تعتبر حوادث السير المميتة في صفوف راكبي الدراجات النارية من الحوادث الأكثر ارتفاعا في عدد القتلى من مستعملي الدراجات بمحرك بين سنتي 2015 و2022 وبهذا الصدد .أكد محمد عبد الجليل، وزير النقل واللوجيستيك، خلال ترؤسه أشغال الدورة الثامنة من المجلس الإداري للوكالة الوطنية للسلامة الطرقية، أن تحليل المعطيات الإحصائية لحوادث السير الجسمانية وضحاياها برسم سنة 2022 مقارنة مع سنة 2021 وسنة 2015 – باعتبارها سنة مرجعية- يبين أن مؤشر الوفيات حسب الفئات يتطور في المنحى الإيجابي، باستثناء مؤشر مستعملي الدراجات النارية انتشار سياقة الدراجات النارية في المدن المغربية
عرفت شوارع العديد من المدن المغربية في السنين الأخيرة تزايد عدد الدراجات النارية بمختلف أشكالها خاصة الأسيوية الصنع نظرا لرخصها وسهولة التنقل بها في الشوارع المكتظة . فالدراجات النارية سواء كانت ذات صنع صيني أو تيواني، من قبيل «سانية، سي 50، ريبرو 33، دوكير»، «وكيمكو وسيم سامفوني أو أوغبيت، أو فيديلتي» وغيرها، عرفت اقبالا كبيرا وغير مسبوق، حيث إن أغلب البضاويين يرغبون في اقتناء دراجة اقتصادية لربح الوقت في شوارع الدار البيضاء، التي باتت مختنقة ومكتظة، بكثرة الأشغال، خاصة في الشوارع الرئيسية، كما أن الدرجات النارية الحالية هي اقتصادية من حيث الاستهلاك وعملية في شوارع مزدحمة. كما أن انتشار محلات الأكل السريع دفعت العديد من الشباب لاقتناء هذا النوع من الدراجات لتوصيل أكلاتها مقابل عمولة الشيء الذي يجعل العديد منهم يسوقون بسرعة جنونية مستعملين هواتفهم المحمولة غير آبهين بالتوقف أمام إشارات المرور أو احترام أي بند من بنود قانون السير.كما تعتبر الدراجات النارية وسيلة نقل لا غنى عنها بمراكش التي تعد أشهر مدينة سياحية بالمملكة، فشباب وشيوخ ورجال ونساء يركبون هذه الوسيلة بالمدينة التي اُشتهرت بأنها “عاصمة الدراجات النارية” ، إذ لا تخلو إحدى منازلها من دراجة، فالشباب يذهبون بها إلى مؤسساتهم التعليمية، وكذلك على متنها الموظفون والعمال والتجار والمهنيون يتنقلون إلى أعمالهم، وأرباب الأسر والنساء يستعينون بها في قضاء مآربهم الخاصة والعائلية. ولعل تقاطع الطرق بمحاذاة مسجد الكتبية التاريخي، وساحة جامع الفنا الشهيرة عالمياً ، يظهر عددا كبير من الرجال والنساء فوق الدراجات النارية، وكأنهم خلية نحل لا تتوقف حركتهم ذهاباً وإياباً.. وغير بعيد من هذا المكان، الذي يعتبر قلب المدينة النابض، يصطف العديد من المواطنين أمام محطة الوقود في طابور طويل، قل نظيره في ربوع المملكة.إذ أن المدينة معروفة باستعمال هذه الدراجات على الصعيد الوطني ، وتساعدها على ذلك الطبيعة الجغرافية للمنطقة الخالية من المرتفعات”.وثمنها المنخفض مقارنة مع السيارات، إذ أن العديد من الأسر المراكشية التي لا تقدر على اقتناء سيارات، تلجأ إلى هذه الوسيلة، بعدما تم التخلي عن الدراجات الهوائية التي كانت وسيلة التنقل لأغلب المراكشيين في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي.وبالتالي فإذا كان التنقل عبر هذه النوع من المركبات بات شائعا في أغلب شوارع مدن المملكة ،فقد نجم عنه في نفس الوقت ارتفاع ملحوظ في نسبة الحوادث التي يسببها سائقوا هذا النوع من الدراجات ، إذ ترتفع حوادث السير المميتة في صفوف راكبي الدراجات النارية بشكل مخيف عكسته الأرقام الرّسمية التي أكدت على ارتفاع عدد القتلى من مستعملي الدراجات بمحرك بين سنتي 2015 و2022 بنسبة +31.1 في المائة. فقد أشارت الوكالة الوطنية للسلامة الطرقية ، إلى تسجيل 1389 حالة وفاة في صفوف مستعملي الدراجات في خلال سنة 2022، مبرزة أن 78 في المائة من مخالفات عدم احترام الضوء الأحمر ارتكبت من طرف سائقي الدراجات النارية.
-سائقوا الدراجات النارية خارج قانون السير
أثار الحادث المروري الذي نجم عنه وفاة أحد مستعملي الطريق وإصابة فتاتين بجروح بليغة بأحد شوارع مدينة الدار البيضاء وقبيل أذان عشة يوم من أيام رمضان اهتمام الرأي العام المحلي والوطني حول تزايد حوادث السير التي أصبح يتسبب فيها راكبوا الدراجات من الشباب واليافعين بسبب عدم احترامهم لأدنى قواعد قانون السير، ويظهر ذلك بالخصوص من خلال ظاهرة عدم ارتداء الخوذة الواقية . وهكذا أبرز المرصد الوطني للسلامة الطرقية، أن ضحايا حوادث السير في صفوف عديمي الحماية، وهم الراجلون وأصحاب الدراجات بجميع أنواعها، شكلوا في إحصائيات سابقة ثلثي قتلى حوادث السير (68.8 في المائة)، أي حوالي 2537 قتيلا من إجمالي 3635 قتيلا إثر حوادث السير. مضيفا أن أغلب حالات الوفيات في صفوف هذه الفئة تكون ناتجة عن عدم استعمال الخوذ الواقية، باعتبار أن الإصابات التي تستهدف الرأس مميتة، وإن كانت الحادثة ناتجة عن مجرد سقوط عرضي. فقد أشارت الإحصائيات، إلى أن 42 في المائة من سائقي الدراجات بجميع أنواعها لا يرتدون الخوذة، بينما لا يضعها إلا 32 في المائة فقط من الراكبين خلف السائق.من هنا أكد محمد عبد الجليل، وزير النقل واللوجيستيك ، خلال ترؤسه أشغال الدورة الثامنة من المجلس الإداري للوكالة الوطنية للسلامة الطرقية، أن التقليص من ارتفاع الوفيات في صفوف مستعملي الدراجات النارية يستوجب اتخاذ مجموعة من الإجراءات الكفيلة بحماية هذه الفئة من مستعملي الطريق وذلك بتسريع المخطط المندمج “الدراجة الآمنة” الذي يشمل مجموعة من التدابير والإجراءات الرامية إلى تحسين شروط السلامة الطرقية الخاصة بمستعملي الدراجات بشتى أصنافها، باعتبارها فئات عديمة الحماية، وعلى وجه التحديد تعميم استعمال الخوذة الواقية واحترام قواعد قانون السير.
وبصدد هذه النقطة الأخيرة ، يبدو أن سائقي الدراجات النارية بكل أصنافها لا يستوعبون بأنهم معنيون بقانون السير الذي لم يوضع في نظرهم إلا لمستعملي السيارات وسائقي الدراجات النارية الضخمة. ولعل مما يزيد من تكريس هذه الفكرة لديهم هو عدم تفعيل بنود قانون مدونة السير على الطرق و المحينة بتاريخ 11 غشت 2016 و الذي يتحدث في قسمه الأول الباب الثاني عن أنواع رخص السياقة التي توجد بالمغرب بعد ان أقر في الباب الأول بإلزامية توفر جميع المركبات ذات المحرك على رخص سياقة و يدخل ضمنها جميع أنواع الدراجات النارية سواء كانت صغيرة أو كبيرة بالسرعات أو بدونها. إذ أن غياب هذا التفعيل القانوني والاجرائي يشجع سائقي الدراجات النارية على عدم تطبيق قانون السير سواء كانت إشارة ضوئية أو علامات الوقوف أو التوقف ، أو التجاوز في الخط المتصل …على اعتبار أن قانون السير قد وضع فقط لأصحاب المركبات ذات المحرك وليس للدراجات ذات العجلات. من هنا ضرورة إصدار قانون يفرض عدم سياقة أي دراجة نارية كيفما كان صنفها في الشوارع والفضاءات العمومية إلا بعد حصول صاحبها على رخصة السياقة AM الخاصة بالدراجات النارية . وهذا يقتضي بالطبع أن يتم فتح مراكز خاصة لتعليم السياقة على هذا النوع من الدراجات لفترة لا تقل عن أربعة أشهر يتم فيها ليس فقط التدرب على السياقة بل أيضا تلقين البنود الخاصة باستعمال الطريق حتى يستوعب سائقوا وسائقات الدراجات النارية بأنهم ليسوا خارج نطاق قانون السير الذي يسري عليهم كما يسري على سائقي السيارات وباقي المركبات ذات المحرك .بالاضافة إلى ضرورة إلزامية مساءلة الشركات التي تتعامل مع سائقي دراجات التوصيل عن كل حوادث السير التي يتعرضون لها .فحمل هؤلاء السائقين لاسم أية شركة يجعلها مسؤولة عن تحركات هؤلاء السائقين ومخالفاتهم للسير أو مختلف الحوادث التي يتسببون فيها . إذ أن هذا المقتضى سيساهم بلا شك في ضغط هذه الشركات على المتعاملين معها من السائقين على احترام قانون السير والتقليص من سياقتهم الرعناء بالشوارع والممرات العمومية.
تعليقات الزوار ( 0 )