته الدولة من بنيات تحتية، وما هي مقبلة على إنجازه من منشآت حيوية أخرى كالميناء الجديد ومشروع الطريق السريع المتجه إلى الشقيقة موريطانيا.
وخلص إلى أنه، بالموازاة مع ذلك، تستعد مدينة الداخلة لافتتاح وحدات قضائية جديدة في القادم من الأيام، ولاسيما محكمة الاستئناف والمحكمة التجارية والمحكمة الإدارية، لافتا إلى أن الأمر يتعلق برسالة واضحة من المملكة للتأكيد على حماية الاستثمار وضمان الأمن الاقتصادي والاجتماعي بالمنطقة.
وتتواصل بمدينة بالداخلة فعاليات المؤتمر الدولي للاستثمار ورهانات التنمية، الذي ينظمه، على مدى ثلاثة أيام، كل من المعهد الدولي للتحكيم والدراسات القانونية وكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية عين الشق، تحت شعار” رؤية دولية وريادة مغربية”.
وتهدف هذه التظاهرة، التي تنظم بتعاون مع المجلس الأعلى للسلطة القضائية ومجلس الوحدة الاقتصادية العربية واتحاد المحامين العرب وجهة الداخلة وادي الذهب، وبمشاركة ثلة من الأساتذة الجامعيين ومسؤولين قضائيين وفاعلين اقتصاديين مغاربة وأجانب، إلى تسليط الضوء على الاستثمار ورهانات التنمية خاصة في ظل التحديات العالمية.
تعليقات الزوار ( 0 )