شارك المقال
  • تم النسخ

عبد النباوي: المغرب التزم منذ عقود باحترام حقوق الطفل والعمل على فرض احترامها

قال محمد عبد النباوي، الرئيس الأول لمحكمة النقض الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، إن الطفل في صلب النموذج التنموي الجديد، بما يكفل له الحق في التعليم الجيد والمفيد، ويضمن له حقه في التطبيب والتمتع بالصحة، وفي الرعاية الأسرية والمجتمعية، وفي الحماية من كافة أنواع التعسف ومظاهر العنف وضروب الاستغلال، وبما يضمن له بالأساس، المستقبل الآمن.

وأوضح عبد النباوي، في كلمة له (الاثنين) بمناسبة الندوة الافتتاحية لبرنامج التكوين التخصصي لفائدة قضاة الأحداث، حول موضوع “الحماية الجنائية للأطفال بين الآفاق القانونية والاكراهات البنيوية”، أن تنظيم هذه الدورات التكوينية، يأتي في سياق وطني متميز سيمته الإصلاح، ومن عناوينه البارزة والدَّالَّة نموذج تنموي جديد.

وأضاف، أت هذا النموذج الذي أكد على شمولية حقوق الطفل، وعلى الترابط الجدلي بينها. وعلى المكانة المركزية لقضايا الطفولة في السياسات التنموية، وفق الرؤية الملكية، الذي يؤكد في كل مناسبة على أن الاستثمار في الأطفال، ومن أجل الأطفال، هو استثمار في المستقبل، واستثمار في التنمية، والمنطلق الحقيقي لبناء مغرب الغد.

وجاء في كلمة محمد عبد النباوي أن “لقاء اليوم يعد محطة أساسية لترسيم هذه الجهود ومأسستها في إطار التعاون والشراكة بين منظمة اليونيسف والمجلس الأعلى للسلطة القضائية، من أجل التكامل وتبادل الأفكار وتقاسم المعلومات والتجارب والممارسات حول الإشكاليات العملية والقانونية والحقوقية المرتبطة بقضاء الاحداث”.

واستمراراً لهذا التوجه سيتم التوقيع على مذكرة تفاهم، بغية تنسيق الجهود وتحديد برامج التعاون، وفق آليات حديثة ومندمجة، تستحضر مقومات الحكامة القضائية، قصد تثمين نقاط القوة ومعالجة مكامن القصور، وهي مناسبة لرصد الصعوبات والتحديات التي تواجه قضاة الاحداث وقضاة النيابة العامة المكلفين بقضايا الأحداث.

وأبرز المسؤوا القضائي، أن لقاء اليوم هو محاولة لإيجاد الحلول الواقعية الممكنة لها، اعتمادا على الإطار القانوني المرجعي، مع تكريس البعد الحقوقي في معالجتها، وذلك وفق مقاربة اصلاحية تشاركية مع مختلف المتدخلين، بما يكفل حماية وصيانة كرامة وإنسانية هذه الفئة من المجتمع.

ولفت المصدر ذاته، أن بلادنا حققت تقدما مهما في مجال حماية حقوق الطفل، بفضل جهود متراكمة لكل الفاعلين من السلطات وجمعيات المجتمع المدني والمنظمات الحقوقية الوطنية والدولية، وذلك منذ المصادقة على اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل، والبروتوكولات الملحقة بها.

حيث التـزم المغرب منذ عقود باحتـرام حقـوق الطفـل والعمـل علـى فـرض احترامهـا. وانخـرط فـي ديناميـة تسـعى إلـى النهـوض بها، واعتمـاد أهـداف التنميـة المسـتدامة، وقـد تـم تجسـيد هـذا الالتزام مـن خـلال دستور المملكة.

وأضاف، أن الحماية الدستورية للأطفال، شكلت خلال السنوات الأخيرة، منعطفا حاسما في مسلسل تعزيز المنظومة الوطنية للحماية القانونية للطفل. ونص الفصل 32 من دستور 2011، على أن “الدولة تسعى لتوفير الحماية القانونية، والاعتبار الاجتماعي والمعنوي لجميع الأطفال، بكيفية متساوية، بصرف النظر عن وضعيتهم العائلية”، كما تم إحداث مجموعة من الهيئات الجديدة للارتقاء بالحكامة والديمقراطية والمساواة في هدا الباب.

وبالإضافة الى ذلك، صدرت عدة نصوص لتعزيز الحماية القانونية والقضائية للطفل من بينها القانون الجنائي والمسطرة الجنائية وقوانين الحالة المدنية والجنسية والاسرة، وغيرها من القوانين التي أفرزت تغييرات عملية ملموسة في الإجراءات والتدابير والهياكل. وجعلت من حقوق الطفل جزءاً لا يتجزأ من الإصلاحات والمبادرات المتعلقة بسيادة القانون ونظام العدالة.

غير أن هذه الترسانة القانونية، يضيف عبد النباوي، وإن كانت قد استجابت لانتظارات عديدة، فإنها أفرزت أيضا تطلعات مشروعة مرتبطة بالتنزيل السليم للمقتضيات القانونية والتطبيق الفعال للضمانات الحمائية، ولأجل ذلك عملت بلادنا على تعزيز آليات صيانة حقوق الأطفال وحمايتها.

ولعل من أبرزها وأكثرها دينامية وأنجعها على مستوى المقاربات والاقتراحات والعمل الميداني، القضاء المختص بقضايا الأحداث، فهو ضامن لحق ولوج الأطفال إلى عدالة تكفل احترام جميع حقوقهم وإعمالها بفعالية، واحترام الخصوصية الشخصية والأسرية وسلامة الطفل وكرامته، ومراعاة مصلحته الفضلى.

وأشار، أن ارتباط المجلس بقضايا الطفولة، هو ارتباط شخصي، عير المواكبة في مختلف المحطات المهنية السابقة، والسعي نحو الارتقاء بحماية الأطفال وحقوقهم هو مجرد انخراط في سياسة بلدنا في مجال حماية الطفولة التي رسمها الملك ويحرص على تنفيذها. وهي سياسة تقوم على مقاربة مندمجة تهتم بالطفل في مختلف أوضاعه، ولاسيما في مجال الحماية القانونية للأطفال القاصرين، ومن خلال التكفل القضائي بهم.

ومن جهة أخرى فإن المجلس الأعلى للسلطة القضائية، يدرك حجم التحديات المطروحة، على بلادنا في مجال حماية الطفولة وضمان حقوقهم. وهو إذ يقدر حجمَ الرهانات الموضوعَةِ كَأُفُقٍ وطني ينبغي ربحُه، فإنه يهيب بالقضاة إلى مواصلة الجهود من أجل ضمان استمرار الدِّينَامِيَات التي تشهدُها بلادنا على مستوى تنزيل التشريع المتعلق بالطفولة، وفي مجال التنمية الاقتصادية والاجتماعية، بل أيضا من أجل المساهمة في جعل العُشرية المقبلة واعدةٍ بما يتطلب من تمكين قانوني لأطفالنا.

وقال عبد النباوي، إن المجلس يأمل أن يواصل القضاء تطويرَ وتحيين عمله بالأليات والوسائل التي تعزز حقوق الطفل وتصونها وتكفل لها الحماية القضائية، تطبيقا للدستور والقانون وفي احترام تام للاتفاقيات الدولية ذات الصلة التي صادقت عليها المملكة المغربية.

ولأجل ذلك سيواصل المجلس تطوير وتعزيز مبادرات متعددة التخصصات، لدعم قدرات القضاة وتمكينهم من الآليات الدولية والإقليمية، والتدريب عليها. لأجل تقوية مهاراتهم المعرفية، بما يتلاءم مع المصلحة الفضلى للطفل.

وأضاف، “لقد تفحصت باهتمام المحاور الأساسية للبرامج المهيكلة لهذا التكوين، واسترعى انتباهي الدقة في انتقاء المواضيع والإشكاليات القانونية والعملية المطروحة في هذا الشأن، ولا شك أن التصنيفات الممنهجة لمقاربتها جاءت منسجمة مع الأهداف المسطرة”.

وزاد المصدر ذاته، أنه “لا يخفى عليكم أن المجلس الأعلى للسلطة القضائية أخد على عاتقه مهمة تطوير القدرات القانونية والمعرفية والعملية للسادة القضاة، واحتضان التميز والجودة في التكوين. باعتبار هذا الأخير إحدى الدعامات الأساسية المهيكلة لاستراتيجية المجلس”.

وأشار، إلى أن التوصيات والمقترحات التي ستخلص لها الدورات التكوينية، ستشكل مصدر إلهام للمشرع، ما دامت تستمد مرجعيتها من الواقع، وتسعى بالأساس الى تجويد تنفيذ النصوص القانونية وتطويعها بما يخدم المصلحة الفضلى للحدث، ويحقق طموحه المشروع في عدالة فعالة، سريعة ونزيهة.

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي