لا أخفيكم حزني وتأثري برحيل المرحوم برحمة الله اليوسفي، لا أعلم لماذا، فأنا لست اتحاديا
ولكنني مغربيا أومن بالوطنية والأوطان ،
وأشعر الآن وكأنه كان لي أب كبير ،
وينتابني إحساس عارم، وكأنني بفقدانه ورحيله عنا
إلى دار البقاء ، أصبحت للتو يتيما،
وينهمر الدمع على خدي دون استئذان، فأمسح بكفي مستغربا من نفسي، فهذه العين كانت تفيض مثل طوفان وترمي بالشرر كبركان،
فأصبح حالي كحال ابن الفارض القائل في قصيدته التائية الرائعة :
فطوفانُ نوحٍ، عندَ نَوْحي،كأدْمَعي//
وإيقادُ نيرانِ الخليل كلوعتي
ولولا زفيري أغرقتني أدمعي//
ولولا دموعي أحرقتني زفرتي.
فمن أين لك ياقلب بكل هذه اللوعة والاشتياق والحب والاحتراق، أم هي شفافية المحبين،وصبابة العاشقين، وهيام الهائمين
ومن أين أتيت ياقلب بكل هذه الزفرات الحارات،
وبكل هذه الأحزان، المتدفقات، كموج عارم، أو كبحر ثجاج وسيل زخار.
أخرج من غرفة إلى أخرى لعلي وعسى،
أسهو أو أنسى
لكن الأمر يبقى
على حاله دون جدوى،
فتهجم عليً ذكريات الطفولة، فأمر على ما تبقى من الأطلال وقد أصبحث الديار خاويات ،
فأقبل من فرط الهوى ألثم ذا الجدار وذا الجدار،
وتختلط عليَ الصور والأحلام، فأرى أبي يلوح من بعيد وأمي بجانبه،تبتسم في حالة من السكون والاطمئنان، فيخفق قلبي خفقانا، حتى لكأنه يريد أن يقفز متوثبا من بين الضلوع،،ويبقى هائما وراءهم في تلك الربوع،
فياقلبي لا تتعب قلبك،
فليس هناك إلا خيالا يأبى الرجوع
وشمسا غاربة ترفض الشروق و السطوع
ثم ما يلبث أن تختفي صورهما ، وتضيع في المدى البعيد فأغفو ثم أصحو ،فيتضخم ألم الفقدان،
بالأمس القريب كنا شبانا تملأ عقولنا الأمال،
ننشد الأشعار، ونغني أغنيات النظال،
نركب سفينة واحدة يقودها آبآؤنا الكبار،
من جاؤوا من رحم التاريخ،
كما يأتي النسر محلقا من قمم الجبال
نمخر وإيَاهم عباب البحر، وبأيدينا نصنع علامات النصر،
ثم أهدأ قليلا، وأقول مع نفسي كلنا راحلون نحو الأبدية، والأباء سيولدون ويبعثون من رحم الأرض، والشمس لن تنطفأ أبد الدهر.
نم هانئ البال،يايوسفينا،في ملكوت الله قرير العين،
فلعل أرضنا المعطاء
تنبت رجالا يشبهونك من ذهب وتبر.
تعليقات الزوار ( 0 )