شارك المقال
  • تم النسخ

شغب الملاعب في المغرب.. مشكلة اجتماعية مستمرّة أم سوء تنظيم مُتكرّر؟

خيمت أحداث الشغب الأخيرة في ملاعب مدينة الدار البيضاء المغربية على وقائع اجتماع مجلسها الجماعي، وسط دعوات لتوسيع نطاق معالجة المشكلة التي أودت بحياة مشجعيين في الملاعب وخارجها.

وقبل حوالي أسبوعين، توفيت مشجعة لفريق الرجاء البيضاوي بعد تزاحم للجماهير في محيط ملعب محمد الخامس” دونور” قبل مباراة دوري أبطال أفريقيا ضد الأهلي المصري.

وأظهرت مقاطع فيديو نشرت في وسائل إعلام محلية تدافع مجموعة من جماهير الرجاء البيضاوي، محاولة الدخول من إحدى البوابات التي كانت مغلقة، قبل أن تتدخل قوات الأمن لإبعادهم، بينما كانت مدرجات الملعب مملوءة.

تسببت هذه الاضطرابات في وفاة مشجعة تبلغ من العمر 29 عاما. وخلفت هذه المأساة حزنا كبيرا في مواقع التواصل الاجتماعي، وأيضا تساؤلات حول أسباب سوء التنظيم ودعوات للتحقيق فيها.

وفي وقت دعا رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام (غير حكومية)، محمد الغلوسي، على فيسبوك إلى “فتح تحقيق موسع ليس فقط حول ظروف وملابسات وفاة تلك الشابة، بل في الأسباب المباشرة وغير المباشرة التي ساهمت في حدوث فوضى بمحيط الملعب والتقصير المفترض في التنظيم”، حيث يرى مختصون أن للظاهرة أسبابا متعددة تتجاوز سوء التدبير والتنظيم.

ويعتقد، عبد الرحيم بورقية، أستاذ في علم اجتماع الرياضة بمعهد علوم الرياضة بجامعة الحسن الأول بالمغرب، أن العنف الذي يرافق مباريات كرة القدم في المغرب ما هو إلا مرآة المجتمع ويعكس تفاعلات “Interaction” مكونات المجتمع مع بعضها البعض وطريقة التعامل والتواصل الاجتماعي بيننا”.

ويشير بورقية في حديث لموقع “الحرة” إلى أن العنف ليس حكرا على المشجعين بل يكون من آخرين مثل رئيس الفريق والمدربين واللاعبين بتصرفاتهم وتصريحاتهم تدخل في خانة العنف اللفظي أو الرمزي.

ويقول بورقية، وهو مستشار بالانحرافات والسياقات الاجتماعية المرتبطة بها، إنه “في سياق الحدث المؤسف ليوم السبت الماضي، سوء التنظيم كان جليا قبل بداية المباراة، والمنظمون قاموا بما يمكن أن نسميه عنفا تجاه المتفرجين والمشجعين (لا أتكلم عن المتفرج والمشجع الذي يجد ضالته في الفوضى للولوج الملعب بدون تذكرة أو يلجأ لأعمال التخريب المتعمد والسرقة) بل المتفرج والمشجع الذي يتوجه إلى الملعب لمشاهدة فريقه ويقتني تذكرته”.

وبعد أربعة أيام من وفاة مشجعة الرجاء البيضاوي، كانت المدينة من جديد على موعد شغب آخر في مباراة الدوري المحلي للهواة بين النادي المكناسي ونادي الاتحاد البيضاوي.

وكان من المفترض أن تجري المباراة بملعب العربي الزاولي في العاصمة الاقتصادية بدون جمهور “لدواع أمنية”، لكن حوالي 2500 من أنصار النادي المكناسي تعمدوا الالتحاق بالملعب قبل أن يعمد عدد كبير منهم إلى إحداث أعمال الشغب والعنف ورشق عناصر القوات العمومية وممتلكات المواطنين بالحجارة”، حسب ما نقلت وسائل إعلام مغربية عن عن مصدر أمني.

وأوقفت الشرطة المغربية الثلاثاء 170 مشجعا لفريق النادي المكناسي لكرة القدم يشتبه تورطهم في أحداث الشغب التي خلفت “إصابة خمسة من قوات الأمن بجروح متفاوتة الخطورة” وخسائر مادية لسيارات عدة، من دون الإشارة إلى حدوث إصابات في صفوف الجماهير، وفُتح تحقيق قضائي مع الموقوفين.

وغالبا ما تلجأ السلطات إلى إيقاف المشاغبين وإصدار أحكام سجن بحقهم، لكن تضاعف أحداث الشغب يدفع خبراء إلى دعوة السلطات المغربية إلى تغيير المقاربة لتشمل وسائل أخرى قد تسهم في معالجة الظاهرة.

ويشدد الخبير، بورقية، في حديثه لموقع “الحرة” على أن المقاربة الأمنية ضرورية وفعالة، لكن ليست وحدها كافية، مشيرا إلى أن الردع والزجر وتنفيذ القانون وتطبيق العقوبات على المخالفين مطلوب لكن هناك مقاربة اجتماعية أنجع لاحتواء هذه الظاهرة على المدى المتوسط والبعيد وهي إجراءات تهدف إلى عمل قاعدي مع الأطفال والقاصرين واليافعين لأنهم الأكثر ضلوعا في أعمال العنف والتخريب داخل وخارج الملعب”.

وسبق أن شهد ملعب محمد الخامس الواقع وسط الدار البيضاء مشاكل مماثلة في مباريات دولية أو مباريات الدربي بين قطبي المدينة الرجاء والوداد اللذين يستقطبان جماهير عريضة من كل أنحاء المغرب.

فيما تعاني الملاعب المغربية عموما حوادث شغب متواترة، تسفر عن العديد من التوقيفات وعقوبات في حق الأندية.

ويوجد حاليا مشروع “قيد الدراسة لبناء ملعب جديد خارج العاصمة الاقتصادية يتسع لـ93 ألف متفرج”، ويندرج المشروع في إطار ترشح المغرب لاحتضان كأس العالم 2030 في ملف مشترك مع إسبانيا والبرتغال.

(الحرة)

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي