شارك المقال
  • تم النسخ

سلمة بن سيدي مولود بن أبراهيم يحكي عن مهمة جيش التحرير المستحيلة في “أطار” (2)

يقص السيد سلمة بن سيدي مولود بن إيراهيم المقاوم الصحرواي في جيش التحرير جنوب المغرب مذكراته لجريدة بناصا، حيث ستنشر منجمة عبر حلقات، وهي قصص تحكي عن الجيش التحرير المغربي من التأسيس إلأى التفكيك.

ويعتبر السيد سلمة بن سيدي مولود بن أبراهيم، والمولود عام 1927 بالساقية الحمراء، أحد اعضاء جيش التحرير الذي شهد فترة النشأة تم كيف تفكك هذا الجيش.

القصة ستعرضها جريدة بناصا كاملة، حول جيش التحرير الجنوب من التأسيس الى التفكيك!

عند نقطة الحدود الأخيرة، وأثناء الاستعداد لدخول المنطقة الفرنسية، تدارسنا بشأن الخطوة القادمة. وكان أمامنا معسكر فرنسي فيه حوالي 200 جنديا ما بين المجندين الموريتانيين والنصارى عند “قلب” اسمه “عكي” (القلب بالكاف المعقودة يطلق على جبل منعزل رأسه حادة)، والمعسكر الفرنسي يقع في المنتصف بيننا و بين القاعدة الجوية التي ننوي مهاجمتها.

فنحن تجمعنا عند “أكلاب” (جمع قلب) “آنويشلات” داخل المنطقة الاسبانيةعلى بعد أقل من 50 كلم من القوة الفرنسية عند “عكي”.

وكنا نعلم ان الفرنسيين على علم مسبق بتحركنا نحوهم. و قواتهم مستعدة على الحدود.

تجادلنا حول كيفية التعامل مع المعسكر الفرنسي أمامنا، و كان رأي الصحراويين أن نحتل المعسكر أولا، و لا نتركه خلفنا فيلتفون علينا. بينما رأى القادة أن المعسكر الفرنسي موجود في أرض مفتوحة وعند مهاجمته سيهاجمنا الطيران و ليس هناك مكان للاختباء. ورجح رأي القادة.

فقد انطلقنا من معسكرنا ونحن نعلم أن مهمتنا عالية الخطورة، وأن الهدف هو ضرب القاعدة الجوية في أطار. ولذلك رجح رأي القادة. رغم علمنا أنه بمجرد تجاوز معسكر “عكي” سنصبح بين فكي كماشة (القوة الرئيسية للفرنسيين في أطار و معسكر عكي الذي سنتركه خلفنا) وبينهما حوالي 70 كلم.

فكان علينا أن نجازف بالتسلل إلى أقرب نقطة من “حيط آدرار” (السلسلة الجبلية التي بنيت عليها مدينة أطار)، و عبر الجبل يمكننا التنقل متخفين حتى نصل القاعدة المقصودة.

واتفقنا ان نعبر تلك الليلة الأرض المفتوحة التي تفصلنا عن الجبل بأي ثمن.

انقسمنا الى مجموعتين واحدة توجهت الى منبع “توجنين” و الأخرى الى “نْوار” و هما بئرين في الجبل أمامنا. وفي الصباح نقرر الخطوة اللاحقة.

اعطوا تلك الليلة تعليمة بأن من عجز جمله يركب مع أحد رفاقه. و توصية أخرى لم نحتج لها بفضل الله. مفادها أن من تعطل في الطريق اقتلوه حتى لا يشيء بكم.
.
كان تحتي تلك الليلة جمل اسميته “اللفعة” من يوم استبدلته بالجمل “أراج” الذي كان معي يوم التحقت بالجيش.

كان جمل متوسط الصحة. ما بين “سداس” و “كارح” (تسميات لأعمار الابل). اختاره لي الرجل الذي كان يرعى جمال الجيش مذ كنا في الساقية الحمراء من مجموعةجمال اشتراها الجيش حديثا في ذلك الوقت.

وقد استغربت كيف يريدني أن أبدل جملي الشاب بجمل عجوز.

فقال لا عليك. هذا الجمل أفضل من جملك وكل الجمال الأخرى. اهتم فقط بعلفه. وكنت دائما أسرق له العلف في الليل.

ومن يومها أسميته “اللفعة” (الافعى)، فبسبب كبره في السن عند الجري يدفع ببدنه الى الأمام بشكل متقوس.
تلك الليلة اعطيته العلف. و حزمت متاعي. و نزعت “خزامتو” خطامه. وانطلق بي وكان في المقدمة. وكنت أول من وصل إلى “الباطن” (الجبل).

أصبحنا على مجموعتين. مجموعة عند “توجنين” و مجموعة شمالنا عند بئر “نوار”. وهو المورد الذي تشرب منه “صنكة” (معسكر) النصارى المتواجد عند “عكي” خلفنا.

في الصباح (14 فبراير 1957) أرسل النصارى في معسكر “عكي” واردهم لجلب الماء من بئر “نوار” الذي تمركزت قربه إحدى فرقنا فجر ذلك اليوم.

كانوا أربعة في سيارة: “صندريين” (مجندين موريتاني) و نصرانيين (جنديين فرنسيين). توقفوا عند البئر.

وبينما انشغل المجندان الموريتانيان بتعبئة سقايتهم. كان الفرنسيان يتجولان في الأرجاء يراقبان الآثار. و قد إكتشفوا آثار حديثة كانت لجمالنا المخبأة في الجبل قريبا من البئر.

تقدما يحملان أسلحة من نوع (36) يقصان الأثر حتى و قفا على جمال فرقتنا و كانت ما تزال برواحلها.

وللحكاية بقية…

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي