اعتبر المفكر الكويتي شفيق الغبرا، في الجزء الثالث والأخير من حواره مع جريدة بناصا، أن المغرب يتميز بمجتمع ذكي زله حضارة تاريخية ومتنوعة، مضيفا، بأن المغرب لديه الكثير من المقومات للإصلاح، وتطوير تجربته الدستورية.
وبخصوص الاحتجاجات التي تلت مقتل أمريكي من أصول أفريقية، حيث خرجت أكثر من 350 مدينة أمريكية في مظاهرات واسعة النطاق، يريى الغبرا أنها “نتاج لعملية تراكمية في المجتمع الأمريكي ووسط مناطقه الفقيرة ووسط فئات من الملونين واللاتينيين والنساء وبقية الاقليات”.
إليكم الجزء الأخير من الحوار…
كيف تنظرون للدور الذي يمكن أن يلعبه المغرب بحكم موقعه الاستراتيجي في شمال افريقيا بعد كورنا هل سينجح في تعزيز مكانته وهل تتوقع أن ينجح في الحد من تداعيات هذه الأزمة؟
أنا أعرف المغرب من خلال زياراتي المتقطعة بين حين وآخر، وأحيانا في كل عام، وما أراه بالمغرب أنه يوجد مجتمع يتمتع بالذكاء، ولديه حضارة تاريخية ومتنوعة، هذا التنوع بين العربي والأمازيغي، وفِي نفس الوقت أرى أن الدولة بالمغرب تعاملت في البداية مع تعبيرات الربيع العربي بصورة إصلاحية.
لكن ما بدا لي أيضا أن الكثير من هذه الإصلاحات توفقت عند نقطة ما في بعض الحالات لم تستكمل الطريق، وفِي حالات أخرى تراجعت عن الطريق، وربما كانت هي البيئة العربية التي تبلورت مع حلول سنة 2013، و 2014 و 2015 و 2016.
برأيي أن المغرب لديه كثير من المقومات للإصلاح، وتطوير تجربته الدستورية، الديمقراطية، لديه تجربة شاهدناها مع طريقة انتخاب رؤساء حكومات شعبيين ضمن تنافس حزبي، لكن يبدو أن تجارب الدول العربية مع الديمقراطية هي تجارب يتيمة، لهذا أرى أن المغرب بحكم مكانه الجغرافي وقربه من أوربا وتفاعله مع مراكز الحضارة المحيطة به، ووجوده في شمال افريقيا مؤهل أن يلعب دورا طلائعيا في بناء تجربة ديمقراطية نجد اليوم تعبيرات عتها في تونس، لكن تجربة ديمقراطية، قادرة على أن تأخذ المغرب، إلى مساحات حديدة.
أنا أرى أن هناك أعمال اقتصادية كبيرة بالمغرب، وأن هناك إعادة صياغة لمدن للمغرب، لتكون مركزا هائلا على المستوى السياحي والمالي، أرى هذه الترتيبات تقع بالمغرب، لكن بنفس الوقت هناك قطاعات شعبية كبيرة تعاني وتواجه مصاعب كبيرة في الريف، وتواجه فقرا حقيقيا ووضع اقتصادي معقد، حتما هذه الجائحة والوباءسيكثف من هذه القضايا وسيضعها على بساط الحراك والعمل والتفاعل في الحالة المغربية.
كيف تقرؤون ما يجري الآن من أحداث في بعض الدول الغربية وأمريكا هل هي ترتيب لظهور مؤشرات جديدة في طبيعة النظام العالمي الجديد، خصوصا مع الأنباء التي تتحدث أيضا عن بوادر انقسامات فى الاتحاد الأوروبي بسبب أزمة كورونا؟
انفجار أكثر من 350 مدينة أمريكية في مظاهرات سلمية واسعة النطاق احتجاجا على مقتل جورج فلويد على يد البوليس تحول لعملية كاشفة لكل التناقضات الكامنة في الواقع الأمريكي. فغضب الأمريكيين الراهن هو نتاج لعملية تراكمية في المجتمع الأمريكي ووسط مناطقه الفقيرة ووسط فئات من الملونين واللاتينيين والنساء وبقية الاقليات.
كما أن غضب الأمريكيين نتاج تراجع فرص وأوضاع الطبقة الوسطى وسيطرة الأقلية على الاقتصاد.
لقد أصبح الرئيس ترامب وأسلوب إدارته وتصريحاته رمزا معلنا للعنصرية ولعدم إلاكتراث بهموم واحتياجات الناس.
