يحكي السيد سلمة بن سيدي مولود بن إيراهيم المقاوم الصحرواي، والعضو السابق في جيش التحرير جنوب المغرب، فصولا من حياته حول تأسيس جيش التحرير، حيث يقص لجريدة “بناصا” أهم الأحداث التي شهدها وعاشها عن كثب.
ويعتبر السيد سلمة بن سيدي مولود بن أبراهيم، والمولود عام 1927 بالساقية الحمراء، أحد اعضاء جيش التحرير الذي شهد فترة النشأة تم عاصر تفكك هذا الجيش.
في رجوعهما بعدما اكتشفا جمال الفرقة التي تمركزت قرب بئر “نوار”، أطلق الجنديين الفرنسيين طلقات نارية صوب الجبل.
مباشرة بعد إطلاقهم تلك الرصاصات، رد عليهم عناصر من فرقتنا فأردوهما قتيلين. احدهما أصيب بسبع رصاصات والآخر بثمانية.
ولما سمع المجندين الموريتانيين الذين يسقيان عند البئر اطلاق نار كثيف، بادر أحدهما بالفرار، فأصابه احد المقاومين بطلقة على الذراع. و واصل الفرار بعد ان أمرت القيادة بتركه ينجو لأنه مسلم. أما صاحبه فقد قفز في البئر و ترك هو الآخر حيا.
بعد الحادثة مباشرة تصرف قائد الفرقة بحكمة و حنكة، و امر بالإنسحاب فورا من ذلك الموقع. فقد كان يعلم ان المجند
الموريتاني الذي أصيب و سمحوا له بالفرار، لن يتأخر في الوصول الى معسكره. و ستاتي قواتهم قريبا لمهاجمتنا.
و كان الامر كما توقع القائد. ففي ظرف ساعتين او ثلاثة، ظهرت “اصفيرات” (إسم الطائرات الحربية)، و بدأت تقنبل منطقة البئر.
تبعها تقدم قوة برية من معسكر “عكي” الذي الذي تركناه خلفنا البارحة، نصبت مدفعيتها من مكان قريب للبئر، و بدأت في قصف الجبل الذي يتوقعون أننا نختبىء فيه.
استمر قصف الفرنسيين لتلك المنطقة على مدار يومين. و كانت فرقتنا التي بدات الاشتباك قد انسحبت جنوبا إلى موقع أكثر تحصينا في الجبل اختبئوا فيه. بينما بقية الفرق كانت عند بئر “توجنين” البعيد نسبيا إلى الجنوب من منطقة القصف.
في الليل اجتمعت جميع الفرق. وأكملنا المسير عبر الجبل نحو “أطار”، رغم انكشاف أمرنا.
وفي ساعة متأخرة تجمعنا في مكان آخر من الجبل، تمركزنا فيه في انتظار مواصلة المسير في الليلة التالية.
مع انبلاج صبح يوم 15 فبراير 1957، أنزلنا الاحمال عن الجمال و تركناها تستريح في واد غير بعيد. و لم نلبث طويلا حتى اكتشفتها الطائرات و بدأت في قصفها.
وفي لحظة واحدة فقدنا جميع مراكيبنا، بين ما قتل في القصف و بين ما شرد. و بقيت الرواحل و المؤن على الارض و”تسوفرن” (الحقائب) مكتنزة. فالكثيرين منا يحملون “دراريع” (لبسة رجالية صحراوية) كانوا ينوون صباغتها في “أطار”.
هاها..ها (ضحك). الدنيا عجيبة!!!!
رغم أننا فقدنا جميع جمالنا، و مطاردين من خلفنا، والطائرات تجوب سماء الجبل بحثا عنا، لم نيأس من إمكانية تحقيق مهمتنا وضرب القاعدة الجوية في “أطار”، ولم لا احتلال المدينة، وأغلبنا جاء محملا بـ”دراريع” يريد صباغتها في سوقها.
في الليل أبقينا عشرة مقاومين يحرسون الرواحل و المؤن يقودهم المجاهد “ولد السوداني”. وكانوا وكنا متيقنين أن احتمال سلامتهم ضعيف، لكن حتى تلك اللحظة كانت العزائم قوية. أما بقيتنا فحملنا أسلحتنا وما استطعنا من ذخيرة، وواصلنا المسير على الاقدام نحو “أطار”، و ضربنا موعدا للالتقاء و التجمع عند “كدية” “تنزاك” المطلة على أطار.
تعليقات الزوار ( 0 )