قال الإعلامي والكاتب السوداني المقيم بالمغرب، طلحة جبريل، إنّ الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، يواصل اتصالاته الهاتفية من أجل تهدئة الوضع بمنطقة الكركرات الحدودية، وأتوقع أن تكون هناك مبادرة في غضون أيام قليلة للمبعوث الأممي، لاسيّما بعد الإتصال الهاتفي الذي أجراه العاهل المغربي محمد السادس يوم أمس (الإثنين) مع الأمين العام للأمم المتحدة.
وأوضح طلحة جبريل في حديث مع موقع “بناصا” الإلكتروني” أنّ ما يُفترض في الواقع هو إحدى هاتين الخطوتين؛ إما أن يُسّرِعَ الأمين العام للأمم المتحدة باقتراح مبعوث شخصي له لتولي معالجة الملف كما أُنيط له من قَبل للمبعوثين السابقين، أو كما أرجح حاليا، أن يقوم غوتيريش بجولة في المنطقة، قبل أن يسترسل: “وهذه صراحة مبادرة مطلوبة ومرغوبة في ظل هذه الأوضاع المتأزمة”.
وشدّد المتحدث ذاته، على أنّ المهم الآن، هو أنّ الوضع في منطقة الكركرات المطلة على الأطلسي، هي تحت السيطرة، وأنّ الملف عاد إلى الأمم المتحدة، وأتوقع بأن تكون هناك مبادرة في غضون أيام قليلة وليس فقط في فترة طويلة.
الخيار العسكري وصمت الجزائر
يرى طلحة جبيريل، أنّ العودة إلى الخيار العسكري، ليس هو المطلوب أو المرغوب فيه لتسوية الوضع، بيد أنه من الواضح جدا الآن، أنه لابد من مبادرة من طرف الجزائر، لأن الأخيرة دخلت بعد فترة الحراك في نوع من الجمود السياسي سواء كان داخليا أو خارجيا.
وأضاف الإعلامي والكاتب السوداني، في التصريح ذاته، على أنّ الجزائر، يُفترض بها الآن أنْ تتقدم بمبادرة، مُردفاً: “صحيح أن جل التحركات من الجانب الآخر، أي من جبهة البوليساريو، وهي بمباركة جزائرية، طبعا، ولكن الجزائر تلتزم في نفس الوقت الصمت، وعندما يكون هناك تصريح أو شيء من هذا القبيل، يُعاد تدوير نفس الأسطوانة، أي أن القضية بيد الأمم المتحدة، وأنه لابد من أن يتم الحل عن طريق الأمم المتحدة”.
وشدّد المتحدث داته، على أنّ الأمم المتحدة الآن، تَعتبرُ خيار الحكم الذاتي هو الخيار المقبول، وفي الآن ذاته هذا هو موقف الدول دائمة العضوية، مُؤكداً: “حقا المبادرة يجب أن تكون من طرف الجزائر، أما العودة إلى الخيار العسكري لا أعتقد أن ذلك يمكن أن يحل المشكل”.
واعتبر طلحة، أنّ الخيار العسكري، يعني مباشرة صدام مغربي جزائري ـ لا قدر الله ـ بحسب تعبيره، لأن المغرب في هذه الحالة، سيستعمل ما يسمى بـ”حق المطاردة” أي الدخول حتى إلى تندوف في حالة العودة إلى الخيار العسكري، ولا أعتقد أن المغرب يفضل التصعيد أو حل النزاع بهذه الكيفية.
وأشار إلى أنّ المغرب تحرك في الكركرات، لأن بعثة المينورسو لم تقم بمهامها وواجباتها، المينورسو تراقب وقف إطلاق النار، ودورها وقف أي انتهاكات، وما حدث في الكركرات كان انتهاكا من طرف جبهة البوليساريو، التي أتت بمجموعة من الناس ليقطعوا المعبر ويتعمدوا عرقلة حركة المررو، سواء كانت للأشخاص أو للشاحنات، فهذا يعتبر انتهاك، والمينورسو تعاملت مع هذا الوضع بحياد، والحياد غير مرغوب في هذه الحالة .
“الكركرات”.. والتعامل الأممي
وفي السياق ذاته، قال الإعلامي طلحة جبريل في تدوينة، نشرها اليوم (الإثنين) في صفحته على “حائط مارك”، أنّ الحدث الآن هو حسم الوضع في”الكركرات”، وعودة الحياة الطبيعية إلى المعبر الذي حددت بعثة الأمم المتحدة (المينورسو) مساحته ما يقارب أربع كيلومترات.
وأضاف، المؤكد أنّ المغرب التزم بضبط النفس لفترة طويلة، ذلك أن المشكلة بدأت قبل أربع سنوات عندما اتَّخَذَتْ إِجْراءاتٌ لمحاربة التهريب في المنطقة ، لذلك حظي قرار حسم ما يحدث في الكركرات بتأييد واسع داخلياً وخارجياً.
وتابع، هناك نقاش بشأن موقف البعثة الأممية التي يفترض أن تراقب أي انتهاكات لوقف إطلاق نار دخل حيز التنفيذ في سبتمبر 1991.
واسترسل طلحة قائلا: أود التطرق لبعض التفاصيل عن الموقف الأممي استناداً إلى تقرير نشرته صحيفة “واشنطن بوست” يوم الجمعة الماضي. يفيد التقرير أن أنطونيو غوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة، بذل جهودا مكثفة عبر اتصالات هاتفية لتفادي خرق وقف إطلاق النار، وتجنب “عواقب وخيمة” على حد تعبيره.
وزاد، في هذا السياق نسب إلى ستيفان دوجاريك المتحدث باسم الأمم المتحدة قوله إن غوتيريش ومسؤولين آخرين بالأمم المتحدة أجروا اتصالات هاتفية وشاركوا في “مبادرات متعددة لتجنب التصعيد”.
وقال بلغة ديبلوماسية وهي لغة مهيمنة على تصريحات مسؤولي الأمم المتحدة “الأمين العام لا يزال ملتزما ببذل قصارى جهده لتجنب انهيار وقف إطلاق النار الساري منذ السادس من سبتمبر 1991، وهو مصمم على بذل كل ما في وسعه لإزالة جميع العقبات أمام استئناف عملية السلام”.وأفاد التقرير “إن فريقًا مدنيًا عَسْكَرِيًّا خَاصًّا من بعثة الأمم المتحدة لحفظ السلام (مينورسو ) موجود على الأرض في منطقة الكركرات” وفي هذا الصدد قال ستيفان دوجاريك “منذ بداية الأزمة كان لدينا مراقبون عسكريون هناك “.
وأوضح طلحة في التدوينة ذاتها، أنّ بعثة المينورسو لم تتعامل بحزم مع الانتهاكات بل يتسم سلوكها بالتقاعس بحجة الحياد، إذ أنّ شرطة البعثة كان يمكنها إيقاف إحتلال المعبر ومنع مرور الأشخاص والبضائع، وذلك عندما أغلق أولئك الأشخاص المعبر لأسابيع، بتزامن مع تهديدات من تندوف” بإعادة النظر في المشاركة في العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة بشأن والتلويح بعدم الالتزام بوقف إطلاق النار”.في هذه الحالة يمكن القول عن موقف “المينورسو” بأن “الحياد” شيء و”التقاعس” شيء آخر .
وأشار المتحدث ذاته، إلى أنّ وقف إطلاق النار لا يعني فقط مراقبة الوضع، بل يُفترض أيضاً التعامل الحاسم مع الانتهاكات.
كما تبقى مسألة في غاية الأهمية وهي أن الأمين العام للأمم المتحدة لم يعين مبعوثاً جديداً بعد استقالة هورست كولر منذ أزيد من سنة ونصف. ظني أن ديبلوماسية الهاتف لا تكون ناجعة دائمة، والمؤكد أن جولة يقوم بها أنطونيو غوتيريش في المنطقة باتت أكثر من ملحة. قبل أن يختم بطرح سؤال “لماذا لا يكون المبعوث الأممي من إفريقيا”.
تعليقات الزوار ( 0 )