بمناسبة اليوم العالمي للمرأة والفتاة في ميدان العلوم، والذي يصادف الـ11 فبراير من كل سنة، خصصت صحيفة “The Media Line” الإخبارية الأمريكية مقالا تفصيليا، سلطت فيه الضوء على قصص أربع عالمات ملهمات في ميدانهن العلمي، وضمنهن مخترعة مغربية.
وقالت الصحيفة الإخبارية، إنه على الرغم من أنّ النساء يشكلن أكثر من نصف سكان العالم بقليل، إلا أن تمثيلهن لا يزال ناقصا في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات (STEM).
كما كشف تقرير لليونسكو لعام 2017، أنّ 35 في المائة فقط من طلاب التعليم العالي في العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات على مستوى العالم هم من النساء.
وأضاف المصدر ذاته، أنه مع ذلك، فإنّ هذه الأرقام أفضل بكثير في العديد من البلدان في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، حيث تُمثل النساء ما يقرب من 50 في المائة من طلاب العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات.
صنع أول روبوت مغربي بشري
واستهلت الصحيفة تقريرها بالإشارة إلى العالمة والمخترعة المغربية، هاجر المصنف، وهي أستاذة في مجال تعلم الآلة (أحد فروع الذكاء الاصطناعي) وتحليل البيانات الضخمة التي ساعدت ضمن فريق لها في بناء أول روبوت مغربي الصنع يسمى “شامة”.
وهاجر المصنف، البالغة من العمر 39 سنة، هي أستاذة ومنسقة لبرنامج ماجستير علوم البيانات في جامعة القاضي عياض بمراكش، التي تعتبر في طليعة الذكاء الاصطناعي (AI)، وكشف فريق الباحثين التابع للمصنف العام الماضي عن أول روبوت مغربي الصنع.
وفي عام 2020، فازت المصنف بجائزة WomanTech Global AI Inclusion، والتي تُكرم النساء حول العالم اللاتي يكنَّ رائدات في ابتكار الذكاء الاصطناعي.
وفي هذا الصدد، قالت المصنف لـصحيفة، إنه “في البلدان النامية على وجه الخصوص، ليس من الشائع رؤية النساء يتفوقن في مثل هذه المجالات لأنه عادة ما يكون عالما ذكوريًا، لذا فإن الجائزة كانت تعني الكثير بالنسبة لي، وفتحت الباب أمام تعاون مثمر”.
وعلى سبيل المثال، أعلنت شركة FotaHub ومقرها الولايات المتحدة الشهر الماضي أنها ستستثمر 100000 دولار للمساعدة في إنشاء نسخة أكثر تقدمًا من الربوت المغربي “Shama”.
وأوضحت الصحيفة، أنه بالإضافة إلى عملها الرائد في مجال الروبوتات، تشارك المصنف في عدد من المبادرات المهمة الأخرى، بما في ذلك استخدام الذكاء الاصطناعي لمساعدة مسؤولي الصحة على صياغة تدابير فعالة لاحتواء انتشار جائحة “كورونا”، بالإضافة إلى مشروع بالتعاون مع الحكومة المغربية يهدف إلى تحسين السلامة الطرقية.
وقالت هاجر المصنف: إن “فريق الباحثين لدينا، نجح في تطوير خوارزميات تتنبأ بحوادث الطرق قبل وقوعها فقط من خلال تحليل سلوك السائق”.
وفي السنوات الأخيرة، التحق عدد متزايد من المغربيات ببرامج جامعية في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، وفي برنامج ماجستير علوم البيانات الذي تشرف عليه المصنف، على سبيل المثال، فإن نصف الطلاب تقريبًا من النساء.
وأوضحت هاجر “أنا متزوجة ولدي ثلاثة أطفال” و”أواصل إلهام الطالبات وأخبرهن أنه بإمكانهن أن يصبحن أمهات صالحات، وأن ينظمن وقتهن ويحققن ما يردن”. ومع ذلك ، فقد أخذت مصنف على عاتقها أن تكون قدوة للطالبات وتشجعهن على متابعة المهن العلمية.
حل لغز انتشار مرض السكري في الإمارات
تتمتع الإمارات العربية المتحدة بأحد أعلى معدلات الإصابة بمرض السكري في العالم، وذلك وفقًا لبيانات عام 2019 الصادرة عن الاتحاد الدولي للسكري، والتي تؤثر على 16.3 في المائة من السكان البالغين في البلاد.
وقبل بضع سنوات، قادت الدكتورة حبيبة الصفار، مديرة مركز التكنولوجيا الحيوية في جامعة خليفة في أبو ظبي، بحثًا وجد أن أنواع الجينات الشائعة لدى الإماراتيين تجعلهم أكثر عرضة للإصابة بالمرض.
وحبيبة الصفار، هي مدير مركز جامعة خليفة للتقنية الحيوية في أبو ظبي، بالإمارات العربية المتحدة، ولدت في دبي، وأبانت عن علو كعبها في ميدان العلوم في سن مبكرة وحصلت على العديد من المنح الدراسية للدراسة في الولايات المتحدة.
الخبيرة في علم الوراثة والبيولوجيا الجزيئية، كان بحثها في عوامل الخطر الجينية لمرض السكري من النوع الثاني، هو الأول من نوعه الذي يتعمق في التركيب الجيني للسكان العرب فيما يتعلق بمرض السكري، قالت الصفار”لقد كان هذا البحث فريدًا من نوعه في الشرق الأوسط”.
ومن خلال دورها في جامعة خليفة، تقوم الصفار بتدريس الطلاب الكيمياء الحيوية والكيمياء وعلوم الطب الشرعي وعلم الوراثة، قائلة: “نحن نعمل أيضًا على جائحة “كورونا”، حيث قمنا بتتبع تسلسل الفيروس وفحصنا الملامح المختلفة لشدة المرض لدى المصابين”.
وساعدت الصفار حكومة الإمارات في تصميم خطة استجابة لوباء فيروس كورونا، وبالنسبة لجميع أعمالها التي غيرت قواعد اللعبة، حصلت في عام 2016 على زمالة L’Oréal-UNESCO الدولية للمرأة في العلوم، والتي تُقدم سنويًا إلى خمس عالمات بارزات.
وقالت “هذه الجوائز تمكّن المرأة لأن هناك الكثير من الجوائز لكلا الجنسين، وتقوم النساء دائمًا بالكثير من المهام المتعددة فهن أمهات وأخوات وبنات، لكن يمكنهم أيضًا أن يكونوا علماء ناجحين للغاية يساهمون في تنمية الاقتصاد أو البلد”.
ومن أجل جذب النساء والفتيات إلى مجال العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، تعتقد الصفار أنه من المهم جدًا أن يكون لديك نماذج يحتذى بها. وأضافت أن القيادة في دولة الإمارات العربية المتحدة شجعت النساء على متابعة المهن العلمية أيضًا.
فهم وراثة السرطان في المملكة العربية السعودية
وكشفت الصحيفة الأمريكية، أنه قد يكون الأمر مفاجئًا إلى حد ما، كون عدد النساء السعوديات يفوق عدد الرجال الحاصلين على درجات علمية، وذلك حسب تقرير جديد صادر عن وزارة التعليم في المملكة.
والدكتورة ملاك عابد الثقفي، هي واحدة من العديد من العالمات في المملكة العربية السعودية اللاتي قادت هذه المهمة، وهي طبيبة متخصصة في علم الأمراض العصبية الجزيئية وحاصلة على البورد الأمريكي، وتشغل منصب مدير الإدارة العامة لتنسيق البحث والتطوير والابتكار الوطني في مركز أبحاث مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية (KACST) في الرياض.
وهي أيضًا مديرة إدارة أبحاث الأقمار الصناعية في مدينة الملك فهد الطبية، حيث تشرف على العديد من الأقسام، بما في ذلك علم الجينوم وأبحاث علم الأعصاب والتعاون البحثي، ومع هذه الإنجازات العديدة، تعتبر الثقفي، التي تبلغ 39 سنة، نفسها مدافعة قوية عن المرأة في العلوم.
وأصبحت مهتمة في البداية بأن تصبح عالمة عندما كانت فتاة صغيرة في الثمانينيات، وعندما اصطحبها والداها لرؤية أخصائي علم الوراثة الرائد في المملكة بعد تشخيص إصابتها بمرض وراثي نادر. الأخصائية التي عالجتها كانت امرأة اسمها نادية عوني السكاتي، وفي هذه العالمة، وجدت الثقفي نموذجًا قويًا، كما قالت للصحيفة الأمريكية.
وفي هذا الإطار، قالت الثقفي: “نسمع دائمًا عن النساء الغربيات اللائي فعلن أشياء عظيمة لكنهن ينتمين إلى خلفية وثقافة مختلفة، ولكن عندما ترى شخصًا من ثقافتك الخاصة، فهذا أمر ملهم ومحفز للغاية”.
وركزت الكثير من أبحاث الثقفي على فك الشفرات الجينية للطفرات في الأورام، وأمضت سنوات عديدة في الولايات المتحدة لإكمال أبحاثها السريرية وعملت في العديد من الجامعات المرموقة، من بينها جامعة جونز هوبكنز وهارفارد وجورج تاون.
ومع ذلك، في حين أن الوعد بمهنة ناجحة في أمريكا كان مغريًا بلا شك، قررت الثقفي قبل خمس سنوات ترك كل شيء وراءها والعودة إلى الرياض، قائلة “هذا هو المكان الذي أشعر فيه أنه بإمكاني أن أحدث فيه الفرق.
وأبرزت المتحدثة ذاتها،”إنه أمر ممتع للغاية عندما تفعل شيئًا لمجتمعك، وعندما عدت كان قرارا صعبًا لأنني كنت في هارفارد وعُينت في هيئة التدريس هناك، وقال لي الجميع: لماذا تركت هارفارد وأتيت إلى الرياض؟.
