بعد عودته إلى المغرب منذ عشر سنوات قادما من المملكة العربية السعودية، عقب الضجة التي أحدثتها فتوى له دفعته إلى الهجرة، وما تلاها من مواقف داعمة لحزب العدالة والتنمية تارة وحزب الأَصالة والمعاصرة تارة أخرى، اختفى الشيخ المغراوي الرجل الأول في التيار السلفي بالمغرب عن الأنظار خلال الاستحقاقات الانتخابية الحالية.
ففي الوقت الذي دعم حزب العدالة والتنمية سنة 2011، والأصالة والمعاصرة والاتحاد الدستوري خلال انتخابات 2015، لم يصدر أي موقف للمغراوي رئيس جمعية الدعوة إلى القرآن والسنة بخصوص التيار والحزب، الذي يمكن أن يسانده أنصاره وأعضاء التيار السلفي في انتخابات يوم 8 شتنبر الجاري، سواء التشريعية أو الجهوية أو الجماعية.
غابت التواصل بين قيادة حزب الأصالة والمعاصرة والعدالة والتنمية مع الشيخ محمد المغراوي بسبب “عدم استقرار الفقيه على رأي ولا يمكن الوثوق فيما قراراته التي تميزت بالتذبذب”، يقول مسؤول حزبي في حديث مع جريدة “بناصا”، مضيفا أنه تارة دعم حزب العدالة والتنمية ثم الأصالة والمعاصرة، وتارة المرشح السابق في حزب الاتحاد الدستوري عبد المجيد الدمناتي، إضافة إلى صديقه عبد العزيز بن الدريوش، الذي حط الرحال في هذه الانتخابات في حزب الاستقلال، ودعمه الشيخ خلال ترشحه في لوائح الحركة الشعبية.
سبق للمغراوي أن التقى بمصطفى الباكوري، الأمين العام السابق لحزب الأصالة والمعاصرة، وفاطمة الزهراء المنصوري، عمدة مدينة مراكش، ورئيسة المجلس الوطني لحزب “البام” وأبديا “رغبة في معرفة رأينا في بعض القضايا”، يقول المغراوي، مشيرا إلى أنهما عبرا عن “احترامهما لشخصنا وما نقدمه من خدمات لهذا الوطن وللساكنة المراكشية”.
فاطمة الزهراء المنصوري، رئيسة المجلس الجماعي لمراكش خلال زيارتها رفقة الباكوري أهدت للشيخ المغراوي في تلك الفترة هدية عبارة عن مصحف للقرآن الكريم. لكن مناسبة هذه الهدية بقيت مجهولة حتى بالنسبة لمقربي المغراوي، غير أن حماد القباج، أحد المقربين من الشيخ لمح إلى أن قادة “البام” حاولوا استصدار فتوى من المغراوي تدعم “البام”.
واستغربت مصادر من داخل تنظيم المغراوي، من التناقض الصارخ بين “مواقف وإرادات” قادة حزب “الجرار”، الذين أعلنوا منذ بداية تأسيس حزبهم عن محاربة التنظيمات الإسلامية، وهو ما ينم عنه تصريح محمد المهدي الكنسوسي، البرلماني السابق عن حزب “التراكتور” بينما يطلب قادة آخرون لقاء المغراوي وتقديم هدية له.
اصطفاف الشيخ المغراوي إلى جانب مرشحي حزب الحركة الشعبية والاتحاد الدستوري والأصالة والمعاصرة خلال آخر انتخابات ورد فعل وزارة الداخلية من هذا التحرك يبدو أنه شكل للرجل الأول في التيار السلفي “رسالة” استوعبها بشكل واضح، واتخذ قرار التواري عن الأنظار، وأخذ مسافة من جل الأحزاب السياسية، وعدم دعوة أنصاره وأعضاء جمعيته إلى مساندة حزب معين أو على الأقل دعوتهم إلى التصويت، غير أن التحول الذي حدث في موقف السلفيين الذين صاروا فئة مصوتة مندمجة في الدينامية السياسية جعل قرار التصويت والمشاركة في الاقتراع موقف محسوم.
بعد جولات مارطونية، مرر فيها رسائل دعم لفائدة مرشحي الحركة الشعبية، والاتحاد الدستوري، والأصالة والمعاصرة، قررت السلطات المحلية بمراكش منع محمد المغراوي، من تأطير مهرجان خطابي حول المشاركة في الانتخابات الجماعية والجهوية. التعليمات الصادرة عن عبد السلام بيكرات، والي جهة مراكش أسفي الأسبق، ألغت ندوة كانت سيؤطرها الشيخ المغراوي، تحت عنوان “المشاركة في الاستحقاقات المقبلة، بين المدلول الشرعي والواجب الوطني”، حيث قام قائد وباشا منطقة الحس الشتوي (ليفيرناج) بإزالة اللافتة، التي كانت معلقة على واجهة المسرح الملكي، تعلن عن تنظيم الندوة المذكورة، قبل أن يتم إخبار المغراوي والقائمين على النشاط السياسي بقرار المنع.
اليوم لم يصدر أي موقف من الشيح محمد بن عبد الرحمن المغراوي بخصوص من الأحزاب، كما أنه لم يخبر الصحافة بمكان انتخابه. غير أن المتصفح لموقع الجمعية المغربية للدعوة للقرآن والسنة لا يكاد يجد أي موضوع عن الانتخابات أو الاقتراع اليوم. وإلى حدود كتابة هذا السطور يبث الموقع محاضرة عن الأخوة ودورها في تماسك المجتمع، وبالتالي فالسلفيين اليوم بعيدين عن السياسية قريبين من الدين.
تعليقات الزوار ( 0 )