شارك المقال
  • تم النسخ

صيف بلا اصطياف في الحسيمة.. غلاء الأسعار يُطفئ نُورَ “منارة المتوسط” بعد سنِين من الإشعاع

ما تزال شقة محمد، بحي سيدي عابد، وسط مدينة الحسيمة، موصدة الأبواب، يزورها بين الفينة والأخرى لتنظيفها من الغبار النافذ إليها. اعتاد محمد على بدء موسم “الإيجار”، مع دخول شهر يوليوز، غير أن الأمر تغيّر هذه السنة.

عكس الأعوام الماضية، ما تزال مدينة الحسيمة، شبه فارغة من السياح، فباستثناء أفراد الجالية العائدة إلى منازلها، لم تعرف المنطقة دخول أعداد كبيرة من الزّوار، كما اعتادت سابقا.

1000 درهم لليلة الواحدة..

يقول محمد، إنه دأب على استئجار الشقة بمبلغ لا يقل عن 800 درهماً لليلة الواحدة، لأنها تقع وسط المدينة، وعلى مقربة من جميع المرافق، وبعض الشواطئ، خصوصا “كيمادو” الشهير.

وأوضح المتحدث لـ”بناصا”، أنه أعلن في مواقع التواصل الاجتماعي، عن وضع الشقة للاستئجار مقابل المبلغ نفسه، مع بداية شهر يوليوز، غير أنه اضطر تخفيض الثمن لـ 600، منتصف الشهر، دون أن يأتي أحد، إلى الآن.

ويرى محمد في حديثه للموقع، أن السعر الذي وضعه لاكتراء شقته، “مناسب”، باعتبار أن هناك شققاً تصل أثمة استئجارها لليلة الواحدة، إلى 1000 درهم.

سعر مرتفع، مع شروط إضافية..

ولا يقف الأمر عند ثمن الاستئجار، حيث يضع أصحاب الشقق، بعضا الشروط الأخرى، على رأسها عدد الأشخاص الذين سيكترون، حيث يرفضون أن يتجاوز العدد 4، مع استثناءات قليلة في حال كانت أسرة مكونة من 5 أفراد.

ويبرّر أصحاب الشقق هذا الأمر، بأن ارتفاع عدد الأفراد، سيعني بالضرورة، ارتفاعاً في تكاليف الماء والكهرباء خلال فترات الإقامة، وهو ما يعني، تقليصاً لهامش الربح الذي يرغبون به.

الارتفاع الكبير في الأسعار وراء الركود

يعزو إلياس، القاطن بحي سيدي عابد، سبب هذا الركود السياحي الذي تعيش المدينة، إلى الارتفاع الكبير في الأسعار، واستغلال بعض أصحاب شقق الكراء، والمقاهي والمطاعم، لموسم الاصطياف، من أجل “تحقيق أكبر قدر من الأرباح”.

وقال إلياس في تصريح لجريدة “بناصا”، إن الحسيمة، عرفت طفرة كبرى في السياحة مع بداية العقد الماضي، خصوصا بعد 2014، حيث ساهمت مواقع التواصل الاجتماعي في تشجيع كافة المغاربة على زيارتها، بسبب شواطئها الجميلة.

وأوضح المتحدث، أن الأثمنة وقتها كانت جد مناسبة، ولم تكن مرتفعة كما هو الحال الآن، متابعاً أن السياحة في الحسيمة وصلت إلى أوجها في سنة 2019، قبل أن تتعثر بعدها بسبب “جائحة كورونا”.

وبعد ذلك، يردف المتحدث نفسه، عادت عجلة السياحة شيئا فشيئا إلى التحرك في الحسيمة، لتصل إلى أفضل مستوياتها بعد “كورونا” في السنة الماضية، غير أن الأسعار، كانت مختلفة تماماً عن السابق، حيث قام العديد من أصحاب الشقق والمقاهي والمطاعم، برفع الأسعار بشكل كبير.

جشع بذريعة “الحسيمة تعمل في الصيف فقط”

من جانبه أبرز عبد الله، وهو الساكن في حي ميرادور الأعلى، أن السبب الرئيسي وراء هذا الركود الذي تعرف المدينة، هو جشع قطاع الخدمات على وجه الخصوص، بذريعة أن “الحسيمة، تعمل في الصيف فقط”.

وشدد المتحدث في تصريح لـ”بناصا”، على أن السبب الرئيسي الذي يجعل الحسيمة تعمل في الصيف فقط، هو الارتفاع الكبير في الأسعار، ما يجعل الأشخاص ينقلون صورة سيئة عن المنطقة، وهو ما يعني بالضرورة، عدم تشجيع أشخاص آخرين، على زيارتها.

بين الحسيمة وطنجة.. الأثمنة متشابهة والفوارق شاسعة

وأما سفيان، الذي يقطن بحي “باريو حدو”، فقد قارن الأسعار بـ”منارة المتوسط”، بمدينة أخرى هي طنجة، التي زارها مؤخرا، و”التي يفترض أنها أكبر، وأفضل، وأكثر شهرة وجاذبية من الحسيمة، معتبراً أن الأثمنة متشابهة، بل إنها أقل نسبيا في عروس الشمال، بالرغم من الفوارق الكبيرة بينهما”.

وبخصوص الوضع الحالي في الحسيمة، أوضح المتحدث، لـ”بناصا”، أن “قطاع الخدمات، يتحمل الجزء الأكبر من مسؤولية تنفير الناس عن زيارة المدينة، فيما تتحمل السلطات المسؤولية في عدم التحرك لوضع حد هذا الجشع البيّن”، مطالباً الأخيرة بالدخول سريعاً على خط الأزمة، لتدارك “ضياع” فرصة موسم “الاصطياف” على المنطقة.

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي