يتواصل سعار النظام الجزائري بعد الموقف الأخير للمغرب، والذي عبر عنه السفير الممثل الدائم للمملكة لدى الأمم المتحدة، عمر هلال، حين أكد في رده على مغالطات وزير خارجية الجارة الشرقية الجديد، رمطان لعمامرة، بأن مبدأ تقرير المصير الذي يدافع عنه، يجب أن يطبق أيضا على “الشعب القبائلي”، الذي وصفه بأنه “يعاني من أقدم احتلال في التاريخ”.
وبعد أن طالب الخارجية الجزائرية المغرب بتوضيح موقفه بخصوص ما جاء على لسان هلال، وتسخير آلتها الإعلامية لمهاجمة المملكة ورموزها، دون أن تتلقى أي ردّ من قبل الرباط، عادت لتطالب سفيرها بالأخيرة، بالعودة إلى بلاده للتشاور، دون أن تستبعد اتخاذ إجراءات أخرى، حسب تطورات الملف.
وفي هذا السياق، قال سمير بنيس، المحلل السياسي المغربي المقيم بواشنطن، إن “حالة السعر التي أصابت النظام الجزائري وكل حوارييه وأزلامه بسبب فقرة صغيرة تضمنها رسالة من السفير المغربي لدى الأمم المتحدة، عمر هلال، إلى حركة عدم الانحياز، أماطت اللثام عن هشاشة النظام الجزائري وتخوفه من أن تقوم أي جهة داخلية بتحريك النعرة العرقية والانفصالية في العديد من مناطق الجزائر”.
وأضاف أنه “منذ استقلالها، “جعلت الجزائر من إضعاف المغرب وخيانته وطعنه في الظهر: الدين الرسمي للبلاد، ولم تدخر أي جهد للنيل من المصالح الاستراتيجية للمغرب ومن وحدته الترابية”، متابعاً: “كما خانت كل العهود وكل المعاهدات التي وقعتها مع المغرب، على رأسها اتفاق شهر يونيو 1972 بخصوص ترسيم الحدود بين البلدين والاستغلال المشترك لمناجم غارة جبيلات”.
وأوضح أنه “طوال خمسين عاماً من الضربات التي وجهتها الجزائر للمغرب ومن الحملة الدبلوماسية المسعورة التي قادتها في جميع بقاع العالم لدعم الانفصال والترويج للدولة الوهمية التي أنشأتها، ظل المغرب شامخاً ومتسلحا بالإيمان بعدالة قضيته، ولم يقم فقط بالتصدي للجزائر وإحباط كل مخططاتها الغادرة للنيل من وحدته، بل اعتمد سياسة بعيدة المدى أدت في آخر المطاف إلى تعزيز موقعه على المستوى الإقليمي والدولي”.
كما أدت، يتابع بنيس، “إلى تعزيز موقفه بخصوص قضية وحدته الترابية. ولعل رجوع المغرب للاتحاد الإفريقي والزخم الدبلوماسي الذي حققه في الأمم المتحدة، والذي تجلى من خلال اللغة المستعملة في قرارات مجلس الأمن منذ عام 2007، وخصوصا منذ عام 2018، لخير دليل على التفوق الذي حققه المغرب وعلى نجاحه في تحجيم الجزائر وإحباط كل مخططاتها. هذا دون أن ننسى فتح 20 دولة لقنصلياتها في الأقاليم الجنوبية والاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء، والذي يشكل ضربة قاضية على الأجندة الخبيثة للجزائر”.
وأشار إلى أنه “حينما نقوم بمقارنة بين السعار والجنون والهلع والخوف الذي أصاب النظام الجزائري ونخبته المدجنة ووسائل الاعلام التابعة له وسياسة عدم الاكتراث و “النخالة” التي اعتمدها المغرب تجاه الجزائر لعدة سنوات، نستنتج أن النظام الجزائري نظام هش وليست له المشروعية التاريخية ولا الدعم الشعبي ولا المرونة التي قد تمكنه من مواجهة ما واجهه المغرب لما يزيد عن خمسين سنة”.
واستطرد أنه “بغض عن حالة انفصام الشخصية التي أظهرتها فئات عريضة من الشعب الجزائري، التي تحب لنفسها ما ترفضه لغيرها، أظن أن الهدف الرئيسي من اللغة التي استعملها السفير المغربي في رسالته المشار إليها أعلاه ليس هو تقديم أي دعم للانفصال في الجزائر- لأن ذلك ليس من شيم بلد وقف دائما ضد كل الجماعات الانفصالية ودافع بشراسة عن الوحدة الترابية للدول”.
بل، يواصل بنيس، لـ”إماطة اللثام عن هشاشة هذا النظام الجزائري، الذي يكن الحقد والضغينة للنظام الملكي المغربي”، منبها في السياق نفسه إلى أن نظام قصر المرادية يعلم بأن ما يسميه بـ”نظام المخزن نظام يستمد قوته من المشروعية التاريخية التي يتمتع بها والتي أساسها تعلق الشعب المغربي بنظامه الملكي وإيمانه بأن هذا النظام هو الكفيل بالحفاظ على وحدة البلاد وسلامة أراضيه”.
وزاد المحلل السياسي نفسه: “بالإضافة إلى إماطة اللثام عن هشاشة النظام الجزائري، من الدروس التي يمكن استخلاصها من التوتر الجديد-القديم بين البلدين هو نهاية أسطورة “خاوة-خاوة”، حيث تبث، للأسف الشديد، أن سياسة الأدلجة والتدجين التي نهجها نظام العسكر الجزائري لمدة 60 سنة أدت إلى إنتاج “نخبة” جزائرية مشبعة بالحقد والعداء تجاه المغرب، إلا من رحم ربي”.
تعليقات الزوار ( 0 )