علقت روث مايكلصن من صحيفة “الغارديان” على انتخاب اللواء أحمد ناصر الريسي مديرا لإنتربول رغم مظاهر القلق من تورطه في التعذيب وانتهاكات حقوق الإنسان، بأنه صورة عن “القوة الناعمة” للإمارات واستخدام الثروة لشراء التأثير على المسرح العالمي.
وقالت إن صعود الريسي في سلك وزارة الداخلية، مرتبط بتحول الإمارات إلى دولة رقابة عالية التقنية. وتضم إنجازاته الشخصية دبلوما في إدارة الشرطة من جامعة كامبريدج ودرجة دكتوراه في الشرطة والأمن وسلامة المجتمع من جامعة ميتروبوليتان في لندن ووساما من إيطاليا. والآن، انتخب رئيسا لمنظمة الشرطة الدولية، إنتربول، في انتصار كبير لقوتها الناعمة حيث تحاول الإمارات شرعنة طرق فرض النظام على المستوى الدولي، وهو ما أغضب المدافعين عن حقوق الإنسان.
وقالت ماكرنان إن الريسي، الذي يظهر عادة مبتسما، يشغل ومنذ فترة طويلة منصب المفتش العام لوزارة الداخلية، وتشمل مهامه الإشراف على مراكز الاعتقال والشرطة. واتهمه عدد من المعتقلين السابقين باستخدام منصبه ومنح الضوء الأخضر للانتهاكات، بما فيها التعذيب. وقال المعتقل البريطاني السابق ماثيو هيدجز إن “صعود الريسي لرئاسة انتربول يمنح الشرعية لدور وسلوك قوات الأمن الإماراتية”.
واعتقل هيدجز الذي كان يجمع معلومات لأطروحة الدكتوراه مدة 8 أشهر ووجهت له اتهامات التجسس، ثم أفرج عنه بعفو، لكنه يتهم الريسي بالإشراف على التعذيب الذي قال إنه عانى منه وهو في السجن.
وأضاف أن انتخاب الريسي “يترجم كضوء أخضر للدول كي تواصل التصرف بطرق تخرق المساءلة وحقوق الإنسان وتعطي الشرعية لإضعاف حكم القانون وتجرئ الديكتاتوريين وانتهاك أنظمة الاعتقال”. وقال هيدجز “هذا في الحقيقة تحذير للمجتمع الدولي من حدوث انتهاكات عابرة للحدود وستحدث”. ونفت الإمارات في السابق تعرض هيدجز لتعذيب نفسي أو جسدي.
واعتبرت وزارة الداخلية الإماراتية يوم الخميس انتخاب الريسي بأنه “اعتراف بالدور الحيوي للإمارات حول العالم”. وقالت إن الإمارات “تقف اليوم على رأس المنظمة الدولية العاملة في مجال الأمن والشرطة وستبذل جهدها لجعل العالم مكانا آمنا”. وتباهى الريسي في حملة علنية غير معروفة في تقاليد المنظمة بالتحول التكنولوجي الذي أعاد إصلاح الرقابة وعمل الشرطة في الإمارات العربية المتحدة. وضمت هذه تقنية التعرف على الوجه وإنشاء أول دائرة في وزارة الخارجية “مديرية السعادة”.
وترى الصحيفة أن التغيرات في عملية مراقبة الأمن في الإمارات تعطي صورة عن أن أبو ظبي ودبي هما أكبر مدينتين مراقبتين في العالم. فنظام “عين الصقر” والذي يقوم على نشر آلاف الكاميرات، لا يراقب فقط حركة السير والمخالفات، ولكن “القضايا السلوكية مثل النظافة العامة وحوادث مثل تجمع الناس في أماكن لا يحق لهم التجمع فيها” حسبما ورد في تقرير لوكالة أنباء الإمارات “وام”.
زيادة الرقابة ترافقت مع القمع ضد النقد والمعارضة المحلية. وأشارت منظمة “هيومان رايتس ووتش” إلى أن “الرقابة المحلية الواسعة أدت إلى رقابة ذاتية من المقيمين في الإمارات والمؤسسات التي تتخذ من الإمارات مقرا لها
وتقول الصحيفة إن زيادة الرقابة ترافقت مع القمع ضد النقد والمعارضة المحلية. وأشارت منظمة “هيومان رايتس ووتش” إلى أن “الرقابة المحلية الواسعة أدت إلى رقابة ذاتية من المقيمين في الإمارات والمؤسسات التي تتخذ من الإمارات مقرا لها، والمماطلة والرقابة وإمكانية التنصت الحكومي على وسائل الإعلام”.
ونقلت الصحيفة عن عبد الله العودة، الأكاديمي العامل في منظمة الديمقراطية في العالم العربي الآن بواشنطن قوله إن الإمارات تقوم باستخدام نهج قائم على فرعين بدا في انتصار الريسي في انتربول “القمع الشديد لأي صوت ناقد والاستثمار في العلاقات العامة مثل اللوبي، والقوة الناعمة والرياضة والترفيه”.
ووصف الأكاديمي كريستوفر دافيدسون المتخصص في شؤون الخليج انتخاب الريسي بأنه مثال عن “الأداء العالي للتكنوقراط في المجتمع السياسي الإماراتي” والذي وجد النجاح في ظل ولي عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد.
وقال إن “العنصر الرئيسي في نظام محمد بن زايد كان إنجاز الأمور والقضاء على الفساد، رغم النقد الذي وجه للإمارات وأبو ظبي، فهي أقل فسادا اليوم مما كانت عليه قبل 15 عاما، وهؤلاء هم الأشخاص الذين أوكلت إليهم مهمة تنظيف الوزارات”. لكن القضاء على الفساد أدى في بعض المرات لاعتقال الأثرياء والنقاد.
وقال خادم القبيسي، الثري والمستشار السابق للعائلة الحاكمة في أبو ظبي إنه كان “كبش فداء” للسلطات في أبو ظبي بتهم اختلاس الملايين وسجن في سجن الوثبة الذي أشرف عليه الريسي، ويسجن فيه الناشط الحقوقي أحمد منصور. وقال رياض إبراهيم الذي قضى عاما فيه إنه شاهد التعذيب “وهناك سجن ظالم وعدم تطبيق القانون وتم اتهام الناس بتهم لم يرتكبوها”. وقال إنه شعر بالرعب من فوز الريسي.
ويرى دافيدسون أن الإمارات تستخدم ثروتها ومصادرها لشراء طرق مختصرة للسمعة على المسرح الدولي. وقال إن “عمل الأمن في الإمارات يعاني من مشاكل لكن هذه هي الطريقة لإخبار العالم بأنه يمكن الوثوق بهم واحترامهم” و “الحصول على رئاسة انتربول يعلم التحرك بالاتجاه الصحيح”.
ويقول جلال الحرشاوي، من المبادرة الدولية ضد الجريمة المنظمة العابرة للدول في جنيف إن انتخاب الريسي يُعلم على الصراع بين الدول الليبرالية وغير الليبرالية داخل المؤسسات الدولية مثل انتربول وهو انتصار للدول المعادية للديمقراطية.
وقال “على السطح، فأبو ظبي -والفضل يعود للقوة الناعمة- تسوق نفسها على أنها دولة حديثة وتعتمد على أصدقاء في كل الديمقراطيات الكبرى” و “في الحقيقة فالإماراتيون الذين استلهموا نظام الحكم من قواعد الديكتاتورية الصينية يعارضون دائما المبادئ الليبرالية”. ولم يرد متحدث باسم السفارة الإماراتية في لندن على أسئلة الصحيفة.
تعليقات الزوار ( 0 )