شرعت الفرقة الجهوية للشرطة القضائية بمراكش، بناء على تعليمات الوكيل العام للملك لدى استئنافية المدينة نفسها، في التحقيق في ملفّ الاختلالات التي شابت تهيئة شارع الحسن الثاني بآسفي، الذي سرعان ما عرّته الأمطار، على الرغم من أن المبلغ الذي كان قد رصد له من قبل المجلس الجماعي يناهز ملياري سنتيم.
وكشف محمد الغلوسي، رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، أن الفرقة الجهوية للشرطة القضائية بمراكش، استمعت أمس الثلاثاء، الـ 2 من نوفمبر الجاري، إلى صافي الدين البودالي، رئيس الفرع الجهوي مراكش الجنوب للجمعية، وذلك بناء على تعليمات الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بـ”مدينة النخيل”.
وأضاف الغلوسي، في تدوينة نشرها على حسابه بموقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، أن دخول القضاء على الخطّ، جاء على خلفية شكاية الفرع الجهوي للجمعية بخصوص شبهة افتراض اختلالات شابت تهيئة شارع الحسن الثاني بآسفي، في إطار شراكة وقعها المجلس الجماعي لآسفي مع إحدى المجموعات التي تضم عدة شركات”، متابعاً أن التقديرات تشير إلى أن “هذا المشروع خصص له ما يقارب ملياري سنتيم”.
وعلى الرغم من هذا المبلغ، إلا أن “من عاينوا الشارع الذي يعدّ رئة المدينة، يشيرون إلى أن الأشغال المنجزة على مستوى هذا الشارع لم تكن ذات جودة واعترتها عيوب وظهرت حفر عميقة بالشارع، تتم معالجتها بحلول ترقيعية بين الفينة والأخرى، وهو ما يطرح تساؤلات حول مصير المبلغ المخصص لهذا الشارع الحيوي بالنسبة لمدينة آسفي، وما إذا كان أنجز وفقاً للمواصفات والمعايير المطلوبة”، يتابع الغلوسي.
واسترسل أن هذا الأمر، “سيكون موضوع بحث الشرطة القضائية المكلفة بإنجاز البحث التمهيدي”، معرباً عن أمله في “تسريع البحث في هذه القضية وحجز كافة الوثائق المتعلقة بها وإجراء كافة المعاينات والخبرات الضرورية للوقوف على حقيقة الأشغال امنجزة والاستماع إلى كل الأطراف المعنية، ومتابعة المتورطين المفترضين طبقا للقانون”.
ونبه الغلوسي، إلى أن القضية “لا تختلف عن قضية العديد من شوارع مدننا التي تظهر على وجهها بشكل واضح خدوش الفساد ونهب المال العام الذي يعتري الصفقات المخصصة لإنجازها، حيث حالها يغني عن السؤال، فمجرد تساقط أمطار خفيفة يعري واقع البنيات التحتية ويكشف هشاشة آليات الرقابة وطغيان الرشوة في مجال الصفقات العمومية، وهو ما يشجع على تواطئ المتدخلين في هذه المشاريع من أجل مصادرة أحلام المغاربة في مدن جميلة وصديقة للحياة”.
وكان الفرع الجهوي مراكش الجنوب، للجمعية المغربية لحماية المال العام، قد تقدم في الـ 27 من شهر يوليوز الماضي، بشكاية للوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بمراكش، ضد مجهول، في موضوع فتح تحقيق معمق في شأن عملية تهيئة شارع الحسن الثاني بآسفي، التي كانت قد أثارت الجدل وقتها، بعد سقوط شاحنة من الحجم الكبير في إحدى الحفر بالشارع.
وأوضحت الشكاية، أن هذا المشروع، الذي يشمل تعبيد الطريق، والإنارة، والمساحات الخضراء، “أعطيت انطلاقته بمناسبة ذكرى 20 غشت وعيد الشباب، سنة 2017، في إطار شراكة وقعها المجلس البلدي لمدينة آسفي مع مجموعة “سافييك”، التي تضم عدة شركات”، متابعةً: “رغم الغلاف المالي الهام الذي خصص لهذا المشروع، والذي قدر بملياري سنتيم، إلا أن الأشغال ظلت تعرف عدة اختلالات”.
وعدّدت الشكاية، التي تتوفر “بناصا”، على نسخة منها، الاختلالات التي شابت المشروع، وعلى رأسها “ظهور حفر عميقة ظاهرة للعيان بين الفينة والأخرى على طول شارع الحسن الثاني، حيث تتم معالجتها بحلول ترقيعية، إما بسد الطريق أمام حركة المرور، أو كساء الحفر بقشرة من الزفت (…) علما أن شارع الحسن الثاني يعتبر الشريان الرئيسي الذي يربط شمال المدينة بجنوبها”.
واستطرد أن الشارع، تمرّ عبره العديد من “حافلات المجمع الشريف للفوسفاط وشاحنات معامل التصبير، وشاحنات شركة الغاز، وقد استعملت في ظروف ملتبسة لمرور الشاحنات المحملة بالفحم الحجري”، مؤكدةً احتمال “وجود شبهة غش وتبديد للمال العام في إنجاز مشروع تهيئة شارع الحسن الثاني بمدينة آسفي”.
والتسمت الشكاية، من الوكيل العام للملك لدى استئنافية مراكش، فتح تحقيق معمق في الموضوع، والاستماع إلى كلّ من رئيس المجلس الجماعي، ورئيس المجلس الإقليمي، والممثل القانوني للشركة المكلفة بالمشروع، ومدير المختبر العمومي للتجارب والدراسات، ومدير مكتب الدراسات الحامل للمشروع، والمهندسون المكلفون بالمراقبة والتتبع، ووالي جهة مراكش آسفي، وعامل إقليم آسفي، وكل من له علاقة بالمشروع من مهندسيين وتقنيين وعمال مختصين، وباقي الشركاء”.
تعليقات الزوار ( 0 )