يواصل الصعود القوي للمغرب وتزايد تأثيره في منطقة حوض البحر الأبيض المتوسط، إثارة قلق الاتحاد الأوروبي، وبالخصوص الجارة الشمالية إسبانيا، التي يكاد يجمع أغلب محلليها، على أن الحكومة الحالية لمدريد، تأخرت عن الركب الإقليمي والدولي، وفقدت المكانة التي كانت تحظى بها كطرف مسيطر على مضيق جبل طارق.
وجاء في مقال تحليلي للكاتب غونزاليس مونتيس لواسيس، نشر على موقع “elconfidencialdigital”، أن المغرب وإسبانيا، يشاركان في واحدة من أهم المعارك التي تؤثر على مستقبل أوروبا، متابعةً أن المملكة المغربية تتجه إلى ذروتها، لتصبح القوة الأولى في القارة الإفريقية، وتتجاوز مصر ونيجيريا وجنوب إفريقيا والجزائر، بفضل العمل الممتاز لخدماتها الخارجية بدعم كبير من جهاز المخابرات “DGED”.
وفي هذا الوقت وبالموازاة مع تطور المغرب، يقول مونتيس، هناك مملكة أخرى في شمال حدود البحر الأبيض المتوسط، في حالة تدهور اجتماعي وسياسي عميق، وهو ما يشكل تهديدا كبيراً للاتحاد الأوروبي، ولكن قبل كل شيء لإسبانيا، مسترسلاً أن عزلة أوروبا المتزايد، فسحت المجال أمام البلدان التي لديها رؤية واضحة لممر البحر الأبيض المتوسط.
وأضاف أنه بينما تتركز معظم الجهود على الحدود الشرقية لأوروبا، من أجل مواجهة عدو مفروض يقوض خطط إنشاء اتحاد أوروبي قوي وموحد، تقوم دولة، تقع على بعد 14 كيلومترا فقط من القارة، بتوحيد مجموعة من الحلفاء، لتغيير المشهد الجيوسياسي للبحر الأبيض المتوسط بطريقة صارخة.
وأوضح أن المغرب، هو الدولة الوحيدة التي استمر ناتجها المحلي الإجمالي في النمو، من بين بلدان مثل مصر، نيجيريا، جنوب إفريقيا والجزائر، مبرزاً أن الرباط عملت أيضا، من الناحية العسكرية، على استثمار مبالغ مهمة وتوقيع اتفاقيات مع واشنطن؛ المورد الأكبر للمغرب بالأسلحة، لشراء الطائرات المقاتلة الأحدث في السوق.
وشدد على أن هذا الأمر، يهدد المصالح الاستراتيجية لإسبانيا، وسياستها في البحر الأبيض المتوسط، مسترسلةً أنه ليس من قبييل الصدفة أن الولايات المتحدة الأمريكية، قد نقلت قوتها للرد السريع من مورون جي لا فرونتيرا إلى إيطاليا، ولن يتم توسيع القاعدة البحرية في الكازارجير، حسب الكاتب ذاته.
وأبرز أنه لن يكون من المفاجئ، إن بنى المغرب قاعدة أمريكية في المرحلة المقبلة، على الحدود الشرقية أو في جنوب البلاد، وهو الأمر الذي من شأنه، بحكم الواقع، إضعاف وجود القوات الأمريكية في قاعدة روتا البحرية، مسترسلاً أن العلاقات بين واشنطن وإسبانيا ضيعفة، وبشكل متزايد، وفي المقابل تعد الميزة الجغرافية للمغرب في إفريقيا، تجعله مهما لمواصلة بناء علاقات مهمة مع أمريكا، تضمن من خلالها الأخيرة مصالحها بإفريقيا.
واسترسل، أنه بموافقة واشنطن، وقعت إسرائيل والمغرب اتفاقية تعاون عسكرية غير مسبوقة في العالم العربي، مما زاد من عزلة جبهة البوليساريو المهزومة والجزائر المهمشة، التي لا يبدو أنها تحظى بالدعم المتوقع من دول أوروبا، وهو ما يتضح تعزيز الرباط ولندن لعلاقاتهما الثنائية في عدد من المجالات.
الحكومة الألمانية الجديدة برئاسة أولاف شولتز، هي إحدى القوى العالمية الجديدة، حسب الصحيفة، التي أظهرت دعمها الكامل للمغرب في نزاغ الصحراء، موجهة ضربة قاسية للادعاءات الإسبانية بالحصول على دعم القوة الأوروبية الرائدة للتعامل مع الأزمة المتواصلة مع المغرب، والذي يبدو أنه يتلاشى بشكل تدريجي.
كل هذا، وفق الكاتب، أدى إلى “غرور المغرب”، من أجل تحقيق قائمة أهدافه المقترحة، ومن بينها إنهاء النزاع حول الصحراء المغربية، واستعادة سبتة ومليلية، والسيطرة على المياه الإقليمية لجزر الكناري، من خلال قوة ناعمة غير مقنعة، وإضعاف الجزائر لتصبح نقطة مرجعية في لبحر الأبيض المتوسط قبل إسبانيا.
وأشار المحلل نفسه، إلى أن الرباط، عرفت كيف تستفيد من الوباء لتتقوى، بينما تقزم دور البلدان الأخرى، مسترسلاً أن المملكة المغربية بلد يتمتع بشخصية قوية، وهو يفوز باللعبة في جميع مجالات الدفاع، الطاقة، السياسة الخارجية، التجارة، الأمر الذي قد يزيد من تعميق الأزمة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية التي تعيشها إسبانيا، حسبه.
تعليقات الزوار ( 0 )