وبصرف النظر عن تخصصها، فإنّ الثقفي هي أيضا جزء من برنامج الجينوم البشري السعودي وهي مبادرة وطنية طموحة تهدف إلى بناء قاعدة بيانات جينية للسكان السعوديين على أمل فهم أفضل ومنع بعض الأمراض الوراثية.
وبحسب الثقفي، كان المجتمع السعودي أكثر تحفظًا في أواخر الثمانينيات والتسعينيات، لكن وضع المرأة قد تحسن في السنوات الأخيرة.
وأضافت “فيما يتعلق بالطلاب الجامعيين، فإن ما يصل إلى 60 في المائة من طلاب الطب والرعاية الصحية هم من النساء الآن”، مؤطدة أنه، كما هو الحال في البلدان الأخرى، لا يزال الرجال يشغلون معظم المناصب القيادية والعليا.
وتابعت “في وقتي ذهبت النساء فقط إلى تخصصات علم الأحياء والرعاية الصحية، أما الآن يذهب الكثيرون إلى الفيزياء والهندسة وتكنولوجيا المعلومات”. وأضافت أن هذه الخيارات الوظيفية أصبحت متاحة قبل بضع سنوات في المملكة العربية السعودية للنساء.
الاستثمار في قادة الغد في إسرائيل
في عالم شركات رأس المال الاستثماري التي تتطلع إلى تغيير وجه ابتكار الرعاية الصحية وريادة الأعمال، تبرز الدكتورة إيريت يانيف بلا شك.
وبالتعاون مع شركائها التجاريين، أسست يانيف، أخيرا مشروع Almeda Ventures، وهو صندوق شراكة في الأسهم تم طرحه للاكتتاب العام لأول مرة في أكتوبر الماضي، وهي أول شراكة بحث وتطوير من نوعها تركز على علوم الحياة، وتحديداً على الأجهزة الطبية والصحة الرقمية.
درست يانيف، التي تبلغ من العمر 56 عاما، الطب في جامعة بن غوريون في النقب جنوب إسرائيل وعملت كطبيبة في الجيش لمدة أربع سنوات، وبعد ذلك قررت متابعة مسار وظيفي في القطاع الخاص، والعمل في صناعات الأدوية والأجهزة الطبية على طول الطريق.
وقالت، إنه”قبل ثماني سنوات قررت النظر إلى الصناعة من زاوية مختلفة، وكان لدي هذا الشعور أنه لكي تكون قادرًا على إحداث تأثير، يجب عليك أيضا فهم الاستثمارات”.وحتى الآن، استثمرت Almeda Ventures في خمس شركات إسرائيلية، أحدثها هو Virility Medical.
وبصفتها امرأة في ساحة رأس المال الجريء، فإن يانيف تنتمي إلى الأقلية إلى حد كبير، ففي العام الماضي، وجدت شركة “قمرا كابيتال” ومقرها تل أبيب أن النساء يشكلن 8 في المائة فقط من الشركاء في شركات رأس المال الاستثماري الإسرائيلية.
وأوضحت يانيف: “كوني في رأس المال الجريء وجانب الإدارة العليا، أجد نفسي في معظم الأحيان المرأة الوحيدة في الغرفة لقد أصبح الأمر مشكلة وأردت أن أفعل شيئًا حيال ذلك”.
مع وضع هذا في الاعتبار، انضمت مع رائدات الصناعة الأخريات – دوريت سوكولوف، ويايل جروينباوم-كوهين ورونيت هارباز – لإنشاء “WE @ HealthTech”، وهو برنامج موجه نحو مساعدة المديرات الشابات في الحصول على الأدوات التي يحتجنها للوصول إلى المزيد من المناصب العليا.
وقالت يانيف: “عندما تنظر إلى مجال علوم الحياة، ترى العديد من النساء في مناصب مبتدئة: باحثون مبتدئون، وخريجات بيولوجيا وكيمياء، وفني مختبر، ومدير إكلينيكي، وما إلى ذلك”، لكن عندما تنظر إلى الطرف الآخر -الإدارة والمستثمرون والمديرون التنفيذيون- ترى القليل جدًا، لذلك في مكان ما في الوسط نفقدهم”.
ويقوم برنامج WE @ HealthTech بتعليم النساء كيفية التحدث وإجراء المفاوضات وتحسين ملامح أعمالهن عبر الإنترنت، كما أنه يساعدهن على بناء شبكاتهن المهنية والتواصل مع نساء مؤثرات أخريات في إسرائيل والخارج.
وبهذا الخصوص، أشارت يانيف، إلى أنه من بين 21 مشاركا أكملوا، أخيرا، المبادرة التجريبية، تلقى خمسة ترقيات في العمل، وتعتقد يانيف التي لديها طفلان، أن العديد من النساء في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات (STEM) يحتجن ببساطة إلى دفعة لطيفة في الاتجاه الصحيح.
تعليقات الزوار ( 0 )