وقد تأثر بهذا الوضع الإعلام الأمريكي وحركات الحقوق المدنية والجامعات والطلبة والطالبات.
كيف تابعت دكتور خطاب ترامب مساء الاثنين؟
خطاب الرئيس الامريكي مساء يوم الاثنين الأول من يونيو، لم يقدم شيئا يذكر عن العنصرية وسوء المعاملة وسلوكيات متكررة لقوات الأمن. لقد تحول خطاب الرئيس لدعوة لممارسة الحلول الأمنية وللخلط بين الحراك السلمي والشغب والعنف الذي عم المدن في فترات الليل.
إن لوم الرئيس لتحالف أنتيفا Antifa، وهي اختصار لتجمع عريض يركز على ”معاداة الفاشية“ لن يغير المعادلة. فأنتيفا منظمة شعبية وشبابية، لا تمتلك هيكلا واضحا أو قيادة موحدة، وهي منتشرة في المدن الأمريكية، وهدفها الأساسي التصدي للعنصرية والفاشية المتصاعدة في الولايات المتحدة.
لقد أضافت جائحة كورونا، التي عطلت الاقتصاد الأمريكي على حالة العنف المتراكم. فبسبب الجائحة وصلت الخسائر الاقتصادية لمئات المليارات، كما أن البطالة وصلت لأكثر من أربعين مليون مواطن، إذ تجاوزت البطالة 14 في المائة، هذه الاوضاع ضاعفت الضيق الامريكي.
إن التظاهر السلمي مكفول في الولايات المتحدة، لكن العنف والشغب وسرقة المحلات وحرقها والنهب ليس محميا بالقانون.
لكن هذا الشغب والعنف هو تعبير عن واقع الولايات المتحدة الراهن. فهناك مناخ مشحون نما بسبب عنف العنصرية وعنف البطالة وسوء إدارة الرئيس، وقد امتد هذا الوضع لأغلبية فئات المجتمع الأمريكي.
إن الفئات الضعيفة والمهمشة في المجتمع عادة ما تخزن آلامها واضطهادها وإهانتها وحرمانها لاطول مدة ممكنة قبل أن تقرر تدمير القانون والمـؤسسات والأبنية والأعمال التي تشعر بأنها سبب شقاءها.
هذا مشهد متكرر في التاريخ الإنساني. إن حرق المباني والسرقات الجماعية، تؤكد بأن قطاعا من المجتمع يعتقد بأنه بهذه الطريقة يعيد للدولة عنفها.
ومهما انتقدنا العنف الراهن، إلا أن فهم هذه المعادلة هام للعلاج والخروج من المأزق.
إن عدم قدرة الرئيس الأمريكي على التعامل مع هذا الوضع، أو حتى مع الوباء، هو أساس الضعف الراهن في الولايات المتحدة.
لن تكون عودة الثقة في الولايات المتحدة ممكنة بلا تهدئة الناس وبلا إجراءات تشمل تغيرات في الهرم السياسي والاقتصادي والحقوقي الأمريكي. من حسن حظ الولايات المتحدة أنها ستخوض انتخابات مفصلية في نوفمبر القادم. بفضل هذه الحركات الشعبية بدأت الحملة الإنتخابية الأهم في تاريخ الولايات المتحدة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.
ختاما هل تعتقد أن انتشار فيروس كورونا هو مؤشر على حرب بيولوجية بدأت رحاها تدور بالنظر التهم الموجهة للصين، هل انتشاره بفعل فاعل؟
هذا الأمر يفترض وجود المؤامرات و أن الفيروس مصنع، وهذا ما لا يوجد إثبات عليه، الحقائق ليست كلها معروفه، الشيء الأساسي سيبقى كيفية التعامل مع الفيروس، ثم مع نتائجة السياسية والاقتصادية والدولية والمحلية. ما وقع مع كورونا سيترك آثار مباشرة ومتوسطة المدى على الانظمة السياسية وعلى الدول والمجتمعات. وما يقع في الولايات المتحدة الآن وفي فرنسا هو نتاج تكثف المعادلات والصعوبات، لهذا عندما تقع حادثة من الحوادث التي تخطأ فيها الدولة أو ممثليها في ظل أوضاع اقتصادية وصحية وأوضاع بطالة، تتحول تلك الحادثة لصرخة غضب وصرخة تحرر بل ولحظة تشكيل لكل التناقضات والمظالم.
تعليقات الزوار ( 0 )