مع بداية رمضان لهذه السنة، تجدد الجدل الذي يرافق طلقات المدفع التي تشهدها العديد من المدن المغربية خلال وقت الفطور والسحور طيلة الشهر الفضيل، بين مطالب بإنهاء هذه الطريقة التي باتت تتسبب في إزعاج الساكنة بدل إشعارها كما كان عليه الوضع في السابق، وداعٍ للإبقاء عليها باعتبارها موروثاً ثقافيا وتاريخيا دينياً، وعادةً وطنية.
واشتكى مجموعة من سكان الأحياء القريبة من المواقع التي يتم إطلاق المدفع بها في عدد من المدن المغربية، من الإزعاج الكبير الذي يتسبب فيه، وحالة الفزع التي يدخلها على قلوب الصغار، خصوصاً في موعد السحور، الوقت الذي يكون فيه أغلب الأشخاص المرضى والأطفال والشيوخ، المعفيون من الصيام، نائمون، الأمر الذي يسفر في كثير من الأحياء عن إيقاظهم مرعوبين.
وطالب مجموعة من سكان حي سيدي عابد بمدينة الحسيمة، بإيقاف هذا الأمر، لأنه لم يعد يقوم بالدور الذي كان يلعبه في السابق، والمتجسد في الإخبار عن وصول موعد الإفطار والسحور، وبدل ذلك، أصبح الآن، يتسبب في إزعاج كبير للمواطنين الذين يقطنون في التجمعات السكنية القريبة من موقع إطلاق المدفع.
وشدّد عدد من السكّان، في تدوينات اطلعت عليها جريدة “بناصا”، على أنه حان موعد القطع مع هذه العادة، إما بشكل نهائيّ، أو وضعها في أماكن بعيدة عن الأحياء السكنية، منبهين إلى أن هذه الآليات، مكانها في ميادين الحروب والثكنات والقواعد العسكرية، وليس القصف العشوائي، في المناطق السكنية حيث يعيش المواطنون وينام المرضى، ويقطن الأطفال والشيوخ، حسبهم.
وفي المقابل قال إلياس، القاطن بحي سيدي عابد، إن المدفع الذي يطلق في الحي المذكور، خلال وقتي السحر والإفطار، بالرغم من أنه عادة مغربية أصيلة دأب عليها المغاربة منذ قرون، وباتت تشكل عادة ثابتة خلال كل شهر رمضان، إلا أنه من الضروري مراعاة ظروف الناس التي منها فئات مريضة وعاجزة ويفزعها الصوت القوي مرتين في اليوم.
وأضاف إلياس في تصريح لجريدة “بناصا”، أنه “لابد من نقل المدفع ووضعه في مكان بعيد عن الأحياء السكنية، التي يفزعها، ويشكل هاجساً لديها، خاصة في صفوف الأطفال والعجزة، وعموم الساكنة التي ما إن يصدر الصوت إلا ويرافقه هلع وخوف جراء ذلك”، على حدّ قوله.
ودافع عدد من النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، عن إطلاق المدفع خلال وقتي الإفطار والسحور في شهر رمضان، باعتباره تراثاً إسلامياً وجب الحفاظ عليه، خصوصا في المدن التي لم يعد يتواجد بها أي شكل من أشكال التقاليد التي اعتاد عليها المغاربة في السابق، مثل “البراح”، لأن هذا الأمر يعطي إحساسا للساكنة وجدانيا بالشهر الفضيل، وفقهم.
وكتبت إحدى “الفيسبوكيات”، بأن طلقات المدفع، لابد من الحفاظ عليها، غير أن المطلوب في الوقت الحالي، إبعادها عن المناطق السكنية، لكي يتم تجنيب المواطنين الإزعاج الذي تتسبب فيه، مشددين على أن المدفع، ليس مظهراً حربياً كما ادعى بعض المطالبين بإيقافه، بل هو عادة قديمة يتم استعمالها في مختلف البلدان الإسلامية، وتساعد من يعيشون بعيداً عن المساجد في معرفة وقت الإفطار والسحور.
يشار إلى أن استعمال المدفع لإعلان مجيء موعد الإفطار والسحور، التي تستخدم في العديد من البلدان الإسلامية، عادة قديمة دأب عليها المغرب منذ قرون، وما تزال موجودة في أغلب المدن بالمملكة، وتعد واحدة من التقاليد التي تميز الشهر الفضيل في المملكة.
تعليقات الزوار ( 0 )