ناقش الطالب الباحث إلياس الهاني، صباح يومه الإثنين 13 نونبر 2023، برحاب كلية الآداب والعلوم الإنسانية بمدينة وجدة، أطروحته لنيل شهادة الدكتوراه حول موضوع “المشروع النهضوي عند محمد بن عبد الكريم الخطابي: معالم في الرؤية والمنهج“.
وتكون اللجنة العلمية من كل من امعاريج نزيهة؛ أستاذة التعليم العالي، رئيسا ومقررا، وعبد العزيز فارح؛ أستاذ التعليم العالي، مشرفا، ومحمد بنعمر؛ أستاذ التعليم العالي، مقررا، والميلود كعواس؛ أستاذ مؤهل، مقررا.
وعرض الطالب الباحث، في مستهل أطوار المناقشة، تقريرا بسط فيه الإطار العام لموضوع البحث الذي يرصد الأسس النهضوية عند محمد بن عبد الكريم الخطابي باعتباره أحد أهم أعلام النهوض الحضاري في المغرب، من خلال تتبع المسار الذي عرفته إشكالية النهوض، وهو رصيد ضخم من الأفكار والرؤى والتصورات والقيم والاتجاهات التي تجسد مقاربة لما واجهه المغرب من ضخامة التحديات وتزاحم المشكلات.
وانتقل الهاني بعدها، إلى إبراز الإشكالية المركزية المؤطرة لأطروحته والمتعلقة بالعمل على تسليط الضوء على معالم الرؤية والمنهج المنبثق من مجموع الإنتاج الفكري للخطابي، المجموع في الكتابات والرسائل والمحاضرات والمواقف ومقدمات الكتب والدروس والتصريحات والحوارات والمذكرات، من خلال تفكيك النسق العام الذي أظهره في التسيير والتدبير والتنفيذ والتنظيم والتحرير في مختلف المجالات والمسارات التي عرفتها حياته.
وحرص الهاني، على الانطلاق، خلال مناقشته، من نشأة الخطابي بأجدير، وترعرعه فيها، مرورا بمرحلة طلب العلم بكل من تطوان وفاس وانتقالا إلى مليلية وأثناء قيادته للحرب التحريرية مرورا بالإقامة الجبرية بجزيرة لارينيون وانتهاء باستقراره بمصر ووفاته بها، مع ما رافق ذلك كله من استجماع الشروط واستنهاض النفوس وتغيير الأفكار والبحث المستمر والأساليب المتجددة لتحقيق المنجزات التي راكمها وحل المشكلات التي واجهته، وهو ما أضفى، حسب الطالب الباحث، “بعدا حضاريا لتجربته أثمرت قواعد وأسس ومرتكزات وشروط للنهضة تسهم في الخروج من المآزق التي عرفتها البلاد في حينه سواء ما تعلق بالجانب الفكري والتصوري أو الجانب العملي المنهجي، مجسدا في الآن ذاته منجزات ومظاهر متعددة متميزة عن سابق الحال”.
ومن أجل مقاربة هذه الإشكالية، طرح الباحث أسئلة عامة مرتبطة بمسألة النهوض الحضاري بالمغرب، من قبيل: كيف تلقى الفكر المغربي النهضة الأوربية الحديثة؟ وما هي التجليات الفكرية والعملية التي انعكست لمواجهة إفرازات هذه النهضة؟ وما الظروف والملابسات والحيثيات التي لامست بروز أعلام النهوض بالمغرب؟ ما مدى قوة مرتكزات النهضة الفكرية في مشروع محمد بن عبد الكريم الخطابي؟ وما هي تجليات ذلك وانعكاساته العملية؟ كيف واجه الخطابي قضية تصريف مظاهر الاستنهاض في الواقع العملي المتصف بالتخلف والركود والتبعية للمركزية الأوربية؟ على ماذا تتأسس نهضة الخطابي في جانبها النظري؟ وما مستنداتها الحضارية والسياسية والاجتماعية؟ هل استطاع الخطابي الانتقال بالرؤية النهضوية إلى مساق التطبيق العملي؟ وما التجليات التي تؤكد بروز ذلك؟
ولمناقشة هذه الإشكالية، وما يتفرع عنها من أسئلة، قسم الطالب الباحث الأطروحة إلى ثلاثة أبواب؛ أولها يتعلق ببحث سؤال النهضة في الفكر المغربي الحديث، أما الباب الثاني، فقد استقرأ الرؤية النهضوية عند الخطابي، بينما تم تخصيص الباب الثالث لدراسة المنهج النهضوي عند الخطابي. وقد تعددت مصادر البحث ومراجعه حيث بلغت 459 مصدرا ومرجعا نظرا لطبيعة الموضوع.
وخلص الهاني في بحثه إلى إمكانية النظر إلى الخطابي “باعتباره معبرا عن رؤية نهضوية ناظمة للفكر والعقل والنفس ومجسدا لمنهج سلوك عملي يستقبل المعارف التي تنفتح عليها البشرية ليستثمر ذلك في الانشغالات والتطلعات المستقبلية، فقد استطاع بطريقته الخاصة أن يفهم العالم ويدرك آليات اشتغاله، وهو تبعا لكل ذلك أبدع مفاتيح لولوج عالم الحضارة”.
وبعد انتهاء الطالب الباحث، من عرض ملخص أطروحته، تفضلت رئيسة الجلسة العلمية بفتح باب المداخلات أمام اللجنة العلمية، التي نوه أعضاؤها بالقيمة العلمية لهذا العمل البحثي، معتبرين إياه بحثا جديدا في قضية النهضة عند الخطابي، ومقدمين ملاحظات منهجية وأخرى موضوعية تهدف إلى تجويد البحث وارتقائه والرفع من قيمته.
وفي ختام المناقشة، وبعد المداولة، قررت اللجنة قبول الأطروحة، ومنح الطالب الباحث إلياس الهاني، لقب دكتور في الآداب والعلوم الإنسانية، تخصص الفكر الإسلامي بميزة مشرف جدا.
تعليقات الزوار ( 0 )